Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/11/2008 G Issue 13188
الخميس 08 ذو القعدة 1429   العدد  13188
الأيادي البيضاء
د. إبراهيم بن محمد السماعيل

إنفاق المال قربة من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فإنه مع أعسر الأمور وأصعبها على النفس، وهو يسير على من يسره الله عليه، وأهل الإنفاق هم أصحاب الأيادي البيضاء الذين عم خيرهم لمجتمعهم وجعلوا من إنفاق المال مطية للآخرة طلباً لما عند الله مما وعد به أهل البذل والعطاء، أتتهم الدنيا راغمة لما أصلحوا نياتهم وأخرجوا حق الله في مالهم بلا منٍّ ولا أذى، عرفوا أن المال مال الله وأن الله هو الواهب له والمنعم به وأنه هو أحق من يُشكر وأن شكره يكون في بذل جزء من هذا المال في سبيله، تحرروا ببذلهم وعطائهم من عبودية هذا المال لما أصبح المال في أيديهم لا في قلوبهم، أصحاب الأيادي البيضاء هم شامة في جبين المجتمع، يفتخر الناس بمثلهم، البذل ديدنهم والإنفاق عادتهم وما نقص مالهم رغم كثرة بذلهم، بل زاد ونما وتبارك لأنهم أيقنوا بموعود الله وموعود رسوله صلى الله عليه وسلم (ما نقص مال من صدقه)، علموا أن اليد العليا خير من اليد السفلى وأن الباقي لهم ما قدموا وأما ما أخروا فهم لغيرهم، زرعوا ببذلهم الأمل في نفوس اليائسين، علموا أن الموت يقطع العمل فبذلوا من مالهم صدقات جارية يستمر من خلالها الأجر إلى ما شاء الله أن يستمر، فهم أحياء وإن ماتوا، وهم حاضرون وإن غابوا، يغبطهم الناس على بذلهم وإنفاقهم، آتاهم الله المال فسلطوه على هلكته في الحق، هم في مجتمعهم معالم شامخة وقمم باسقة، بمثلهم يفتخر، وعلى مثلهم تذرف الدموع، فقدهم خسارة لمجتمعهم، فهم زاد وصمام أمان، موتهم ثلمة للمجتمع وموت غيرهم تخفيف ورحمة.

- الرياض


imis1234@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد