Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/12/2008 G Issue 13233
الأحد 23 ذو الحجة 1429   العدد  13233
أضواء
نجاح المالكي وفشل كرزاي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

اختيار أفغانستان والعراق كهدفين من قبل الإدارة الأمريكية التي على وشك الرحيل للرد على استهداف الأراضي الأمريكية ب(غزوات إرهابية) كالذي حصل في 11 سبتمبر، لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة دراسة أيدلوجية، فاستهداف نظام طالبان كان القصد منه تدمير التشدد الديني الذي كان تحالف طالبان والقاعدة يمثلان نموذجه الذي كان مصدرا للإرهاب الديني، فأفغانستان كانت في عهد حكم (طالبان - القاعدة) مصنع الإرهاب الديني.

أما العراق فكان وحسب القراءة الأمريكية وهي صحيحة إلى حد بعيد، هو معقل التشدد القومي، وبما أن السياسة الأمريكية تعتمد في نظرتها إلى مصالحها الحيوية على تحقيق هدفين أساسيين في المنطقة وهو تأمين الطاقة (النفط) من خلال الحصول عليه بأسعار معقولة وإبقاء طرق الإمداد سالكة وآمنة أما الهدف الثاني فهو الحفاظ على أمن إسرائيل كونها ليست دولة حليفة فقط، بل امتداد وممثلة للفكر والانتماء الغربي، ولهذا فإن الإدارة الأمريكية عندما شعرت بإمكانية تقارب وتفاهم بين نظامي كابول وبغداد، من خلال ظهور إشارات اقتراب صدام حسين من أسامة بن لادن والملا عمر، بعد أن رصدوا إشارات من بغداد تنبئ عن توجه ديني هدفه إغراء التيارات الدينية المتشددة سواء في كابل أو في الدول العربية الأخرى التي بدأت تظهر فيها قوى حزبية وسياسية تنتهج فكر الإسلام السياسي وهذه القوى الإسلامية المتحزبة نشطت لإيجاد صلات تنسيقية بينها وبين كل من كابل وبغداد وحتى طهران ورصد الأمريكان دوراً لما يسمى التنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين يعضد هذا التوجه وهنا تحركت قوى الضغط اليمينية في الحزب الجمهوري من المحافظين الجدد والقوى الصهيونية الأمريكية وأوربية فوجدوا في المعارضين العراقيين والذين كان جلهم من الشيعة ومن المعارضين الأفغان وأكثرهم من قبائل البشتون الذين ينحدر جميع قادة طالبان منهم، وهنا المفارقة ففي الوقت الذي استثمرت واشنطن العداء الطائفي بين صدام حسين ومعارضيه الشيعة، فإنها وظفت المعارضين الأفغان من نفس قبيلة قادة طالبان، ولعل هذا يفسر النجاح النسبي الذي حققته الإدارة الأمريكية في العراق وفشلت فيه في أفغانستان فبالنسبة للأهداف الرئيسية ضمنت واشنطن ومن خلال توقيع الاتفاقية الأمنية مع العراق الحصول على نفط جاهز تحت الطلب من العراق الذي يمتلك مخزونا هائلا للنفط إضافة إلى إخراج العراق من أية حسابات للقوى العسكرية في مواجهة إسرائيل، وأحبطت أي تنسيق أو تقارب بين محطات محور الشر التي كانت تسميها والمتمثلة في كابول وطهران وبغداد ودمشق وهذا جداً مهم لواشنطن أما بالنسبة للشق الآخر المتمثل بأفغانستان التي هي الآن مسرح لصراع الدول الكبرى التي تريد تأمين الأراضي الأفغانية وجعلها تحت السيطرة لضمان مرور آمن لأنابيب النفط والغاز المستخرجة من بحر قزوين وللشبكة التي ستربط روسيا ودول آسيا الوسطى وأذربيجان وباكستان وصولاً لمياه الخليج العربي، فأمريكا تريد السيطرة على أفغانستان لضمان وضع يدها على طرق الإمداد مثلما ضمنت تأمين مصالحها في العراق، وهنا يمكن تقييم نجاح نوري المالكي وفشل حميد كرزاي.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد