Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/01/2009 G Issue 13272
الخميس 03 صفر 1430   العدد  13272
مدى الحاجة للخادمة الأجنبية ودور وزارة العمل
مندل عبدالله القباع

 

ما من شك أن المجتمع السعودي يمر بحالة متعاظمة من التغير في إطار ذلك التغير الراكض في مناحي العالم بأسره.

وإن كان هذا التغير يقود للارتقاء في سلم التحضير إلا أنه يسمح بدخول أقل من قيم جديدة مغايرة، وبالفضاء الثقافي الغازي الذي يوجه سلوك الأفراد وتفاعلاتهم وعلاقات التواصل فيما بينهم داخل مساحة البناء الاجتماعي وأنساقه المختلفة لدرجة صنعت تلك الحالة التي يموج عليها المجتمع الآن بتياراته المختلفة ومؤسساته المتعددة، تلك الحالة التي يعيشها الناس واقعاً وإيقاعاً.

هذه التغيرات التي لحقت بالمجتمع على مر الثلاثين عاماً الماضية تقريباً حيث مني المجتمع بتغيرات لم تكن متوقعة، ولا محسوبة، ولا مرتب لها، فحدث اهتزاز للاتساق والتناسق القيمي الذي نهض عليه بناؤنا الحضاري الإسلامي التليد المتفرد بخسارته الإنسانية، واعتراه كذلك مجموعة قيم مستجدة استدخلت في حياتنا المعاصرة منها على سبيل المثال قيم الاستهلاك، والاعتمادية، والفردية والاستغراب، والبرجماتية، والنرجسية، أو الاستعراضية، والرومانسية، والأنامالية والعنف.. الخ.

ويتبنى تلك القيم قطاع كبير في المجتمع السعودي قطاع الشباب الذين أدركتهم فترة التحول بدءا من الطفرة، ومروراً باستعارة التكنولوجيا الغربية، ثم الانفتاح الاقتصادي ومن معاهدات واتفاقات دولية، وابتعاث، واستقدام عمالة أجنبية تحمل قيما وثقافة دخيلة علينا، فحلت قيم الإشباع الغريزي بديلاً عن قيم الفكر والتدبر والتأمل العقلاني والإبداع المجالي والابتكار الإنتاجي.

هذا التغير الذي سادت فيه القيم المادية على القيم الروحية تغير بموجبه سلوك الإنسان الذي يتعتبر انعكاساً صادقاً للقيم المستجدة والثقافة الحداثية وما بعدها.

هكذا نعايش تحت سقف التغير التناقض في الفكر والسلوك معاً وكما يقول المناطقة أنه تناقض حينا، ودخول تحت التضاد أحياناً.

وقد نتج عن ذلك آثار وخيمة ومشكلات عقيمة وهي ليست مسألة فردية كما يظن البعض بل إنها تعم المجتمع بكامله حيث التأثير بالسلب في ثقافة المجتمع مما يؤدي إلى الصراع القيمي، فضلاً عما ينال الأسرة السعودية من تفكك في العلاقات وسلوك التفاعل.

ومن القيم الاجتماعية المستحدثة ذات الأثر البالغ في المجتمع السعودي نذكر الأسرة السعودية التي تحولت بفعل القيم الجديدة من أسرة ممتدة تنهض على التضامن والتماسك والانسجام والتآزر والتناسق والتكامل على كونها أسرة نووية تتكون من زوج وزوجة وأولاد مما أدى إلى الاعتماد الثنائي والزوج والزوجة، ومع ظروف ارتفاع مستوى المعيشة ومع ما أتيح من فرص تعليم المرأة ومع ارتفاع معدل الثقة في النفس وتمتعها من حولها أدى إلى خروجها لميدان العمل في الوقت الذي تمتد فيه المسئولية إلى تربية الأبناء والعناية بشئون المنزل.. ومن هنا ظهرت الحاجة للمعاونة في أداء تلك المسئوليات الملقاة على عاتق الأسرة والبديل الحتمي في هذا الطريق ليس إلا جلب خادمة تقدم العون لاستمرارية كيان الأسرة.

ولما كان هذا النمط من الأعمال غير متوفر بالمجتمع السعودي حيث لا تسمح ثقافة المجتمع وتقاليده بتناول هذه الأعمال فقد تم اللجوء للخارج لاستجلاب خادمة أجنبية لتقوم بتربية الأبناء وأعمال الطبخ ونظافة المنزل وغسل الملابس، وحمل الطفل ومداعبته وارتداء ملابسه، وبذلك أصبح وجود الخادمة الأجنبية بالنسبة للمرأة العاملة -وغيرها- مهماً ليرفع عن الزوجة مأزق العمل المنزلي، وتقدير لمكانتها الاجتماعية بشأنها في ذلك شأن ما لديها من ممتلكات مثل التلفاز والسيارة والهاتف والفديو والمكروويف والغسالة الاتوماتيك، وكذلك الخدم لدى البعض وليست خادمة واحدة.

المهم أنه من جراء وجود الخادمة تخلت الأسرة عن الكثير من وظائفها، وأضاعت مسئولياتها وتهاوى دور الأم إلا من حالة الإنجاب يعقبه تسليم الطفل للخادمة التي تتكفل بعد ذلك بكافة شئونه ومنها تلقيه ثقافتها والعمل على الاستيلاء على عواطفه ومشاعره بعيداً عن الأم التي تخلت أيضاً عن سد الحاجات الأساسية للطفل والتواصل الوجداني معه مما اثر بلا شك في عملية التنشئة والضبط الاجتماعي.. ونتج عن ذلك كما ذكرنا من قبل آثار ومشكلات عظيمة ولا يمكن أن ندعي أن الطفل نفسه في منأى من المشكلات والصعوبات فقد تعتدي عليه الخادمة ضربا أو تعذيبا أو قسوة أو إهمالاً أو تقصيراً في رعايته خاصة في حالة غياب الأم فتجد نفسها حرة تتصرف كيفما تشاء وكما يحلو لها وإن ضيق عليها أهل البيت تركت المنزل وهربت تحت دعاوى كثيرة مثل تكليفها بأعمال فوق طاقتها أو القسوة في معاملتها أو عدم سد حاجاتها الأساسية من ملبس وطعام ونوم أو الاعتداء القوي عليها أو عدم علاجها وإعطاؤها أوقات للراحة أو قلة الأجر أو اتهامها بالسرقة إلى غيرها من دعاوى قد تكون كاذبة في كثير من الأحيان.

ولما كان هربها يمثل عدم استقرار مجتمعي فيتم إحالتها عن طريق الشرطة إلى (مكتب شئون الخادمات) متهمة الكفيل بضياع وثيقة سفرها والحصول على راتبها وأنها ترغب في تسفيرها، وقد تذكر أنها لا تعرف اسم الكفيل أو عنوانه أو أي شيء عنه، وتبقى في المكتب لأكثر من الشهرين إلى أن تضطر الدولة إلى تسفيرها على نفقتها الخاصة، ولذا نقترح أن تؤخذ لها بصمة عند دخولها تتضمن كافة بياناتها.

ولما كانت مكاتب استقدام العمالة تتبع وزارة العمل ولجان تسوية الخلافات والقضاء العمالي يتبع وزارة العمل فنقترح تحويل مكاتب شئون الخادمات إلى وزارة العمل حيث لم تعد من مهام وزارة الشئون الاجتماعية التي هي بعيدة كل البعد عن مهام شئون الخادمات ما رأي وزارة العمل والله من وراء القصد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد