Al Jazirah NewsPaper Friday  27/02/2009 G Issue 13301
الجمعة 02 ربيع الأول 1430   العدد  13301
لا يا فاطمة.. نحن لسنا أصحاب هوى وعقول لا تفكر إلا في نفسها

 

قرأت ما كتبته فاطمة الجوفان في العزيزة في العدد 13285 الصادر في 16-2-1430هـ، وفيه تقول (تكبيل عمل المرأة رغم توجيهات الدولة الداعية لفتح مجالات أوسع لعملها لا يخدم سوى أصحاب الهوى وأصحاب العقول والضمائر التي لا تفكر إلا في نفسها ومصالحها الشخصية، مرة باسم الدين وأخرى باسم الأخلاق والتوصية بأن جلوسها في المنزل أفضل).

وقرأت ما كتبه سليمان الدخيل في عدد الجزيرة رقم 13287 في 18-2- 1430هـ وقد أعجبني مقاله على سبيل العموم إلا أن فيه عبارة استوقفتني وهي قوله (ما زال بيننا من يرى أن المرأة يجب أن تظل حبيسة بيتها)، وأقول: هذا الأسلوب الذي كتب به كل منهما هو ما يسميه علماء البلاغة (تقبيح الحسن)، وله أمثلة في الأدب العربي القديم منها:

1- قول عبدالملك بن صالح العباسي ذاماً الاستشارة (ما استشرت أحداً قط إلا تكبر عليّ وتصاغرت له ودخلته العزة ودخلتني الذلة فإياك والمشاورة وإن ضاقت عليك المذاهب).

2- قول بعض البخلاء (يقبّح الكرم): ماذا ينفعني قول الناس كريم وقد ذهب مالي؟ وماذا يضرني قولهم بخيل وقد بقي عندي مالي).

ونستطيع أن نقابل كلام فاطمة وسليمان وننقضه برسم صورة جميلة لبقاء المرأة في بيتها (إذا لم تدع ضرورة أو حاجة لخروجها) والعبارات الصالحة لذلك كثيرة مثل أن نقول عن المرأة: مربية الأجيال، صانعة الأبطال، الواحة الظليلة التي تسكن إليها الأسرة. وأفضل هذه العبارات وأجلها قول الرسول صلى الله عليه وسلم (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها).

وأما وصف فاطمة لبقاء المرأة في منزلها بأنه تكبيل لعملها فهذا غير صحيح، بل إن هذا توزيع للمسؤولية والصلاحيات؛ فالأصل أن الرجل يعمل خارج المنزل والمرأة داخله وكل منهما يكمل الآخر؛ ولذلك لما خرجت المرأة من منزلها اضطرت أن تأتي بامرأة أخرى (خادمة) لتحل محلها في عملها الذي تركته شاغراً - وهو إدارة المنزل وتربية الأبناء - أم أنك يا فاطمة تقولين: إن الخادمة ليست امرأة وإن بقاءها في المنزل ليس تكبيلاً لعملها؟!

ولا يخفى على أحد ما نتج عن وجود الخادمات في أكثر منازلنا من مشكلات عقدية واجتماعية ولغوية وأخلاقية واستنزاف لاقتصاد البلد. وفي بعض الدول - ومنها بلادنا المملكة العربية السعودية - تمنع الحكومة الموظفين من العمل في التجارة ولا يعتبر هذا تكبيلاً للموظفين؛ لأن القصد منه توزيع الأعمال وأبواب الرزق بين الناس؛ فهذا في مكتبه وذاك في مدرسته والآخر في تجارته والرابع في مصنعه، وكل منهم يكسب رزقه ويخدم نفسه ومجتمعه.

وكذلك الأمر بالنسبة للرجل والمرأة، فهذا يعمل خارج المنزل وهي تعمل في داخله إلا إذا اقتضت إلى خلاف ذلك ضرورة أو حاجة كخدمة نفسها وبنات جنسها ونحو ذلك، لكن يبقى ذلك على خلاف الأصل وضرورة تقدر بقدرها.

ثم عندنا من النصوص الشرعية ما يدلنا على أن الأصل في عمل المرأة أن يكون في المنزل، نسوق بعضها فقط لتعلم الأخت فاطمة أننا لسنا أصحاب هوى ولا أصحاب عقول وضمائر لا تفكر إلا في نفسها. وليعلم الأخ سليمان والأخت فاطمة أن الذي أوصى أن تبقى المرأة في بيتها وأن ذلك خير لها ولمجتمعها هو الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم:

1- قال الله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (33) سورة الأحزاب.

2- وقال عليه الصلاة والسلام (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن) رواه الإمام أحمد وأبو داود.

3- وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد (عليكن بالبيت فإنه جهادكن).

وبين يدي الآن عدد كبير من النصوص الدالة على ذلك، ولكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.

إبراهيم بن علي القيشان
عنيزة 51911 - ص ب 5415



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد