Al Jazirah NewsPaper Monday  23/02/2009 G Issue 13297
الأثنين 28 صفر 1430   العدد  13297

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال

 

(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) لكل فرد أقول:

إنْ يُدْرِككَ موتٌ أو مشيبُ

فقبلك مات أقوامٌ وشابوا.

ثم لو تأملنا الجنّة ونعيمها والنار وحجيمها لتغيرت أحوالنا، قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)، كما قال سبحانه: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ).

بعد هذه المقدمة نجد أن الموت حقيقة يواجهها كل مسلم وكافر، كل بعيد وقريب، كل ذليل وحقير، كل عزيز وأمير، كل صعلوك ووزير، لذلك حقيقة الموت هي نهاية المطاف وهي خاتمة الدنيا، والكل يعلم بأن نهايته الموت.

لذلك اعلموا أن الحياة حق والموت حق في قلب كل مؤمن يؤمن إيمانا عميقا بقضاء الله وقدره، ولكن الفاجعة لا محالة تترك في النفوس مشاعر الحزن الكبير والأسى البالغ وتهزكيانات وأفئدة كل من يتلقى نبأ خبر رحيل إنسان غالٍ وعزيز ومتواضع، مثل ما تلقينا خبر رحيل أخي عبدالله بن محمد الحقيل- رحمه الله- الذي انتقل إلى جوار ربه إثر مرض عضال، وموته أعطانا فرصة للتفكير في الحياة مرة أخرى وماذا تعني لنا خاصة عندما رأيت تلك الجموع الغفيرة في وداعه من الأقارب والمحبين في مقبرة أم الحمام بالرياض، لقد رحل وما بقي إلا عمله الصالح، حيث إن الموت داء لا دواء له، إلا التقى والعمل الصالح.

في ذلك اليوم الكل يبتهل إلى الرب، يدعو له بالرحمة والمغفرة حيث سيجد إن شاء الله ثواب ما أعطى لغيره من عطاء وما بذله لربه من عمل صالح.

من لم يعرف الفقيد أخبره أنه كانت له موهبة شخصية خاصة، وكفاءة في أمور كثيرة، لذلك كان واحداً من رجال التخطيط والاقتصاد في بلادنا، كان ممن عملوا على إنجاح السوق المصرفية، وجعل البنوك المحلية أكبر داعم لحركة النمو المحلي، ولذلك يعتبر أحد رواد العمل المصرفي السعودي الذين ساهموا في تعزيز دور المصارف السعودية وتطويرها، وللعلم كان رئيساً لمجلس البنك السعودي البريطانيا من عام 1988م وحتى وفاته، وفي تلك الفترة تم تعيينه عضواً بمجلس الشورى 3-3-1418هـ، وترأس العديد من إدارات ومجالس الشركات المساهمة، فقد انتخب عضواً في مجلس إدارة شركة نادك للتنمية الزراعية لمدة سبعة عشر عاماً، وعضواً في مجلس منطقة الرياض.

وعرف عن الفقيد- رحمه الله- التواضع والحرص على التواصل مع الآخرين والابتسامة الدائمة، وإقامة علاقات جيدة مع الجميع، وحب الخير، وحُسن التعامل والتسامح، وكان مثالا يحتذى في التواصل العائلي وتوطيد العلاقات الأسرية، كما كان يحرص على العلاقات الاجتماعية، وكان يحضر أغلب المناسبات الاجتماعية، ويحرص على التواصل والسؤال، لذلك كان أصدقاؤه من أبرز نجوم المجتمع وقادة الاقتصاد وموهوبي الثقافة، فقد كان رجلاً متعدد العلاقات، ويحق لي أن أقول: إنه فقيد مجتمع، ولذلك أقول عظم الله أجر الجميع في الفقيد وأسكنه فسيح جناته.

وأن يلهم عائلة الحقيل وأهله وكل من يحبه الصبر والسلوان، والعزاء لإخوانه أحمد وعبدالعزيز وعثمان وخالد وأخواته وعائلاتهم أم عثمان المزيد وأم عبدالله العبدالجبار وأم خالد الشبيلي وأم عصام الخليفة وأم وليد الرشودي وأم محمد السديري وابنته منيرة أم هيا الأحمد، ورفيقة دربه أم ياسر لها صادق العزاء، وكذلك عزائي لكل من له علاقة بالمرحوم، وأقول أحسن الله عزاكم، وعظّم أجركم في فقيدكم وجعلكم الله من الصابرين الشاكرين اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات آمين يارب العالمين.

اللهم اغفر له وارحمه وبدله داراً خيراً من داره، واعف عنه وأكرم نزله، وأجزه عن الإحسان إحسانا، وبالسيئات عفواً وغفراناً، وأمنه من الخوف والفزع يوم القيامة وعند السؤال في القبر.

وللقراء أقول: هل موت عزيز وغال عليك أيقظ قلبك وجعلك تدرك حقيقة الموت.

وتذكروا

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبا

كاسفا باله قليل الرجاء

كما تذكروا ما قاله الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قلب سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)، كما علينا أن نعد العدة للقاء الله عز وجل، فالموت نهاية المطاف لكل بداية وهو المصير المحتوم الذي لا مفر منه، فأينما ما يكون الإنسان يدركه الموت ولو كان في بروج مشيدة، فالموت لا مفر منه أبداً.

وأخيراً أسأل الله تعالى أن يعفو عنا وأن يختم بالصالحات أعمالنا إنه كريم ودود، وهو يقبل التوبة ويعفو عن كثير، وأتمنى أن الله يرضى عني وعنكم وعن كل مسلم يرجو رحمته.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد