تحملنا رياح الحياة وتلقي بنا في أماكن بعيدة عن أوطاننا بعيدة عن أهلنا.. عن الوجوه الطيبة التي اعتدنا رؤيتها كل صباح وعند ذهابنا يومياً للعمل أو الدراسة نبتعد وتنأى المسافات بيننا ويتسارع اختزال الزمن في معادلة الحياة بتسارع وسيلة الانتقال التي نستخدمها للابتعاد أكثر.

صوت العجلات وهي تطوي الأرض كيلومترات متلاحقة تلهث لتنقلنا إلى أرض جديدة ما ألفناها قبلاً.

تتوزعنا قارات العالم بساكنيها وعاداتها ولغاتها تتمازج معهم أو نحاول مجاراتهم في عادات حياتهم اليومية وتبقى تقاليدنا أثرية في نفوسنا، أعمدة رخامية تزين مداخل قلوبنا. نعلم أن في أعرافنا هذا لا يجوز هذا لا يحصل في بلادنا. هنا الأمور مختلفة المعايير تتفاوت وتتذبذب في قياس صحة التصرفات ووزنها بميزان الحرية العرف.

نغترب ونترك ما أحببناه وما ألفناه من أرض وماء وهواء وأهل لأجل لقمة نملأ بها بطوننا ولقمة نلقي بها في أفواه صغيرة تنتظرنا، نحن مسئولون عنها، ولقمة قد تصل إلى أحبابنا حينما نلقاهم.

مشاعر الحب والشوق تتنازع في قلوبنا، نحملها معنا عندما نرحل، وتبقى صورة فرحة العودة وبسمة اللقاء تعشش في عقولنا، كفاح هي حياتنا وحياتهم نمرض فلا نجدهم بقربنا ونحزن فلا نجد من يواسينا، نتألم فليس من يخفف عنا ويمسح دموعنا، ننجب أطفالاً وينجبون ونفقد بعضا من أهلنا في زحمة الحياة، ينتقلون للدار الباقية دون وداع ودون أن نتمكن من رؤيتهم للمرة الأخيرة.

لم نكن نعلم عندما فارقناهم هل سيكونون في انتظارنا عندما نعود؟ أم هل نحن سنعود؟