Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/01/2009 G Issue 13257
الاربعاء 17 محرم 1430   العدد  13257
استضافتها «الجزيرة» ضمن برنامج كرسيها للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود
أرقام التوزيع بين الإعلان والتحفُّظ في ندوة (مقروئية الصحف لدى الشباب)

 

كتب - مندوب «الجزيرة» - تصوير - حسين الدوسري

أُقيمت يوم أمس الأول بقاعة الأمير سطام بن عبد العزيز بمبنى مؤسسة «الجزيرة» للصحافة والطباعة والنشر ندوة متخصصة ضمن برنامج كرسي «الجزيرة» للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود تحت عنوان (مقروئية الصحافة اليومية لدى شباب الجامعات)، بمشاركة الأستاذ الدكتور حمزة بيت المال الذي تولى إدارة الندوة، والأستاذ الدكتور عبد الله الرفاعي أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة». وقد حضر الندوة عدد من المسؤولين بتحرير وإدارة المؤسسة، تقدمهم مدير عام المؤسسة المهندس عبد اللطيف العتيق، ونائبا رئيس التحرير إدريس الدريس وعبد الوهاب القحطاني، ومديرو التحرير جاسر الجاسر ومنصور عثمان وفهد العجلان، وجمع من رؤساء الأقسام والمحررين.

وفي بداية الندوة استعرض الدكتور حمزة بيت المال بشكل موجز نتائج عدد من الدراسات المسحية التي قام بها، والتي تم من خلالها تصنيف الصحف السعودية إلى عدة أنواع، أسماها: الصحف السيادية والصحف المتوسطة والصحف المكافحة وصحف الاستثمارات، وذكر أن معظم النتائج أشارت إلى أن الصحف اليومية ترتفع درجة مقروئيتها في مكان إصدار كل منها، وأشار إلى أن هناك صعوبات كبيرة في الحصول على أرقام حقيقية لتوزيع ومبيعات الصحف السعودية، وتوقع أن ما يطبع منها ربما كان في حدود نصف مليون نسخة يومياً، وأشار إلى أن نسبة المقروئية للصحف اليومية من خلال دراساته كانت بحدود (60) نسخة لكل 1000 قارئ، بينما الحد الأدنى للمقروئية حسب الإحصائيات العالمية يفترض أن لكل 1000 قارئ 100 نسخة على الأقل، وأن 48% من القراء المؤهلين للقراءة يطالعون الصحف مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، وأن نسبة الاطلاع اليومي على الصحيفة اليومية بالمملكة لا تتجاوز 12%، وهي بلا شك نسبة متدنية للغاية. ومن نتائج الدراسات كذلك أن القراءة بشكل عام أثبتت ارتباطها بعمر القارئ؛ فكلما زاد العمر زادت نسبة المقروئية.

وأضاف د. بيت المال: إن انتشار الإنترنت كان له تأثير على الصحافة اليومية بالذات، وأتاح لها حرية أكثر وفرصاً واضحة للتحرك بأكثر مما كانت عليه من السابق؛ كونه قد همّش دور الرقيب الداخلي والخارجي، وبالتالي فإن الإنترنت وتقنية الاتصال كانتا من العوامل الإيجابية التي أحدثت تأثيرات واضحة في الحراك الاجتماعي، وما لذلك من أدوار فاعلة في محركات التنمية واستدامتها..

وأضاف الدكتور بيت المال: إن فترة الازدهار الصحفي بالمملكة جاءت متأخرة بعض الوقت؛ إذ كان من المفترض أن تكون منذ ما لا يقل عن (20) عاماً؛ ما يراه - حسب قوله - قد ساهم في تأخر تفاعل المجتمع مع كثير من القضايا التي تهتم بالشأن العام، الذي انعكس بدوره على الصحافة بصفتها وسيلة النقل والاتصال لما يحدث بالمجتمع. وأشار الدكتور حمزة إلى أن مقروئية الصحف اليومية لدى الوسط الطلابي بالجامعات تقدر نسبتها بأقل من 30%، وهي نسبة متدنية ولا شك، وربما أن أحد أسباب ذلك هو وجود صحف ومطبوعات خاصة بالجامعات.. وربما كان للإنترنت واستخدامها لدى هذه الفئة علاقة بهذه النسبة.

وعبّر الدكتور حمزة بيت المال عن شعوره بالسعادة والرضا عن الخطوة التي خطتها «الجزيرة» بالتوزيع اليومي في الجامعات ووسط الطلاب والأكاديميين.. وهذه ولا شك عملية استراتيجية مهمة أقدمت عليها «الجزيرة» لتكون قريبة من شريحة مهمة من القراء سيكونون في الغد القريب جيل المستقبل الذي سيداوم على قراءة صحيفة «الجزيرة»، ويأتي هذا بالتزامن مع قيام عدد من الصحف الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت في طرح نسخها يومياً بالمجان لقرائها؛ للإبقاء والحفاظ على معدلات مقروئيتها بين قرائها. وذكر الدكتور بيت المال أن هناك حاجة ملحة للاعتماد على تقارير الدراسات الإحصائية والبحوث التي تقوم بها عدة جهات متخصصة.

وأشار إلى أن هناك حلقات مفقودة في هذا الشأن؛ إذ لطالما كان هناك عدم رضا عن النتائج التي تتوصل إليها هذه الجهات، ولا بد من الوصول إلى حلول تساعد الجميع في الاعتماد على مصداقية البيانات والأرقام دونما تشكيك.

عند ذلك تحدث رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» الأستاذ خالد بن حمد المالك مرحباً بعقد مثل هذه الندوة المتخصصة في مؤسسة «الجزيرة» للصحافة والطباعة والنشر، التي تأتي ضمن برنامج كرسي «الجزيرة» بجامعة الملك سعود. وتمنى أن تكون الندوة مفيدة في موضوعها للزملاء الحاضرين ولعموم القراء.

ثم تناول الأستاذ المالك التعقيب على ما تناوله الدكتور حمزة بيت المال حول المقروئية للصحف اليومية؛ إذ تمنى أن تبادر الصحف اليومية إلى إعلان أرقام توزيعها كما بادرت بذلك صحيفة «الجزيرة»؛ لأن في ذلك تكريساً حقيقياً لمبدأ الشفافية والوضوح بدلاً من التعتيم وإخفاء حقيقة أرقام التوزيع والاكتفاء بالانطباع والصورة الذهنية عن كل صحيفة. مضيفاً أننا حالياً أمام مشهد جديد قد يغير ما في الأذهان، ولا بد أن يقود هذا التوجه جهات محايدة تعلن أرقام الصحف بصدق وشفافية من خلال أساليب علمية صحيحة ومبنية على الأمانة والمصداقية، وبذلك تظهر الحقيقة للجميع.

بعد ذلك جاءت مداخلة مدير عام المؤسسة المهندس عبد اللطيف العتيق الذي أشار إلى أن الدراسات الإحصائية المتوافرة حالياً في الأسواق يشوب بعضها الكثير من اللغط.. وهناك علامات استفهام على مصداقية هذه النتائج، وخاصة إذا ما نظرنا إلى عدد المشاركين في عينة البحث.. وتمنى لو أن هناك وسائل فاعلة للوصول إلى الحقيقة المجردة. مضيفاً أن «الجزيرة» تقدم دعوة مفتوحة لكل باحث أو معلن أو متخصص في مجال الدراسات البحثية والإحصائية لزيارة مؤسسة «الجزيرة» للاطلاع على البيانات والإحصائيات التي تساعده في الوقوف على حقيقة الأرقام التي تعلنها الجزيرة على الجميع دونما مواربة، كما أن «الجزيرة» توجه الدعوة لهؤلاء للحضور بأنفسهم أو من يمثلهم أثناء طباعة الصحيفة للتأكد من الكميات التي تُطبع من «الجزيرة» يومياً.

بعد ذلك تحدَّث الدكتور عبد الله الرفاعي فأعلن أمام الحضور أنه من خلال تجربته الشخصية، ووقوفه على العديد من الوثائق.. يرى أن جميع الإحصائيات مضروبة وغير حقيقية.. وأنه لا توجد أرقام حقيقية معلنة.. ذلك أن البيئة العربية، والسعودية على وجه الخصوص، في مجال الإحصاءات والدراسات المسحية بيئة غير سليمة.. وما ذاك إلا لكون مكونات العمل الصحفي غير محترمة من الأساس؛ إذ لا توجد مراكز بحث متخصصة مدعومة من قِبل جهات محايدة.. وضرب مثالاً بأمريكا، فقال: تقوم اتحادات ومنظمات وناشرون عالميون (محايدون) بتقديم دعم حقيقي وتمويل مباشر لمراكز البحث هذه.. لكن (مهنة الصحافة) لدينا لم تؤطر التأطير السليم في هذا المجال.. وهناك تضليل أمام المعلنين وجهات الدعم الأخرى كالقراء والمشتركين. ويرى الدكتور الرفاعي أنه كان يتمنى لو كان لوزارة الثقافة والإعلام دور مباشر في هذا الموضوع وإصدار قرار يلزم الصحف اليومية بإعلان أرقامها التوزيعية أمام الجميع.

ثم التقط رئيس تحرير «الجزيرة» الحديث ليضيف إلى هذه النقطة أن هناك مطالبات ورغبات سابقة من وزارة الثقافة والإعلام بأن تتبنى مثل هذا الدور الذي يهم فعلاً الجميع، ويكرس مبدأ الشفافية، ولم يكن هناك تجاوب من المؤسسات الصحفية مع هذا الطلب.

ثم عاد الدكتور عبد الله الرفاعي ليواصل حديثه بالقول: إن مقروئية الصحف لدى الغرب في هذه الفترة تدنت عما كانت عليه نسبة لدخول الإنترنت، ولكن بالنسبة إلينا في المملكة يرى أنه لا تزال هناك فرصة لتقديم الأفضل، ولا يجب أن نقارن وضع الغرب بوضعنا الحالي لاختلاف الظروف بيننا وبينهم.. فلا يزال بيننا من لا يعرف القراءة، ومن لا يعرف كيفية التعامل مع التقنية، ومن لا يتمكن من اقتناء أجهزة الحاسوب؛ ولذلك فهناك تحديات كبيرة أمامنا.. تحتم علينا أن نعد العدة للمستقبل. وتوقع الدكتور الرفاعي أنه ربما خلال الـ15 عاماً القادمة سيكون للإنترنت والجوال بالذات أثرهما الواضح على مستقبل الصحافة الورقية بالمملكة وربما اندثارها؛ ولذلك فعلينا أن نركز من الآن على فئة الشباب ونبني معهم وبهم خطوات التطوير القادمة ونعمد إلى الابتكار والتجديد؛ فالصحف لم تتغير كثيراً عن ذي قبل، ولا بد من زيادة البذل وعمل دراسات مركزة عن مستقبل الصحافة التقليدية في ظل التوجُّه نحو صحف الإعلام الجديد الذي لا يقف عند حدود الورق، وتكريس جهود أكبر في إعداد دراسات مهمتها كيفية جذب الشباب للقراءة. وأشار كذلك إلى أنه من المهم أن تتطور شركات التوزيع بما يتواءم مع المرحلة الحالية؛ فالمدن اتسعت والحدود الجغرافية ازدادت ونوعية السكان اختلفت، ولا بد من دراسة أساليب جديدة للتطوير والتوزيع والبحث عن كيفية استقطاب المزيد من القراء للصحف ودراسة السوق والعملاء واتجاهات القراء ورغبات الشباب والفئات الأخرى اعتماداً على الإحصائيات والأبحاث.. من خلال إعداد دراسات ذاتية محلية تقوم بها كل جهة، ومنها الصحف اليومية، بأن تكلّف عدداً من الباحثين لتقديم دراسات متخصصة على مواضيع ذات علاقة لا أن تعتمد على جهات خارجية تكون تكلفتها باهظة الأثمان وربما غير دقيقة في تحديد التوجهات المطلوب بحثها أو سبر أغوارها.

بعد ذلك تحدَّث رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» فأكد سعادته أن ما ينقصنا هو أن تترسخ ثقافة الأرقام؛ ليكون الجميع على بينة من المستقبل، سواء في دراسات الاحتياجات، أو تأهيل الصحفيين ليكونوا قادرين على الخلق والتجديد والابتكار. وأشار إلى أهمية أن يكون هناك تواصل وتناغم بين الجامعات السعودية وأقسام الإعلام على وجه التحديد وبين الصحف ووسائل الإعلام والمؤسسات الصحفية؛ ليتكون لدينا المزيد من العناصر الصحفية الجيدة والفاعلة والمؤهلة.

وما هذه الندوة التي تقام اليوم بين جنبات مبنى «الجزيرة» ووسط مديريها ومحرريها إلا مثال من أمثلة التواصل الهادف والبنّاء الذي من شأنه بحول الله خلق جيل شاب قادر على الإبداع ورسم خطوط مستقبله في المجال الإعلامي والصحفي بكفاءة واقتدار.

ثم أتاح الدكتور حمزة بيت المال للزملاء الحضور طرح أسئلتهم والمشاركة بمداخلاتهم على موضوع الندوة، وتمت الإجابة عنها من قِبله والدكتور الرفاعي.

لقطات:

* أشاد الدكتور حمزة بيت المال بتجربة صحيفة «الجزيرة» في تبنيها لمشاريع الكراسي العلمية في الجامعات السعودية، ووصف ذلك بأنها خطوة رائدة تُسجَّل في تاريخها.

* قال رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» الأستاذ خالد المالك إنه إذا وضعت أمام المهتمين أرقام التوزيع الخاصة بالصحف اليومية فإن ذلك سيكون عاملاً مساعداً ومهماً لمعرفة أسباب عزوف القُرّاء بدقة، وبالتالي نتجنب التشويش الذي يصدر من مؤسسات غير سعودية تدعي المصداقية عن أرقام التوزيع.

* حدّد الدكتور عبد الله الرفاعي الخمسة أعوام القادمة بأنها ستحمل في طياتها أخباراً سلبية عن مستقبل كثير من الصحف الورقية في الدول الاسكندنافية بالذات، وهذا مؤشر خطير ينبغي دراسته قبل وصوله إلينا.

* أشار الدكتور حمزة بيت المال بكثير من الامتنان لرئيس تحرير «الجزيرة» ووقفاته الدائمة ودعمه الكبير لجمعية الإعلام والاتصال في عدة مناسبات، وقال: إن وقوفه معنا لا يمكن إنكاره مطلقاً، وكنت أتحين الفرصة لأقدم له هذا الشكر والعرفان.

* في الندوة تم التطرُّق إلى دراسة قام بها عدد من الدكاترة السعوديين وما توصلوا إليه من أبحاث رصدت أن حجم المطبوع من الصحف اليومية بالمملكة بحدود 500 ألف نسخة، وقد أشار كل من رئيس التحرير و مدير عام «الجزيرة» في مداخلاتهما إلى عدم صحة هذا الرقم الذي يقل كثيراً عن الواقع.

* الندوة تضمنت الكثير من الإثارة، وضيق الوقت كان سبباً في اختصار الكثير من المحاور والنقاشات.. كون الموضوع شائقاً ويهم جميع العاملين في الوسط الإعلامي والتسويقي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد