Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/11/2008 G Issue 13201
الاربعاء 21 ذو القعدة 1429   العدد  13201
الكَتَبَة..
محمد الدبيسي

في ظاهرة كتَّاب الزوايا والأعمدة والتَّكايا في الصحف.. ما يشكل واحدة من مقاييس (الوعي)..واستبيان خيط دقيق للجهل المضمر في نسقه (الرفيع) الذي يصنِّف صاحبه أو صاحبته في مستوى لا يحسدان عليه من الدلالة.. على نوعية (القيم) التي يتوافر عليها أحدهما.. أو الجهل الذي لا يجد سنداً يشفع له سفوره الواضح والفاضح.. سوى إرادة (مهيمن) منحهما نافذة يطلان منها على الناس.. أو مكانة تميزهما عن العامة! مقالات تترى.. وحبر يسيل وأفكار تتوالد.. يتحفنا أصحابها بكل ما اهترأ منها.. حتى وإن كانت لا تعني سواهم..

** فمن (واحدة) تنقل لنا يومياتها الخاصة.. من شعورها (المختلف) ليلة زفاف ابنتها.. ومراسيم الاحتفال وتفاصيله.. وعدد المهنئات ودوافع كل واحدة منهن.. ما بين الصدق والمجاملة.. إلى (أخرى).. ادخرت حبرها.. واختزلت قضيتها (الوجودية) في المطالبة بمزيد من الامتيازات لأعضاء هيئة التدريس والأكاديميين بصنفيهم.. - وهي منهم - الذين تجاوزت عطاءاتهم وعبقرياتهم أسوار الجامعة.. لينقلوا المجتمع إلى عالم المعرفة والعلم والحرية..!

** إلى (عَلَم جهبذ).. تنعَّم بتميز وصفي (معالي سابقاً) يخط لنا سير رحلته والأسرة الكريمة إلى إحدى المدن.. وإحداثيات عائلية للمحطات والمطاعم التي مرَّ بها.. والأطعمة التي يخاف حساسيتها.. ودوافع الرحلة وأهدافها.. مُشبعاً حاجتنا الملحَّة إلى معرفة تنقلاته وأسفاره.. إلى (رابع) يوزع تحاياه على رفاقه وأصدقائه وندمائه الخلَّص.. وكلهم من أولى الطول واليسر والمكانة.. يمررها عبر أحداق قرائه.. مشفوعة بفحوى آخر اتصال تلقاه من (معالي الأخ الصديق).

** و(خامس) يكتب بذات الوعي والهم والأسلوب والمفتتح والخاتمة.. منذ ثلاثين عاماً..

ومن المعنيين بالشأن المحلي والعربي والدولي.. والثقافي والسياسي والاجتماعي.. وهو من المتيمين ب(الثوابت) بوصفه أحدها.. إذ ظلَّ ثابتاً لا يتزحزح.. خارجاً عن إطار نظرية النشوء والارتقاء.. على ذات مفرداته وأفكاره وهمومه الأولى لا يبرحها.. إلا لنقاش ما استجد من أحداث تتطلب رأيه ورؤيته مثل فوز أوباما والأزمة المالية العالمية..! و(سادس) يعزينا بفقدنا المؤقت لإطلالته البهية.. وقد حال دونها ظرف مفاجئ اضطره لإراحتنا من صفاقة أطروحاته.. وفهاهة نوادره.. وسابع وعاشر....

** مثل (هؤلاء).. ينطقون من احتشاد وقناعة راسخين.. بضرورة مفترضة لما يكتبون.. ومن فراغ قيمي سحيق يذكي فيه غريزة الشهرة أو الوجاهة المزعومة والحضور.. ومن وهمٍ مريع ومفرط بأهلية الكتابة.. وهُم آخر من يدرك مقتضياتها وآدابها..وأدبياتها.. ولايسوِّغ حضورهم سوى (علاقة أثيرة) بذاك المهيمن أو ذاك..!

** ولأن الزوايا والأعمدة التَّكايا التي تحفل بهؤلاء.. تجاوزت في مجموعها.. كل نسب مثيلاتها في أي صحافة أخرى.. فهم من (الظواهر) التي تكرس الجهل الشعبي.. وتعمل على تدني مستوى الوعي الجمعي الذي يمثلون اتجاهاً من اتجاهاته..

** و(هؤلاء).. يجتذبون نوعية من القراء.. يمرون على أسمائهم وصورهم وسطورهم.. كما يمرون على أي مشهد في مجلس خاص أو تجمهر فضولي في شارع.. أو طُرفة طائرة.. وهم - مقارنة مع كتابات وكتَّاب محترمين.. - يمثلون قيمة مضمرة.. فبهم نكتشف هول الفارق بين المجاني والنفيس.. والدنيُّ والمحترم - كتابة - وهم ضرورة تعكس طبيعة الواقع النوعي الذي يمثلونه.. وتقدم غسيله بكل شفافية..!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5215 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد