Al Jazirah NewsPaper Friday  09/01/2009 G Issue 13252
الجمعة 12 محرم 1430   العدد  13252
(والله ما فكرتْ بِكَ)
إعداد: الشيخ صالح بن سعد اللحيدان

 

حين أخذوا ابنة خالتي من عندي كنتُ مسافراً إلى انتداب وكانت والدتها تدير مؤسسة عملية بحكم كونها دكتورة في (الإدارة العليا)، رجعتُ وعلمتُ بهذا، وحين أردتُ الشكوى بالهجوم على بيتي وبعثرته وأخذ زوجتي وطفلي الصَّغير (3 أشهر) قال لي موظف عندها ذو مكانة مرموقة، بين والدي ووالده علاقة كبيرة طيلة (70 عاماً)، قال لي:

- لا تشتكِ.

- ولماذا.. لا أفعل؟

- لا تشتك، آمل ذلك فقط.

- لا.. لا بد من ذلك.

- تشتكي: من على: من؟!!

- لم أدرك بعد مرادك..؟!

- ليس كل ما يُعلم يُقال.

- إلا عليَّ.

- بل وعليك.

- إذاً أنقذني برأيك.

- تسكت ليس إلا..

- إلى متى؟

- إلى أن يحكم الله بعدله ولو بعد حين.

- لكن.. الألم.. القهر..

- قال: الألم.. القهر..

- نعم أنا الذي (أطأ الجَّمرة).

- شف هذه المرأة: داهية مُجربة، هي وإخواتها أربعة لا يهمهم والله إلا الحياة ولو ساروا أبداً على: العمى، انظر مات لواحد ثلاثة أبناء ومات لها ثلاثة إخوة بأمراض متنوعة وها هي الأيام بقدرة الله تمر عليهم دون أن يلتفتوا إليك، وأمثالك فلا بد من: السكوت.

- السكوت.. السكوت.

- هو هذا.. والله (ما فكرتْ بكَ) ولن تفكر بك وفيك أبداً، فلست: قوياً، أو ذا جاه ومنعة بل لعلها تراك (مريضاً ضعيفاً).

- سوف أجرِّبُ وأتقدمُ (إليها هي) بشكوى كأنها بريئة ولا يد لها بما حصل عليَّ من ضيم وقهر وذل.

- جرب.. جرب.

يا شيخ صالح والله لقد كتبتُ خطاباً من (9) صفحات أبينُ فيها ما حصل من وشاية ضدي وأرفقتُ كذلك صور خطابات بعثها إليَّ إخوانُها الذين أخذوا: زوجتي، بل كلمتها مُشافهة فماذا وجدتُ يا شيخ؟!!

الله أكبر، لقد وجدتُها تتكلم ببراءة ودهاء وسعة حيلة وعمق وكأنها لا تعلم بما جرى، مع أنَّه ذلك رأيها بسبب الوشاية وأخذها صورة عني سيئة رسخت في ذهنها وذهن أولادها.

خرجتُ من عندها وودعتني بذكاء وببراءة. هذا ما حصل. انتظرتُ كثيراً فقد تعبتُ كثيراً، وأنا لا تهمني نفسي فقط بل هي تهمني فأنا أرى حالتها وحالتهم صعبة: خلاف- وهم- وحذر زائد- ونشوء أمراض مختلفة- ولو عدلتْ معي فقط عدلتْ بعدل صاف جميل وعدل كريم رحيم لما ضقتُ. أنا لا أريدُ الزوجة لا أريدُ ابنتها: خلاص أريد العدل معي مما نالني من.. خسارة مادية ونفسية- وعضوية- بسبب الحيف وإهمالي وهم يعلمون ضعفي وقلة حيلتي ولي (13 سنة) أراجع عيادة نفسية لا لأخذ: (الزوجة) بل لما حصل عليَّ من.. تجاوز- وتهم- وهدم اعتبار- وعدم إنصاف- ماذا أفعل..؟

س.أ.ص - سوريا
- اختصرتُ خطابك إلى (3 صفحات) بدل (14 صفحة) فحين سلمني أ. فيصل المبارك (سكرتير التحرير) هذه الرسالة مع رسائل أخرى أول أيام العيد تعجبت حين فتحتُها من إرفاقك لصور روشتات (الحبوب النفسية) المُهدئة الكثيرة مما يدل أنك واقع تحت وطأة ألم شديد، مبعثه قهرك وشدة الضربة تحت الحزام وهي: ضربة في فن الملاكمة ممنوعة 100%، بل في بعض أنظمة الملاكمة خاصة (ألمانيا) توجب منع المباراة وقطع المبارزة لخطورة الضربة على المدى الطويل.

وفي مقدوري حسب تخصصي العالي الدقيق في القضاء وسياسة الإدارة العليا أن أبين لك، أبين جداً أن: الضربة النفسية أشد وقعاً على: العقل والفكر من (الضربة المادية)، أنت مضيوم ولا جرم ومقهور ولا جدال وخصمك هنا هو: (القاضي) فمن تقاضي يا ترى؟!! شخصياً لابد أن تتقبل الوضع فتنسى: الزوجة والابن. وهُناك محطات في الحياة محطات لعلك تعي ما أقول لابد فيها من: الصبر لا علاج إلا هذا حيالها وكلما كان الصبر واعياً فإنه هنا يكون علاجاً جيداً للحيف عليك، (وفكتور هوجو) لم يؤلف قصة الخالدة (الشيخُ والبحرُ): عبثاً و(ابن أبي الدنيا) لم يُؤلف كتابه الجليل: (مجابو الدعوة) عبثاً، (والله جلَّ وعلا قبل ذلك لم ينزل سورة (يوسف) لتتلى فقط وتقرأ فقط بل نُزلتْ.. للتعبد بها- وتدبرها- ومراميها- وحكمها- وأمثالها- وآثار البغي- ولو بعد: سنة- أو: سنين- أو قرن: أو قرون.

إذاً السكوت السكوت المغلف بالصَّبر الواعي الذي يُلح على خالقه بنصره له في حوالك الظلمات، والناس نيام أو هم يسهرون، لابد من هذا في مثل حالتك، لا بد وإلا فما معنى الإيمان بالله والثقة به إذا لم يعلمك الصبر مع لزوم السكوت.

ولو تأخذ رأيي فهو حسن وإن كان ثقيلاً ذلك هو: العفو عنها وعنهم جميعاً، وسوف ترى نصر الله لك بعودتهم إليك وأخذ الله لمن وشى بك عندها وعندهم، وهذا يتطلب منك: عزماً وحزماً، فالصبر والعفو كل ذلك من عزم الأمور، فآمل أن تبدأ.. الآن.. بالعفو عنهم بين يدي الله وتترك من وشى بك أو كتب أو تكلم، تترك هؤلاء لله يأخذ على أيديهم بسبب بغيهم عليك من قريب- أو زميل- أو جار (هذا ما أرى لك أن تفعله، أخذ الله بيدك إلى كل صلاح وخير).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد