Al Jazirah NewsPaper Saturday  06/12/2008 G Issue 13218
السبت 08 ذو الحجة 1429   العدد  13218
نهارات أخرى
الصدق يمكث ولو بعد حين!
فاطمة العتيبي

قد يخدع الكاتب نفسه ويتلبس بلباس الإبداع،، وقد يلف كلماته بورق لامع يوهم الآخرين بكلماته ونقائها وصدقها،، ولكن ثمة على الطرف الآخر من لا ينخدع مطلقا،

هو القارئ،

فله ذاكرة هي أشبه بصحراء نجد حين يتهاطل عليها المطر،،

تقبل ماء كل السحائب،، وتفتح مساماتها لكل قطرات الماء،،

لكن،، ليس كل قطرة ماء ممرعة،،

وليست كل سحابة تحمل ماء منبتا،، محرضا على العشب والنماء،!!

ثم كلمات كثيرة تتساقط من أفواه الأقلام وتبتلعها ذاكرة الورق وتموت هناك دون أن يعلم بميلادها أو موتها أحد،،!

ثم أخبار كثيرة تراق على بياض الورق وليس لها نصيب إلا تسويد الورق بحبر المطابع،،

فهي لا تلامس قلبا ولا تحرك حسا،،

وهي حين تثور،، فهي كما الرياح المحركة للأتربة والغبار،،

تبعث على السعال وحسب،،!

** ويجهل بعض الكتاب إمكانات القراء ونوعياتهم ويظنون أن مجرد هطول ماء أقلامهم يعني أنهم شجوا القلوب وشقوا الجلد ووسموا العروق بأسمائهم،،

** ولو أدار بعض هؤلاء ذاكرتهم قليلا،،

مرت أسماء كثيرة سودت الورق وأسالت الحبر،، ولكنها رحلت دون أن تترك بصمة واحدة،، أو تجعل لها تميزا في الذاكرة،، لأنها في لحظة نرجسية ظنت أنها بلغت ذلك مع القارئ الفطن الذي لا يخونه ذكاؤه،

إن بقاء الكاتب في ذاكرة القارئ مرهون بتلك الخيوط السحرية التي تتسلل من قبل الأول لتنسج لها مكانا قصيا في قلب الثاني،، ومؤونة ذلك تحتاج إلى بياض قلب وكثير تواضع ودأب ومصداقية في العمل دون التعلق بدخان الأوهام التي تجعل من الورم شحما!

** ولقد حرضني على كتابة ذلك،، ما بعثته لي القارئة حصة سعود المطيري والتي تسألني هل يوفق كل الكتاب في احتلال مكانة هامة في قلوب القراء،؟! ولعلني أجبتها) 19-1-1998م

** هذا أول مقال بدأت به سلسلة النهارات الجزيرية قبل عشر سنوات من الآن وهو موجود على موقع جريدة الجزيرة الالكتروني، وكان اسم الزاوية (صوت الهزار).. كنت حينها مغرقة في الرومانسية والنظرة الحالمة للناس والحياة والإبداع.. وما لبثت أن أبدلته بعنوان آخر هو (نهارات أخرى) تفتيشا عن يوم آخر وحلما جديد أجابه فيه السكون والصمت.. لم أتخل في كل الأوقات عن فأل المؤمن فهو الزوادة التي لا تخون..

أنني اليوم أشك كثيرا في كون الكاتب يبقى لأنه أكثر صدقا.. وأن الذاكرة تحتفي بالكاتب الأكثر غمسا لدواته في جراح الناس.. مع أنني سأظل إلى أبد الدهر أؤمن بأن الزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض حتى لو لم يشعر به هؤلاء الناس إلا بعد حين.



fatemh2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد