Al Jazirah NewsPaper Friday  02/01/2009 G Issue 13245
الجمعة 05 محرم 1430   العدد  13245
فنان الكرة السعودية في الثمانينيات وأوائل التسعينيات (مبارك الناصر) يُقلِّب ل الجزيرة أوراقاً من دورات الخليج:
تقرير (سلطان) أضاع معالم الأخضر في (الأولى)..!!

 

إعداد: خالد الدوس

في عام 1390هـ - 1970م، أشرقت شمس أول بطولة خليجية شهدتها أرض العاصمة البحرينية (المنامة) بعد أن تحوَّلت الفكرة إلى واقع حقيقي وملموس انطلقت من صاحب الريادة والمبادرة الرياضية الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب آنذاك.. فقد تركزت أهداف ومكونات هذه الدورات الرياضية على إتاحة الفرصة لأبناء الخليج للتعارف والاجتماع وتوطيد العلاقات الأخوية بينهم تحت مظلة واحدة عنوانها المنافسة الشريفة والروح الرياضية العالية.. وأضحت بطولتها تدور في فلك التنظيم كل عامين لأنها ولدت لتبقى أثراً تاريخياً لأبناء الخليج.. وحين نتناول أبرز النجوم الذين شاركوا ضمن أول جيل للأخضر في الدورات الأولى لا بد أن يقفز اسم أسطورة الوسطى في الثمانينيات الهجرية (مبارك الناصر) الذي شارك في الدورة الأولى والثانية، وكان من نجومها وبشهادة كل من عاصر هذه الأحداث.

* (الجزيرة).. التقت بساحر الكرة بالجزيرة العربية ونجمها الكبير -سابقاً- (مبارك الناصر) ليسرد لنا أبرز ذكرياته ومشاركاته الخليجية نتناولها عبر الأحداث التالية:

البداية في المنامة

* يقول في بداية حديثه إن دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390 -1970م تمثل أول مشاركة رسمية لمنتخب المملكة حيث كانت مشاركاته في حقبة الثمانينيات الهجرية مقتصرة على إقامة لقاءات حبية وودية ضد بعض الفرق والمنتخبات الزائرة آنذاك.. طبعاً يُعتبر الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب آنذاك صاحب فكرة إقامة دورات الخليج.. وجاء اقتراح سموه الكريم لما لها من أهداف سامية وقيم نبيلة تنعكس على تنمية روح التعاون وتعزيز أواصر المحبة والألفة بين أبناء الخليج.. وهنا أحب أن أشيد بالدور الريادي الذي لعبه الأمير خالد الفيصل في تحويل فكرة إقامتها إلى واقع ملموس أسهم في إبراز نجوم ومنتخبات وصلت للعالمية.

سكينر قاد الأخضر

* بعد اعتماد أول دورة في البحرين.. أتذكر أن الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب أصدر تعميماً لجميع الأندية التي تم اختيار لاعبيها لتمثيل المنتخب في خليجي (1) بالمنامة.. للالتحاق بالمعسكر في بيوت الشباب بالمربع.. طبعاً عسكرنا بالرياض لمدة شهر ونيف بقيادة المدرب الإنجليزي (سكينر).. وأذكر أن المدرب أرسل مساعده (حسن سلطان) للكويت للوقوف على مستوى منتخبهم وتسجيل بعض النقاط الفنية وبالفعل سافر (سلطان) وحضر بعض اللقاءات الودية هناك.. وبعد عودته قدم تقريراً فنياً تضمن أن المنتخب الكويتي فريق متواضع ولا يملك لاعبين جيدين سواء كابتن المنتخب فاروق إبراهيم - رحمه الله- فشعرنا بعد هذا التقرير بثقة كبيرة كوننا كأفراد وعناصر سنكون الأفضل وتوقعنا أنه سيكون صيداً سهلاً.

الخبرة الكويتية

في لقاء الافتتاح الذي جمع المنتخب السعودي بشقيقه الكويتي كان أول لقاء رسمي له حيث دخلنا اللقاء بتشكيلة مكونة من أحمد عيد ونادر العيد وناصر الجوهر وعبد الله يحيى ويعقوب يوسف وفي الوسط.. سلطان مناحي وسعد الجوهر وفي الهجوم ساعد رزق ومحمد سعد العبدلي وسعيد غراب والنور موسى (مبارك الناصر).. ووجدنا (الكويت) فريقاً مختلفاً عما ذكر في تقرير حسن سلطان.. أتضح أنه يلعب كرة جماعية وبروح عالية.. لديه عناصر بارزة خصوصاً خط هجومه المكون من جواد خلف ومحمد المسعود ويقوده في الوسط النجم الكبير فاروق إبراهيم.. وأذكر أننا تقدمنا في أول ربع ساعة بهدف سجله زميلي محمد سعد العبدلي وهو بالمناسبة صاحب لقب أول هدف سعودي في دورات الخليج وليس النور موسى!! وتألق حارسنا العملاق أحمد عيد وحافظ على شباكه لينتهي الشوط الأول بتقدمنا بهدف يتيم!!

وفي الشوط الثاني اختلف أداء الأخضر وانعدمت الروح القتالية وتفكك الدفاع وتاه الوسط خصوصاً بعد أن أدرك الكويت هدف التعادل ثم تلاه الهدف الثاني من مهاجمه محمد المسعود ففقد اللاعبون زمام المباراة ليخطف مهاجمه السريع جواد خلف الهدف الثالث في أواخر عمر المباراة فخسرنا الموقعة الأولى بـ 3-1.. كانت مفاجأة كبيرة بحقنا خصوصاً أننا تفوقنا على الفريق المقابل في الشوط الأول وأهدر الغراب عدة فرص كانت كفيلة بخروجنا فائزين في الشوط الأول بنتيجة كبيرة ولكن!!

دعم خالد الفيصل

* أتذكر جيداً أن الأمير خالد الفيصل نزل -حفظه الله- بعد نهاية المباراة طالبنا بنسيانها وأن ننظر للمباراة القادمة ضد البحرين بصورة أفضل.. طبعاً شدني كثيراً في المنتخب الكويتي مهاجمة محمد المسعود وجواد خلف اللذان خطفا نجومية المباراة ومعهما قائدهما العملاق فاروق إبراهيم.. ولولا توفيق الله ثم تألق حارسنا المبدع أحمد عيد في الشوط الثاني لخرجنا بنتيجة تاريخية.

* لعبنا اللقاء الثاني أمام البحرين صاحب الأرض والجمهور وكانت أفضل مباراة للأخضر حيث اللعب المنظم والانتشار السليم والروح الجماعية التي فقدها في موقعة الكويت فقد أهدرنا الكثير من الفرص ولا سيما مهاجمنا محمد سعد العبدلي الذي كان نجم المباراة بتحركاته المزعجة غير أن البحرين اعتمد كثيراً على الدفاع يدعمه الحضور الجماهيري الذي ملأ استاد مدينة عيسى وخرجنا بالتعادل السلبي وساهمت هذه النتيجة في تقليل حظوظ الأخضر في المنافسة على اللقب الأول خصوصاً بعد فوز الكويت على قطر 4-2 وتعادلنا في آخر مواجهة أمام قطر1-1 وتوِّج المنتخب الكويتي بطلاً لهذه الدورة بكل جدارة بعد فوزه على البحرين 3-1 برصيد 6 نقاط.. طبعاً حصل حارسنا أحمد عيد على كأس أحسن حارس في الدورة.. وذهب لقب هداف الدورة لمهاجم الكويت جواد خلف برصيد 3 أهداف.. واحتل المنتخب البحريني المركز الثاني واحتللنا المركز الثالث.. وهذا الموقع لم يكن مناسباً للأخضر لأنه كان يملك عناصر وأفراداً أفضل بكثير من المنتخبات المشاركة.

قرارات تاريخية!!

* عقب انتهاء هذه الدورة وعودة بعثة المنتخب للرياض طلب الأمير خالد الفيصل من إداريي المنتخب عبد الرحمن العليق ومساعده عبد الرحمن الدهام رفع تقرير فني كامل عن الأخطاء التي تسبب بها بعض لاعبي المنتخب ولم ينظر سموه لنتائج المنتخب إنما للأخطاء التي ارتكبها بعض اللاعبين خارج المعسكر وإزاء ذلك صدر قرار إداري بإيقاف مجموعة من اللاعبين وشطب الغراب والنور موسى نظراً لتقصيرهما وارتكابهما لأخطاء (..) كانت سبباً مباشراً في ضياع أول لقب للأخضر.

أطول فترة إعدادية!!

* في الدورة الثانية بالرياض عام 1392هـ عسكرنا أكثر من أربعة أشهر بجدة بقيادة المدرب المصري طه إسماعيل وعادل جزار.. وأتذكر جيداً أن الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- أشرف على المعسكر وتكفل بمصاريفه وكان لوجود رائد الرياضة معنا في المعسكر من فترة لأخرى دور في الإعداد السليم وهيأ لنا أجواء تحضيرية مناسبة وصرف الكثير والكثير على هذا المعسكر الطويل.. وأذكر أنه أرسل العبدلي محمد سعد للسودان لعلاج إصابته قبل بداية الدورة بأشهر.. وقدم لنا كل شيء حتى لحم الغزلان أكلناه أثناء فترة الاستعداد لخليجي (2) بالرياض .

رائد الرياضة

* من الأشياء الجميلة في حياتي الرياضية أتذكر جيداً وقبل توجهنا إلى ملعب الملز لخوض لقائنا الافتتاحي أمام الكويت زار الأمير عبدالله الفيصل مقر المعسكر ببيوت الشباب بالمربع ومكث معنا زهاء ساعة لمتابعة أحوال أبنائه اللاعبين والشد من أزرهم قبل مواجهة الكويت، وحين بدأ اللاعبون بالخروج والصعود للباص كنت آخر لاعب يخرج من المعسكر، وإذ برائد الرياضة يجلس بمفرده وهو يفكر بعمق في مباراتنا الافتتاحية.. وأذكر أنه كان -رحمه الله- يردد عبارة: (شدوا حيلكم يا شباب نبغى الفوز) ودموعه تتساقط من عينيه.. والحقيقة لم أتمالك نفسي وأنا أشاهد سموه متأثراً فعانقته وبكيت ونزل اللاعبون من الباص وبكوا حين شاهدوني أعانق الأمير عبدالله الفيصل في صورة كانت بالفعل مؤثرة جداً.

الفيصل افتتح الثانية

* افتتح الملك فيصل -رحمه الله- فعاليات الدورة الثانية في ملعب الملز وكانت أرضية الملعب آنذاك ترابية.. لقاؤنا الأول كان أمام حامل اللقب (الكويت) وكنا في وضع فني ونفسي جيد.. طبعاً تقدم المنتخب الكويتي في بداية المباراة بهدف سجله مهاجمه جاسم يعقوب ثم أحرز محمد الملة هدف الكويت الثاني.. وكانت المفاجأة لنا غير أن زملائي اللاعبين نجحوا في النهوض من سباتهم ونظمنا أنفسنا وتمكنا من إحراز هدفين عن طريق الصاروخ وسعيد غراب أدركنا بهما التعادل وفي ظل تراجع الكويت أضاع زملائي اللاعبون العديد من الفرص في الشوط الثاني وأهدر الغراب بمفرده ثلاث فرص مؤكدة.. خرج المنتخب الكويتي كاسباً بالتعادل 2-2 وأهدرنا فوزاً كان في متناول الأيدي.

* ارتكب المدرب طه إسماعيل خطأ كبيراً حين أصر على إشراك لاعب الوسط صالح العبد الكريم أمام الكويت وهو كان يعاني من مشكلة في القلب فلعبنا بنصف لاعب!! وتحملت أعباء خط الوسط باعتبار أن الخطة آنذاك كانت 4-2-4 ولعبت في الوسط ومعي صالح العبد الكريم ونجحت في القضاء على خطورة فاروق إبراهيم.

والحقيقة أعتبر هذه المباراة الأجمل لي في حياتي الرياضية لأنني حصلت على إشادات كثيرة من الإعلاميين والمتابعين.. وأذكر جيداً أنني تلقيت عرضاً مغرياً من فريق كاظمة الكويتي للاحتراف مقابل 150 ألف دينار.

كُوفئنا ب ألف ريال

* عقب التعادل مع شقيقنا الكويتي أتذكر توجهنا للسلام على الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله- في مقر إقامته بالرياض وهنأنا على المستوى الكبير الذي ظهرنا به وقال: أعتقد أن الكويت كسبنا بالتعادل لأننا الأفضل وقدَّم لكل لاعب (1000) ريال وطالب بمضاعفة الجهد والتعويض أمام قطر.

البحرين حرمنا الكأس!!

* كان اللقاء الأخير أمام البحرين تاريخياً ولا يمكن نسيان أحداثه وتحولاته.. كنا مطالبين بالفوز بالمباراة بفارق هدفين ونفوز باللقب لأول مرة غير أننا واجهنا فريقاً عنيداً لعب أمامنا بطريقة دفاعية!!

رغم تقدم البحرين بهدف في أول ربع ساعة لم تهتز ثقتنا بنفوسنا ونجحنا في إدراك التعادل بواسطة الغراب.. ثم أضاف النور موسى نجم المباراة الهدف الثاني وسيطرنا على أجواء المباراة وواصل النور انطلاقاته ليتعرض لإعاقة داخل منطقة الجزاء لم يتردد حكم المباراة السوداني (النحاس) من احتسابها فاحتج البحرنيون على قراره ليتلقى الحكم ضربة خطافية من حارس البحرين وطرده الحكم.. ووسط الاحتجاج أعلنوا انسحابهم والنتيجة كانت 2-1 وفي خضم هذه الأحداث المأساوية تُوّج المنتخب الكويتي بطلاً للدورة بفارق الأهداف عن المنتخب السعودي.. واختير أحمد عيد أفضل حارس بالبطولة والغراب (سعيد) هدافها.. كما اختير منتخب المملكة أفضل منتخب في الدورة.

الأخضر الأفضل!!

* اختيار منتخب المملكة أفضل فريق أكبر دليل على قوته وتفوقه من الناحية الفنية والأخلاقية وكنا الأبرز والأفضل طوال الدورة فنتائجنا كانت متميزة ومستوانا كان ثابتاً ولولا انسحاب البحرين في آخر مواجهة لتوَّجنا تلك الصورة الجميلة بالفوز بهذا اللقب وكنا أحق من الكويت.. وتمنيت لو أننا كسبنا اللقب وقدمناه هدية لرجل الرياضة السعودية الأول الأمير عبدالله الفيصل الذي ضحى بماله وجهده ودعمنا كثيراً من أجل أن نكون في وضع أفضل ولكن!!

* أعتبر نفسي اللاعب الوحيد الذي تلقى إشادات كثيرة طوال قيام الدورة من النقاد والإعلاميين خصوصاً بعد بروزي القوي في خط الوسط رغم أن مركزي الأصلي مهاجم ولكن لظروف الخطة آنذاك 4-2-4 أجبرني المدرب طه إسماعيل على الاستمرار باللعب في خط الوسط في جميع المباريات.. وأذكر منهم الأستاذ خالد حمد المالك.. والأستاذ تركي عبد الله السديري.. وراشد الحمدان.. وعبد الرحمن السماري.. وهؤلاء وغيرهم أشادوا بمستواي كثيراً ولهم مني كل الشكر والامتنان.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد