Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/11/2008 G Issue 13188
الخميس 08 ذو القعدة 1429   العدد  13188

التوبة المزوَّرة!
قبلان محمد القبلان

 

أن يزور التوقيع وتزيف العملة فهذا أمر مفهوم ولكن أن تزور التوبة، وأن يرتدي المدمن قناع الندم والحسرة وأن ينهمر دموع التماسيح من عينيه فهذا أمر لافت للنظر ومثير للعجب.

فقد اندس ثلة من هؤلاء الافاكين في عنابر التائبين في السجن طمعاً في العفو والإفراج المشروط وأملاً بالهروب للتعاطي من جديد فأقسموا أغلظ الإيمان أنهم تائبون والله يعلم إنهم لكاذبون.. كذبوا على أنفسهم قبل غيرهم {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}، وظنوا أنهم ناجون من عقاب الله، وقد توعد المولى جل وعلا هذا الصنف الأثيم بعذاب أليم في الدنيا قبل الآخرة: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} وهو جزاء الخيانة: {وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ} فماذا كانت النتيجة؟ {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}الانفال 71. سيمكن رجال الأمن منهم ما لم يعاجلهم ملك الموت، سيفضحهم ولو بعد حين، ويمكر بهم {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ}، أما يوم القيامة، فإن العقاب وخيم {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} كالحة فيها عبرة ترهقها قترة.

عنابر التائبين تجربة رائدة وواعدة وإن تسلل إليها بعض المارقين، ولا يؤخذ التائب بجريرة الكاذب، بل إن لحظة الإفراج هي لحظة الاختيار وعندها تكشف الأقنعة: {لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً }الانفال - 37، سيجمع هذه الزمرة الفاسدة مع أقرانها في مستنقع واحد ليلاقوا مصيراً واحداً: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}، نقول للتائب الصادق: ذرهم يخوضوا ويلعبوا ولن يضرك من ضل إذا اهتديت، فأنت وإخوانك المخلصون لكم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة سيغفر الله لكم ويبدل سيئاتكم حسنات جزاء عطاء حساباً تمثل قول الشاعر:

أحب الصالحين ولست منهم

لعلى أن أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي

وإن كنا سواء في البضاعة

فأنت من الصالحين (بإذن الله) وبضاعتك ليست المعاصي بل الطاعات وسائر العبادات ما دمت على المنهج القويم والصراط المستقيم وفي رفقة صالحة، بينة طاهرة، امض مع السالكين ولا تلتفت للهالكين، كما قال تعالى لنبيه لوط عليه السلام: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}(65) سورة الحجر، باشر مع إخوانك التائبين ولا تعبأ بكل أفاك أثيم، {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ}.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد