Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/12/2008 G Issue 13233
الأحد 23 ذو الحجة 1429   العدد  13233
تجربة العرب مع أمريكا إلى أين؟ والعراق مثالاً!
محمد بن أحمد الشدي

بين ظلال الشك ونور اليقين بين الخيال والواقع الملموس يبحث المواطن العربي عن الطريقة الموصلة إلى بر الأمان بعيداً عن ما يدبر له وما يوضع في طريقه من مكامن الخطر وكله انتظار لما تأتي به الأيام بعد أن اتضحت نتائج معركة الرئاسة الأمريكية وأتى حصانها الرابح أوباما.. وهل هو أتى (بما مضى أم في ذلك تجديد)؟!

ونحن سكان هذا الشرق دائماً نفرح بالجديد لدى أبناء العم سام ثم يخيب ظننا ونصاب بالإحباط مع كل قادم من أي حزب هو!

لكن على أية حال لعل هذا الرئيس الجديد يدرك أن المملكة هي بيت العرب ومهوى أفئدة أكثر من مليار ونصف مليار نسمة من العرب والمسلمين وهي تمثلهم، بل لا بد أن يدرك العلاقة الوطيدة بين المملكة وأمريكا منذ أن التقى الملك عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي رزوفلت عام 1946م على ظهر الطراد الأمريكي في البحيرات المرة، وتذكر لنا كتب التاريخ أن الملك عبدالعزيز عارض روزفلت حين طلب منه الموافقة على إنشاء وطن لليهود في فلسطين ومع ذلك لم يظهر الرئيس روزفلت استخفافاً لدور المملكة، بل احترم وقدر للملك عبدالعزيز مكانته واعتزازه بأمته العربية والإسلامية، وقال: لقد تعلمت في دقائق من الملك عبدالعزيز ما لم أتعلمه من أي زعيم في العالم.

هل تحافظ الإدارة الأمريكية الجديدة القادمة على العلاقات السعودية الأمريكية القائمة على الاحترام المتبادل أم تذهب بعيداً في نصرة أعداء هذه الأمة؟! وفتح أبواب الشرق العربي لهم.



إن السؤال المطروح الآن هو ماذا تريد الإدارة الأمريكية وطاقمها الحالي وما بعده من المملكة والعرب؟! وهي تقوي أعداءنا من حولنا علينا.. هل المطلوب أن نشكرها على أفعالها!

إن المملكة وفية لعلاقاتها مع الدول الكبيرة أو الصغيرة ولكنها في نفس الوقت دولة قوية وعزيزة ولا يمكن أن تفرط في سيادتها أو تعطي قيادتها للآخرين أيا كانوا.. ولا أحد ينسى ما قاله الملك فيصل -رحمه الله- حين أرادت أمريكا ممارسة الضغط على المملكة والعرب حين قطعت المملكة البترول في حرب أكتوبر عام 1973م قال الملك فيصل: نحن مع الشقيقة مصر ونحن مع القضية الفلسطينية. وإننا على استعداد للعودة إلى (التمر والجمل) ولا نفرط بأي قضية عربية أو إسلامية ورددت البيت الشهير:

إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً

فما حيله المضطر إلا ركوبها

إن علينا أن نصمد أمام هذه الأخطار. إنها لكارثة عظيمة إذا كانت أمريكا تريد فعلاً أن تسلم إيران زمام الشرق الأوسط وتجعل إيران شرطياً في الخليج كما كان الوضع في عهد شاه إيران لكن هذه المرة تحت ذريعة نشر الديمقراطية والعولمة.

لقد بدأت أمريكا مهادنة إيران على حساب العرب، فبعد أن كانت تهدد إيران إن هي استمرت في مشروعها الخطير وهو إنتاج الأسلحة الذرية لكنها صمتت ولم تعد تهددها منذ فترة، ولم تفعل أكثر من سياسة العض على الأصابع والاحتجاجات العابرة حتى أنها -أي أمريكا- لم تدر العين الحمراء لإيران على لعبها بالنار في لبنان من خلال حزب الله، والمزايدة على العرب وربما جعلتها رأس حربة لها في هذه المنطقة الملتهبة!

وفي هذه الكلمة دعونا نرجع إلى الوراء قليلاً، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل دائماً هو يدق جرس الإنذار في الوقت المناسب، وفي وقت سابق سمع المراقبون السياسيون تصريحه الواضح وهو في الديار الأمريكية في نيويورك حول سيطرة إيران على معظم الأحداث في العراق، حيث قال: لقد سلمت أمريكا العراق لإيران على طبق من ذهب - أو حول هذا المعنى وفعلاً فقد اندفعت تلك المليشيات الشيعية المسلحة المدعومة من إيران تقتل الآلاف من السنة تحت سمع وبصر رئيس حكومة العراق الذي كان يحكم قبل المالكي والأخير يكمل المخطط الرهيب مما دفع المالكي المخلص لإيران! إلى عرض المعاهدة بين العراق وأمريكا على إيران فهو يعتبرها أهم طرف يجب أخذ موافقته وهو الذي سبق ووافق على دفع إيران بمئات (الألوف) من الإيرانيين إلى العراق والسعي لمنحهم الجنسية العراقية ليكون الشيعة في العراق هم الأكثرية وليحكموا العراق ويتحكموا به لمئة سنة قادمة، متذرعين بأن ذلك ينسجم مع الديمقراطية الوهمية التي جلبتها أمريكا، حيث أن الحكم في أي بلد إنما يكون للأكثرية حسب قوانين الانتخاب، وهذا معناه تذويب السنة وتغليب الشيعة عليهم ومحو الوجود السني في العراق تحت مقولات واهية، ومثل هذا الفعل يطرب إيران على وجه الخصوص ويجعلها مزهوة مستبشرة بمجدها الذي تراه يلوح في الأفق والذي افتقدته طويلاً ظناً منها أن الشرق العربي أصبح لقمة جاهزة لها وحدها! ومن أراد المزيد فعليه متابعة قناة المستقلة وما تطرحه في هذا الشأن بكل موضوعية. لكن بعض القيادات العربية بلا شك واعية لما يجري من ظلم على أرض العراق وما يعيشه من تمزق بين أنياب الطامعين في خيراته فهو يتفتت بين إيران والأكراد وتركيا! أما القوات الأمريكية فإنها خارجة لا محالة! والعرب بكل أسف يبتلعون الطعم ويرسلون السفراء ويعترفون بالأمر الواقع ولا يعيرون صيحة الشيخ يوسف القرضاوي كبير أهمية حتى لا يقال إنهم يشجعون الطائفية المذهبية.

لكن لنسأل بلداننا العربية: ماذا سيحدث لها جراء هذا المد الطائفي الذي يجري من حولنا؟!

لكن يبدو أن إيران تتأهب للحلول مكان أمريكا فعلاً بعد انسحابها من العراق.. ولكن الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها المملكة ومصر والأردن واعية لهذه المخططات الجهنمية التي ترمي إلى إشعال الحرائق في منطقة الشرق الأوسط وإعادتها إلى العصور الغابرة، وإلى نقطة الصفر واللعب على المتناقضات وما يحيط بهذا الشرق من مصائب وويلات!

وفي النهاية سوف تتكشف أمور خافية لما تخطط له القيادة الإيرانية الحالية من أجل إذلال العرب وسوف يدرك كل مخدوع بالنوايا الإيرانية عندنا في الخليج وفي الوطن العربي من أمثال ذلك الكاتب العربي الكبير الذي تحدث عبر محطة الجزيرة حديثاً متماهياً مع الأفكار الفارسية عندما رد على المذيع بقوله إيران ليست غريبة على المنطقة العربية فقد احتلت بلادي أكثر من مائة عام، وما (جراش حاجة)!

يا للهول ماذا أصاب هذه الأمة، إذا كان هذا الرأي يصدر من أحد قادة الفكر فيها؟ فقل علينا السلام ودعك من ذلك الجنرال العربي العجوز الذي يبحث عن السلطة ولو (في إيران) فهو قبل أيام كان يزور إيران ويمتدح جودة السجاد هناك بعد استلامه الذي (منه) والمعلوم!!! وكذلك مهزلة صغار الخفافيش الملتاثة ألسنتها التي تواجهنا صباح مساء عبر قنواتنا وهي تظن أنها مستترة وهي مكشوفة على الآخر وواضح كيف تدير الحديث لصالح طائفتها الضيقة التي كشفت عن نواياها.. سؤال أخير تجربة العرب مع أمريكا إلى أين والعراق مثالاً؟!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد