Al Jazirah NewsPaper Friday  02/01/2009 G Issue 13245
الجمعة 05 محرم 1430   العدد  13245
حديث المحبة
نحن والهجرة
إبراهيم بن سعد الماجد

 

قبل 1429هـ سنة كانت (يثرب) تعاني من صراعات مستحكمة، ليس أولها الصراع الفكري بين الأنصار واليهود، وليس آخرها الاقتتال بين قبائل المنطقة المتصارعة على السيادة والقيادة، ولكن الذي أقف عنده في هذه المقالة بمناسبة العام الهجري الجديد الذي نسأل الله أن يجعله عام عزٍ ونصرٍ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عامة، ولنا في وطن الإسلام ومهده الأول خاصة، هذه البشرى التي فرح بها الأنصار يوم سمعوا ببعثته عليه الصلاة والسلام، وأنه عربي من قريش لا من اليهود الذين كانوا يتوعدون الأنصار بأن نبياً صفته كذا وكذا سيبعث وسيتبعونه ويقتلون الأنصار شر قتلة، فكان أن بعث محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، وكان أن كفر به هؤلاء الذين كانوا سبباً مباشراً في إيمان الأنصار برسالته كما تبين ذلك الآية الكريمة: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ}سورة البقرة (89)، أقف هنا لعلي والقارئ الكريم نستفيد من هذا الحدث العظيم الذي غيّر مجرى التاريخ، وأحدث للإنسانية نقلة فكرية وحضارية لم يسبق أن حصلت على مر العصور وتعاقب الرسالات والحضارات، وما ذلك إلا لكونها خاتمة الرسالات وأن لا نبي ينتظر بعد هذه البعثة المباركة.

أقف لنأخذ العبرة من إيمان الأنصار وكفر اليهود.. كفر اليهود وهم أهل علم ومعرفة ولديهم علم يقين بهذه البعثة وصدق هذا المبعوث، ومع ذلك كفروا من منطق دنيء وهو الحسد ليس إلا، حس اليهود بحقد وحسد كون هذا الرسول ليس من بني جلدتهم، فكان أن كفروا كفراً صريحاً أعلنوها مدوية في أرجاء المدينة أن لا إيمان بهذا الرسول الذي جاء من مكة وآمن به الأنصار. وبدأوا في خداعهم وكذبهم ومحاولاتهم المستميتة في زرع الفتنة وبث الشقة بين المسلمين ومحاولاتهم المتكررة قتله عليه الصلاة والسلام.

في حادثة الهجرة التي نتذكرها كأمة مسلمة بروح متوثبة لما لهذه الحادثة من أثر كبير في تاريخ دولة الإسلام، وما فيه من كشف وتعرية لمواقف وأهداف هذه الطائفة التي منذُ ذلك التاريخ وهي ضد أي شيء يمت لرسالة هذا الرسول العظيم بصلة، حقد وحسد وتربص بهذه الرسالة وهذه الأمة في ثبات خسيس عجيب، منذ 1429سنة وموقف هؤلاء لم يتزعزع قيد أنملة ضد هذه الدعوة وأهلها.

في حادثة الهجرة (لو) كنا أمة تقتنص الفرص كما يقال لاستفدنا من مرور هذه المناسبة كل سنة في تربية أنفسنا وأجيالنا من منطلقات هذا الحدث العظيم.

من مكة إلى المدينة كانت هناك دروس وعبر، وفي بدر وأحد ومؤتة، وهناك في تبوك تجلى أكثر من موقف وأكثر من درس لم يكن لهؤلاء المعاصرين فحسب بل تجاوزهم وامتد أثره إلى هذا اليوم، بل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفي خاتمة رحلته عليه الصلاة والسلام يوم كان فتح مكة وكان العفو الذي أذهل الأعداء يوم قال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) في رسالة للعالم أجمع بيّن أن هذا الدين لم ولن يكون دين إراقة للدماء ولا تصفية لحسابات مهما كان الجرح غائراً والألم كبيراً.

عشر سنوات من الهجرة إلى الفتح ومن ثم وفاته صلى الله عليه وسلم مليئة بالعبر والدروس التي حري بنا الاستفادة منها.. ولكن.. هل من حياة؟



almajd858@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد