Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/12/2008 G Issue 13233
الأحد 23 ذو الحجة 1429   العدد  13233
نوافذ
التلميع
أميمة الخميس

صناعة النجوم في عصرنا الحالي أصبحت، حرفية تتطلبها العلاقة المركبة مع وسائل الإعلام، فكيفية، البروز ونوعية الحضور وتوقيته، قاموس المفردات وكميتها، الأردية والملابس والطرف والنكات التي تلقى تحت الأضواء وفي المحافل العامة، بل نوعية المناسبات التي يشارك بها النجم جميعها لم تعد تخضع للعشوائية والتلقائية، ولكن أضحت مرتبطة بشروط تبقي النجم تحت الأضواء بمقدار محدد بحيث يعرفه الجمهور ولكن بشكل، لا يحرقه أو يجعله مبتذلا ومملا للمشاهدين.

هذه الصنعة يشرف عليها عادة مديرو أعمال النجوم أو شركات العلاقات العامة، والتي بدورها تتفتق أذهانها كل يوم، عن أسلوب مختلف من الممكن أن يأخذ النجوم خطوة أبعد في طريق الشعبية الجماهيرية.

ومن بعض أساليب ما يسمى (التلميع النجومي)، هو انخراط النجم في بعض الأنشطة التي تأخذ طابعا، إنسانيا، كزيارة دور الرعاية والمصحات والمستشفيات، ولاسيما تلك المعنية برعاية الأطفال، فمشهد النجم وهو يتنقل بين الأطفال المرضى والأيتام يحتضنهم ويداعبهم مشهد، سيمنحه هالة تدعم نجوميته على المستوى الإنساني.

هذا ما يتعلق بالنجم، ولكن ماذا عن الأطفال أنفسهم اللذين تقتحم الأضواء فجأة خصوصية أحزانهم، ووحشة آلامهم، وتسحبهم بعنف أمام الأضواء كي تتحول وجوههم البريئة المعذبة إلى أسفنجة تلمع وتعطي البريق لنجم !!؟؟

توالينا الصور والمشاهد لنجوم بملابسهم الأنيقة وحقائب الماركة التي يتأبطونها، وشعورهم المصففة، وغترهم المكوية، وباقة ورد يتكئون عليها وهم يتجولون بين الأطفال، ونظرات الأطفال التي تتراوح ما بين الدهشة والخجل الفطري من الأضواء.

تختطفنا بحرقة وجوه الأطفال، نتتبع بها براعم، الطفولة المنتهكة باليتم والمرض وفلاشات نجوم أنانيين يتسولون الأضواء، على حساب أوجاعهم، ومديري أعمال ومديري علاقات عامة، ساذجين يحاولون أن يمرروا أعمالهم، الخاضعة لقوانين السوق الجشع والأناني.

قد يقول لي البعض إن الأضواء من الممكن أن تجذب الانتباه لتلك الفئة، وتجير لهم قلوب محبي الخير وفاعليه، ولكن ما نعرفه ونعقله، ونثق به في مجال عمل المعروف والإحسان، أن السائل والمحتاج لا ينهر من خلال توظيف حاجته لغرض شخصي أناني، وأن الصدقات لا تتبع بالمن والأذى، وأن الشمال لا تعلم بما وهبت اليمين، وأن فعل الخير والإحسان هو أسمى تجليات الإيثار ونكران الذات.

كم أتمنى أن تلتفت المؤسسات الخيرية والصحية إلى هذا الموضوع وتجعله ضمن ضوابط الخصوصية والسرية، لضبط من يستثمر العذابات والأحزان, حتى المنظمات الإنسانية والحقوقية، لابد أن ترفع موقفا ضد هذه الجولات المفبركة السمجة إلا بشروط من السرية وحفظ الكرامة الإنسانية، وستر الأجساد الضعيفة الصغيرة من أن تروج كمادة إعلانية..... لتلميع نجم.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد