Al Jazirah NewsPaper Friday  23/01/2009 G Issue 13266
الجمعة 26 محرم 1430   العدد  13266

د. علي العجلان:
محبة الأوطان ضرورة شرعية وغريزة بشرية

 

بريدة - (الجزيرة):

أكد د. علي بن محمد العجلان المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة القصيم، أن محبة الوطن والاعتزاز به أمر شرعي، ولا يتعارض بأي حال من الأحوال مع محبة دين الله سبحانه وتعالى وتعظيمه.. مطالباً بغرس محبة الوطن وطاعة ولاة الأمر في نفوس الشباب في البيوت، والمدارس، والمنتديات الدعوية، والثقافية، والفكرية، وفي وسائل الإعلام.

وقال د. العجلان: إذا كانت محبة كل مواطن لبلده أمراً مهماً ويعتز به، فإن محبتنا لبلدنا المملكة العربية السعودية أكثر؛ لأنه بلد التوحيد، ومهبط الوحي، وأرض الحرمين الشريفين، والبلد الذي يحتكم لشرع الله في كافة شؤون حياته، ويقدم خدمة الإسلام على أي أمر، ويولي كل الاهتمام للحرمين الشريفين، والمشاعر المقدسة، وخدمة ضيوف الرحمن.

جاء ذلك في حوار مع د. علي بن محمد العجلان.. وفيما يأتي نصه:

* لماذا الالتباس بين محبة الوطن لدى البعض، خاصة وجود اعتقاد خاطئ أن محبة الأوطان تتعارض مع محبة الله؟

- هذا الالتباس نتج عن تعصب بعض القوميين؛ فقد حدث منذ نصف قرن من الزمان أن غالى بعض القوميين العرب في التعصب للقومية العربية، والمناداة بها، وأنها التي ستجمع كلمة العرب، وتوحد صفوفهم، وصدرت كتب ودوريات ونشرات، ونظمت محاضرات وملتقيات وندوات، وحدث نوع من الخصب الإعلامي والثقافي لترديد هذه المقولات، التي ساهمت محطات إذاعية، وصحف في نقلها، وبولغ فيه مبالغة عظيمة، حتى قال أحد القوميين العرب متعصباً لبلاده:

(بلادك قدمها على كل ملة

ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم)

وعلى ذلك قس.. فجعل هؤلاء محبة الوطن والجنس مقدماً على دين الله؛ ما أدى إلى قيام العلماء في ذلك الزمان بالرد عليهم، وبيان فساد هذا الرأي، وصار هناك خلط بين هذه المسألة وبين محبة الأوطان، على وفق الشرع، ومعرفة الأصل الشرعي المتوازن في محبة البلاد، وأن هذا لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع محبة دين الله سبحانه وتعالى وتعظيمه، فكأن المسألة صارت ردود أفعال، وهكذا حياة المسلمين في الجملة للأسف تعتمد على ردود الأفعال، وإلا فالأفضل أنه لا بد أن تضبط كل قضية بضوابط الشرع.

* وماذا عن الضرورة الآن في غرس حب الأوطان لدى النشء؟ وهل لها علاقة بما يردده بعض الإرهابيين من أفكار شاذة ومرفوضة في هذا الأمر؟

- أهمية الحديث عن محبة الوطن ضرورة الآن، بسبب ما حصل في بلادنا، وفي عموم بلدان المسلمين في الجملة، من استخفاف بحق الوطن وأهله، من ثلة قامت - كما لا يخفى - بالاعتداء في وضح النهار على مصالح البلد ومكتسباته، وأخافت الآمنين، واعتدت على الأنفس والأموال.. إلخ، وهم من أبناء هذا البلد ممن نعموا بخيراته وأرزاقه، وممن خدمتهم الدولة وهذه البلاد ومنذ أن كان أحدهم جنيناً في بطن أمه، حتى وصل إلى ما وصل إليه، ثم كافأ بلاده بهذا العقوق والجحود والنكوص وتلك الخيانة، ثم وجد أيضاً في المقابل من يتفرج من الذين لم يقعوا في ذلك، أو الذين لا يرون صواب هذا العمل، لكنهم لم يحركوا ساكناً، بل كانوا غير مبالين بما حدث، وكانوا سلبيين نحو ما حصل لبلادهم.

ولا شك أن الذين قاموا بالتخريب في البلاد، أو الذين لم يستنكروا ذلك، ولم يكن لهم موقف واضح بيِّن، وأدوا فيه الواجب لبلاد التوحيد والإسلام - المملكة العربية السعودية -، لا شك أنهم لا يحبون بلادهم، ولم يرفعوا بها رأساً، وغير مدركين للأصل الشرعي في محبة بلاد الإسلام؛ لهذا وجب التذكير والتذاكر، والعرض والبحث لهذا الموضوع.

* وماذا عن موقف العلماء؟

- الخاصة من العلماء والباحثين يرون أن محبة الوطن أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان، وإيضاح، ونقاش، ولكن لا بد من الحديث عن ذلك، وبيان فضل هذه البلاد، وخيرها على أهلها وغيرهم من أهل الإسلام.

* حب الوطن أليس أمراً فطرياً لدى كل شخص يحب وطنه؟

- محبة الإنسان لوطنه ومسكنه وبلده أمر فطري فطر الله الخلق عليه؛ لذلك جبلت النفوس السليمة على حب بلادها، واستقرت الفطر المستقيمة على النزوع إلى ديارها، يحبون أوطانهم وهم في كنفها، ويحنون إليها وهم بعيدون عنها..

(حسب الغريب من الدنيا ندامته

عض الأنامل من شوق إلى الوطن)

بل إن الطيور لتحن إلى أوكارها، والبهائم العجماوات لتحافظ وتدافع عن زرائبها، غريزة وجبلة وفطرة {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، فللوطن الذي ولد فيه الإنسان، ونشأ وترعرع فيه، مكانته في القلوب، يحنّ الإنسان لذكرياته، وأيام صباه، مع والديه وأهله وجيرانه وأحبابه، على حد قول الشاعر:

(كم منزل في الأرض يألفه الفتى

وحنينه أبداً لأول منزل)

هذا الوطن تشتاق لذكراه القلوب، وتأنس عند القدوم إليه، ولطالما تفنن في وصفه الأدباء، وتغنى به الشعراء، قال الأصمعي: (قيل: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوان، الإبل تحن إلى أوطانها، وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وكره، وإن كان موضعه مجدباً، والإنسان إلى وطنه، وإن كان غيره أكثر نفعاً).. وقال أيضاً: (سمعت أعرابياً يقول: إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه).. فالإنسان مجبول ومفطور على حب الوطن، والإسلام لا يعارض الفطرة، وإنما يؤكد أن يكون ذلك تحت رابطة العقيدة الإسلامية.

* وما الأدلة الشرعية على ضرورة تعزيز حب الوطن لدى الشباب؟

- إذا كان حب الوطن أمراً فطرياً، فقد جاءت الشريعة الغراء بتقريره، والعناية به، بل والمحافظة عليه، قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}، فقرن محبة النفس مع محبة الوطن، ذلك لأنه من المتأصل في النفوس حب الوطن، وحب النفس، وأن الإخراج من الوطن وقتل النفوس شاق جداً على النفوس، يقول السعدي رحمه الله: (يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس، من قتل النفوس، والخروج من الديار، لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم، وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها).. وقال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ}، فجعل - سبحانه - الإخراج من الديار بإزاء القتل، وهو بمفهومه أن الإبقاء في الديار أيضاً عديل الحياة، وقد جمعت الآيتان بين قتل النفس والإخراج من الديار لأنه قطع للأواصر، وأكدت أن الإخراج من الديار أمر عسير، كما أن السفر مجلبة للتيسير بسبب زوال الطمأنينة والراحة التي إنما تكون في الإقامة والاستقرار في الوطن، والمهاجرون إنما فضلوا على الأنصار لأنهم تركوا ديارهم ورحلوا عنها.. وقال سبحانه: {قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا}، قال ابن جرير الطبري في تفسيره: (يعني قال الملأ من بني إسرائيل لنبيهم ذلك، وأي شيء يمنعنا أن نقاتل في سبيل الله عدونا وعدو الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا بالقهر والغلبة)، وقال: {وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا}، قال ابن جرير الطبري في تفسيره: (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء من أرضهم وديارهم لعذبهم في الدنيا بالقتل، والسبي، ولكنه رفع العذاب عنهم في الدنيا بالقتل، وجعل عذابهم في الدنيا الجلاء، ولهم في الآخرة عذاب النار، مع ما حل بهم من خزي في الدنيا بالجلاء عن أرضهم ودورهم)، وقال ابن سعدي - رحمه الله - في تفسيره: (أي: أي شيء يمنعنا من القتال وقد أُلجئنا إليه بأن أخرجنا من أوطاننا وسبيت ذرارينا، فهن موجب لكوننا نقاتل ولو لم يكتب علينا فكيف مع أنه فرض علينا وقد حصل ما حصل)، فقرن - سبحانه - القتل بالإخراج والجلاء عن الديار، وقال سبحانه: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، فهذه الآية أثبتت وجود الحب للآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأوطان، ولم تنه عن هذا الحب، ولكن المنهي عنه تقديمه على محبة الله ورسوله، ف(أحب) هي أفعل التفضيل، وإذا كان الإنسان يحب آباءه وأبناءه وإخوانه وأزواجه وعشيرته وأمواله وتجارته ولا يلام على ذلك، فكذلك وطنه، ولاسيما قد وردت في سياق واحد في الآية الكريمة كما ترى، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، قال ابن جرير: (بعد أن ذكر الأقوال في تفسير الآية (والصواب من القول في ذلك عندي، قول من قال: لرادك إلى عادتك من الموت، أو إلى عادتك حيث ولدت)، وقال القرطبي: قال القتبي: معاد الرجل بلده، لأنه ينصرف ثم يعود، وقال مقاتل: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الغار ليلاً مهاجراً إلى المدينة في غير الطريق مخافة الطلب، فلما رجع الطريق، ونزل الجحفة، عرف الطريق إلى مكة، فاشتاق إليها، فقال له جبريل إن الله يقول: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، أي: إلى مكة، ظاهراً عليها.

ولمكانة الوطن في النفوس أمر الله بالإحسان إلى الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين، ولم يخرجوهم من أوطانهم، قال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقته، (أي: لتسرع)، وإذا كانت دابة حركها)، قال أبو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد (حركها من حبها)، قال ابن حجر في فتح الباري مبيناً فوائد الحديث، وأن فيه الدلالة على (مشروعية حب الوطن، والحنين إليه).. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن حبه لوطنه وبلده مكة وكانت آنذاك بلد شرك؛ لأنها بلده التي عاش فيها، وألفها، وهو يغادرها مهاجراً إلى المدينة فيقول: (والله إنك لأحب البقاع إلى الله وأحب البقاع إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)، وقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة الحسنة كما ثبت في الصحيح قال عليه السلام: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها لنا وبارك لنا في صاعها ومدها)، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ بالرسالة أخبر ورقة بن نوفل بذلك، فقال ورقة: (يا ليتني فيها جذعاً إذ يخرجك قومك، قال أومخرجي هم؟ قال: نعم.. ما أتى رسول بمثل ما جئت به إلا أوذي وأخرج، وأن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً)، وكان بلال رضي الله عنه إذا أقلعت الحمى عنه يقول:

(ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوماً مياه مجنة

وهل يبدون لي شامة وطفيل)

وقال: (اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد)، فها هو الصحابي الجليل بلال رضي الله عنه يشتاق إلى وطنه مكة، كما يظهر في البيتين، وكما في دعائه على الذين تسببوا في إخراجهم من وطنهم، قال ابن حجر رحمه الله: وقوله (لولا حب الوطن لخرب بلد السوء)، كما ثبت أنه أحب صلى الله عليه وسلم بعض البقاع والجبال، كما قال - عليه السلام - في الحديث المتفق عليه: (أحد جبل يحبنا ونحبه)، ومحبة الجزء تدل على جواز محبة الكل، وكان يقال (بحب الأوطان عمرت البلدان)، ويقول إبراهيم بن أدهم، وهو من الزهاد: (ما قاسيت فيما تركت من الدنيا أشد علي من مفارقة الأوطان).. قال بعضهم:

(سلم على قطن إن كنت تالفة

سلام من كان يهوى مرة قطناً)

(قطن): هو مجموعة من الجبال تقع قرب عقلة الصقور غربي القصيم.

ولقد كثر شوق وحنين العلماء والأدباء والشعراء لبلدانهم، وأظهروا شوقهم وحبهم لها، وهذا أمر معروف ومتداول بين العلماء، نقله المؤرخون والأدباء وأهل السير والتراجم وغيرهم، ولهذا انتسب أكثر العلماء لبلدانهم: كالبخاري، والترمذي، والنيسابوري، والعسقلاني، والطحاوي، والدمشقي، والبغدادي، والبصري، والصنعاني، والطنطاوي، والقرطبي، ونحوهم كثير.. قال الصنعاني - رحمه الله - مشتاقاً إلى بلد الإسلام والتوحيد، وإلى أهلها:

(سلامي على نجد ومن في نجدي

وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي)

وقال أبو البقاء صالح الرندي يرثي أحد بلدان الإسلام، ويتحسر عليها، ويظهر شوقه ومحبته لها (وهي بلاد الأندلس) في قصيدة مطلعها:

(لكل شيء إذا ما تم نقصان

فلا يغر بطيب العيش إنسان)

وقيل من علامة الرشد أن تكون النفوس إلى أوطانها مشتاقة، وإلى مولدها تواقة، وقيل لبعض الحكماء ما الغبطة؟ قال: الكفاية ولزوم الأوطان والجلوس مع الإخوان. قيل فما الذلة؟ قال النزوح عن الأوطان والتنقل بين البلدان.

(وللأوطان في دم كل حر

يد سلفت ودين مستحق)

هذا البيت من قصيدة لأحمد شوقي مطلعها:

(سلام من صبا بردى أرق

ودمع لا يكفكف يا دمشق)

* محبة أرض الحرمين الشريفين أليس لها وقع خاص عن غيرها من البلدان؟

- إذا كانت هذه محبة أهل البلدان لبلدانهم، فكيف إذا كان البلد بلداً إسلامياً - كالمملكة العربية السعودية - التي هي غرة جبين الأوطان، وعقد جيد البلدان، وقرة عيون الزمان والمكان، بلد التوحيد والعقيدة ومهد السنة والرسالة، ومأرز الإيمان وأرض الحرمين والمشاعر المقدسة المعظمة، وقبلة جميع المسلمين، التي ليس فيها وثن يعبد أو قبر مشيد، وقادتها هم حماة التوحيد وأنصاره، لا شك أن محبتها أولى، والمحافظة عليها وعلى مقدراتها أوجب.

* وما الخصوصية التي تجعلنا كسعوديين نحب وطننا أكثر من غيرنا؟

- لوطننا المملكة العربية السعودية علينا حقوق ألخصها بما يلي: أن نسعى لتحقيق مصالحها ودرء المفاسد عنها، وأن نحمي أمنها واستقرارها ورخاءها، وأن نطيع من ولاه الله أمرنا، ونحبهم طاعة لله ورسوله، ونتعاون معهم فيما ينفع البلاد والعباد، وقد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله)، وقال عليه الصلاة والسلام: (السلطان ظل الله في الأرض فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله).. ويقول إمام أهل السنة الإمام أحمد: (إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعرف أنه صاحب سنة وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعرف أنه صاحب بدعة)، وأن نتنافس ونتسابق في سبيل بناء هذا الوطن وعزه ورفعته، فعزه عز لنا ورفعته رفعة لنا، وأن نحفظ ونحافظ على عقول وأفكار شبابنا وشاباتنا من الانحراف الفكري أو السلوكي، ولا نغتر بما يكتبه أو ينشره أعداء هذه البلاد وأهلها في الإنترنت، أو القنوات الفضائية، أو غيرها من الوسائل، فهم حسدوا أهل هذه البلاد على ما تنعم به من الخير والرزق والأمن والاجتماع والتلاحم والفضيلة، فأخذوا يكيدون لها، فلا نتساهل بشيء من الأفكار التي قد ترد عند بعض الطلاب أو الطالبات، أو الأبناء أو البنات، بل تعالج فوراً بالتوجيه والنصح والحوار والبيان، وأن نظهر ونوضح الجانب المشرق والمشرف لبلادنا، وخدمتها لمواطنيها، ونتحدث بنعم الله علينا في هذا الجانب كنعمة الأمن، ونعمة الاجتماع، ونعمة العلم والتعلم وانتشاره، ونعمة الخدمات الصحية، والمياه، والكهرباء، والخدمات البلدية، ونعمة المواصلات والطرق، وسهولتها، وأمن السبيل ونذكر بالفرق بين حال المسافر إلى مكة في السابق قبل توحيد هذه البلاد على يد الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل - رحمه الله - وحاله اليوم، وما ينعم به المسافر من أمن وراحة وطمأنينة، وإيضاح وإظهار جهود ولاة أمرنا في الأعمال الخيرية كبناء المساجد والمراكز الإسلامية، ونشر الدعوة الصحيحة، والتحدث فيها من التحدث بنعمة الله، وأن نقف سداً منيعاً في وجه كل من يريد زعزعة أمننا أو تفريق كلمتنا.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد