Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/02/2009 G Issue 13292
الاربعاء 23 صفر 1430   العدد  13292

الاشرعة
في حضرة الأحساء
ميسون أبوبكر

 

يدلف بك ذئب الصحراء إلى أحضان الأحساء وواحاتها قبل أن يكمل رحلته إلى الرياض منتعلاً الطريق الحديدي، تخرج هذه المدينة خارج إطار لوحة كانت أتتك ببعض ملامحها، أو قصيدة تغنت بسحر طبيعتها، لترحب بك نخلاتها وغيماتها ودفء ينابيعها وطيبة أهلها الرائعين ترحيبهم بالزائر الضيف.

تلبية لنادي الأحساء الأدبي الثقافي قصدتها قبل أيام لمشاركة الشاعر سمير فراج القادم من مصر بدعوة من النادي الأدبي في أمسية شعرية يقيمها النادي بمقره المؤقت بالمكتبة العامة، ولم أكن لأتخيل أنها ستكون الأمسية الأجمل لي وستترك هذا الانطباع وأحمل منها كل تلك الذكريات وكل الحنين الذي حملت منذ مغادرتي إياها.

برغم ظروف الاختبارات والظروف الجوية إلا أن هذه المدينة المتوهجة أبت إلا أن تحتفل بالشعر والشعراء وقد امتلأت القاعتين الرجالية والنسائية بالحاضرين وبجمهور الشعر الذي ابتهج بمتذوقيه.. كان الفارس المضيف قبل الضيوف وأثبت الشعر سيادته بامتياز ونشوة المُحتفَى به.

طبيعة الأحساء كانت ملهمة لأهلها للإبداع في مجالات مختلفة كالشعر والفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي.. والحضور الكثيف المبهج أثبت أن مدينة الألف نخلة والألف شاعر بها آلاف من متذوقي الشعر الذين يجري فيهم الشعر جريان الماء في أوردة أرضهم، ويمتلئون به كما ينابيعهم ويسمون بحرفة كسمو نخلاتهم الباسقة.

له في أرواحهم عرش ومتكأ.. وعالمه يتناسب من رحم ثقافتهم وتكوينهم، كنت حقاً أحن لمنبر الشعر وقد كانت الأحساء لي خير منبر توحدت به ومع من جاء يستمع لي كشاعرة تحرر الشعر من أعماقها كما الموج من أسر الريح، فتناثرت أصدافي على شواطئ الأحساء.. وتعانق صوتي بسمع الحاضرين وحلمنا الشعر معاً على جناحي نورس امتشق عباب البحر كالأشرعة البيضاء التي كتب البحر بأنفاسه عليها أسطورة الحياة والعشق.

حضرت فلسطين بحزنها وألمها في تلك الأمسية التي منحتها قصائدي وقصائد الضيف نصيب الأسد في نصوص عدة، فليس من المعقول أن يحضر الشعر ولا تزهر فيه تلك الديار.. لطالما تلازم الشعر وقضايانا وهمومنا ووثق لتاريخنا، وفلسطين تاريخ الألم المتجدد مع كل شهيد وجريح وغارة غادرة على أي جزء منها.

تنوعت المواضيع والقصائد وطرقنا والشعر أبواباً عدة وكانت المملكة هي المشهد الذي سكبه الشعر بعد جمعه من زهور الروح في آنية القلب، هي الحنين الذي لا يهدأ والعشق الذي تعتقه الأيام.

أمام هذا العدد من الحضور وقفت ممتنة للأندية الثقافية الأدبية التي تنتشر في البلاد مقيمة وشاهدة على أعراس ثقافية مختلفة وعلى مدار العام، هذه الأندية التي تعتبر رئة المثقف والمتلقي أيضاً ومرآة ثقافية ساطعة بكل ما ينعكس عليها، ما أروعها وهي تمتد في هذه الأرض كشرايين نابضة بثقافة أهلها وكممول حقيقي للإبداع.

غادرت الأحساء وفي صميمي وعد لها بالعودة مراراً.. شاكرة لرئيس ناديها الأدبي د. يوسف الجبر وللدكتور المبدع نبيل المحيش والأستاذة الرائعة بشاير محمد ولكل أهلها ومن تفضل بالحضور والمشاركة بهذه الأمسية.

آخر البحر:

من كتاب عاشق الأحساء الذي أعده الدكتور عبد الرزاق حسين أستاذ الأدب العربي بجامعة الملك فهد لدراسة عن قصائد ابن الأحساء الشاعر يوسف عبد اللطيف أبو سعد:

هفوف يا أملي الغالي ويا حلمي

أفديك قلبي به الأشواق ملتهبا

تمر بي ذكريات الأمس مشرقة

فأجتلي من رؤاها المنظر القشبا

هناك عند كثب الرمل منخفض

به (جواثا) الذي ما زال منتصبا

هناك (مشتلها) النشوان مبتهجا

يستقبل الأهل بالترحاب والغربا

وفي (الخدودِ) و(أم النجمِ) مسرحنا

ومنتدانا، وفيها ذكريات صبا

maysoonabubaer@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد