Al Jazirah NewsPaper Monday  09/02/2009 G Issue 13283
الأثنين 14 صفر 1430   العدد  13283

ابتسم .... فأنت مسلم
د. سعد بن محمد الموينع

 

يقول شاعر الرسالة محمد إقبال في إحدى قصائده:

من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا

من كان يدعو الواحد القهارا

عبدوا تماثيل الصخور وقدسوا

من دونك الأحجار والأشجارا

عبدوا الكواكب والنجوم جهالة

لم يبلغوا من هديها أنوارا

هل أعلن التوحيد داع قبلنا

وهدى الشعوب إليك والأنظارا

يكفي المسلم فخراً وعزاً انتماؤه لهذا الدين الحنيف الذي ختم الله به الأديان ونسخ به الشرائع، ويكفيه فخراً قول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}.

إن المسلم الذي يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً ونبياً، يعيش سعيداً لأنه يحقق العبودية لله في أكمل صورها، يردد في كل صلاة يؤديها لله الألفاظ التي تتجلى فيها صور التعظيم والتوقير لله، ومن ذلك قول المسلم: الله أكبر، إياك نعبد وإياك نستعين.

إن عبودية البشر للبشر فيها من الإذلال والإهانة الشيء الكثير، وأما عبودية المسلم لله ففيها العزة والكرامة وفيها السعادة كما قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.

إن الإنسان بدون الإسلام لا يساوي أي شيء ليس له قيمة أبداً حاله كحال الأنعام بل هو أضل كما أخبر بذلك في كتابه الكريم.

إن الإسلام قد رفع من شأن المسلم وأعلى مكانته وجعله سعيداً لما أسلم وجهه لله وهو محسن، قال الله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}.

إن المسلم ينبغي له أن يعلم أن الله أعزه بالإسلام ولم تكن عزته بالمظاهر والأشكال كما قال ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما قدم من المدينة إلى بيت المقدس، ومعه خادم له ومعه راحلة كان عمر يركبها تارة وخادمه تارة أخرى، وكان الفاروق قد لبس ثوبا مرقعاً ولما وصل إلى بيت المقدس وكان المسلمون في استقباله، ولما وصل كان في استقباله أبوعبيدة - رضي الله عنه - ولما رأى ثياب عمر مرقعة همس في أذنه وقال له: لو لبست ثياباً غيرها أو ثياباً أجمل منها، فقال عمر مقولته المشهورة: يا أبا عبيدة نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله.

نعم يا أيها الفاروق لقد أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله.

إن المسلم إذا استشعر عظمة هذا الدين فإنه يعيش سعيداً عزيزاً تظهر مظاهر العزة في شخصيته وفي روحه، ولعلي أستشهد بأحد القادة المسلمين وهو ربعي بن عامر الذي دخل على قصر قائد من قادة الكفر في إيوان قصره، وكان ربعي مرقع الثياب رث الملابس، ولما سأله ذلك القائد وقال له: ما الذي جاء بكم إلى بلادنا، فقال ربعي بن عامر: أتينا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام ومن ضيق الدنيا على سعة الآخرة.

لقد قال ربعي بن عامر هذه العبارة التي توضح فلسفة المسلم في هذه الحياة، ألا وهي تحقيق العبودية الخالصة لله وتخليص البشر من عبادة البشر وتحقيق عدالة الإسلام، ذلك الدين القيم الذي يضمن لأهله السعادة والحرية والسرور كما قال تعالى في كتابه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}.

ما أعظمها من حياة طيبة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ما أجملها من حياة طيبة عاشها غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر الذي لبى نداء المنادي بالجهاد وهو في ليلة عرسه ولحظة دخوله على زوجته حيث قام منها في تلك اللحظة مستجيباً لداعي الله، ودخل المعركة ولم ينتظر حتى يغتسل فاختاره الله من الشهداء الذين هم عند ربهم يرزقون، ولما انتهت المعركة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - سلوا أهل حنظلة ما باله؟ فقيل له: إنه لما سمع منادي الجهاد كان جنباً، فخرج للقتال ولم يغتسل، فقال رسول الله والذي نفسي بيده لقد غسلته الملائكة بين السماء والأرض في صحاف من ذهب بماء المزن.

إن المسلم يشعر بعظمة هذا الدين إذا رأى غيره من الناس يتخبط في الجهل والضلالة وينغمس في الشرك وأدرانه والكفر.

إن فرح المؤمن يكون بهذا الدين وبما لديه من الإيمان والعمل الصالح ولا يكون فرحه بكثرة الأموال والأولاد، لأن المؤمن يكون سروره وفرحه إذا قرب من الله، وليس للأموال والأولاد دور في التقرب إلى الله إذ لو كان الأمر كذلك لكان الكفار من أقرب الناس إلى الله، قال الله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى}.

ابتسم أيها المسلم لأن العزة ستعود للمسلمين ذلك وعد غير مكذوب، ابتسم أيها المسلم لأن الله يقول: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} ويقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.

وأختم بقوله تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد