Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/02/2009 G Issue 13299
الاربعاء 30 صفر 1430   العدد  13299

عامٌ جديد.. هل ندرك؟
لمياء محمد الخريّف

 

عندما تمسك بتقويم العام الجديد أجبر نفسك على فتح الصفحة الأخيرة من آخر شهر.. أغلق عينيك وتخيّل نفسك تعيش هذا اليوم واكتب كل ما تتمنى أن يتحقق لك خلال هذا العام.

هذه ليلة تتضمن موت عام.. وتوقع شهادة ميلاد عام جديد.. تحمل تابوت العام الذي انقضى وهو يحمل بين طياته كل الأخطاء والمواقف والمصائب إلى مقبرة فسيحة.

هي أيضاً ليلة تجعلك تقف في محطة جديدة تنتظر القادم يأتي بما حمل.. فاستغل.. وقفْ كالمسافر الذي قطع مسافة من الطريق ووقف ليستريح وينظر كم قطع من ميل.. وماذا قطع.. وكم تبقى لديه.. ولماذا يقطع ويسافر. وتخيّل نفسك التاجر الذي يحسب ربحه وحصيلته التي جمعها ويطمع بازدياد رصيده.

(ينقضي العام فتظن أنك عشته، وأنت في الحقيقة قد مِتّه) هكذا قد قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله.. فنحن نشعر ونحن نستقبل العام أنه سيطول وسيمكننا تحقيق ما نريد إلى حد التخمة.. ونردد ما أبعد الأعوام التي ستليه. والآن لا ندرك أن العام الذي كنّا نظنه طويلاً قد انقضى ولن يعود أبداً.

لازلت أذكر كيف استقبلناه وهو في مهده.. ونحن الآن نودعه للأبد.. إن الأعوام لا تكاد تبدأ حتى تنقضي وترحل.

كنت ومازلت دائماً أؤمن وأردد هذا المثل (كل ما يستطيع عقل الإنسان أن يتخيله ويؤمن به يستطيع أن يحققه) فمع بداية كل عام امنح نفسك فرصة عشر دقائق لكتابة ما تريد أن تنجزه في عامك.. اقرأها على الأقل كل شهر مرة.. واعمل على تجسيدها في أرض الواقع.. كافح حتى تصل إليها.. تحدى نفسك في الوصول إلى ما تريد وحاول الانتصار عليها لتكون في المكان الذي تحب.. فالله يهب كل طائر رزقه ولكن لا يضعه له في عشه.. ومع نهاية كل عام راجع ما كتبت وانظر ماذا حققت وستندهش بالإنجازات!

لا تنتظر ولا تتوقع أن تهديك الأقدار كل ما تريد وكل ما تتمنى وأنت تعيش يومياً على نفس الوتيرة.. ولا تناضل من أجل شيء.. كل شيء بيد الله ولكن لكل مجتهد نصيب.

إن الله أعطى الناس البصر والبصيرة.. البصر لرؤية ما حولهم في حياتهم اليومية.. أما البصيرة حتى يدركون ما يحدث حولهم ويحسبون نتائج أمورهم وعواقبها.

فهل ندرك قبل أن تنتهي أعوامنا كلها.. وقبل أن نستقبل حياة أخرى تبدأ بالموت.. أن نتأمل صُنعنا.. ماذا حققنا.. وماذا أنجزنا.. وما هي غايتنا وأهدافنا.. وماذا نريد أن نكون قبل أن يندثر وجودنا.

لن يشعر أحد بمتعة مطاردة الهدف والانتصار مهما كان الهدف بسيطاً وصغيراً إلا من جرب واستلذّ بطعمه.. وتمتع بشعور ولذّة ما بعد الإنجاز. فأنت اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.

قال الحسن رحمه الله: يا ابن آدم.. إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك.

انفض يديك من الخمول وانفض عن نفسك باقي غبرة الكسل واليأس ولا تنتقص من نفسك ومن قدراتك.. وابدأ.. فكل من سار على الدرب وصل. لا أظن أحداً يريد أن يكون كمن قال الشاعر عنهم:

ولم أر في عيوب الناس عيباً

كنقص القادرين على التمام

يا رب.. اغفر لنا ما سلف، ووفقنا فيما بقي.

وكل عام وأنتم بكل خير وصحة وعافية..


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد