Al Jazirah NewsPaper Monday  02/03/2009 G Issue 13304
الأثنين 05 ربيع الأول 1430   العدد  13304

ربيع الكلمة
نقص القادرين على التمام
لبنى بنت عصام بن عبد الله الخميس

 

إذا لم يكتب الكاتب عن هموم مجتمعه ولم يتلمس احتياجاته ولم يهتز ولم يتفاعل مع دمعة مظلوم، أو تشكي ضعيف ومغلوب ولم يتحدث وينقد وبالتالي يسهم في إصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فليتوقف عن الكتابة وليرفع قلمه.

أكتب اليوم عن ظاهرة مزعجة ومشكلة قديمة جديدة وقضية سعودية بامتياز تشغل كثيراً من المواطنين والمقيمين على حد سواء، ألا وهي النقل والتنقل.. وهي من أهم وأعمق المشكلات التي تواجه مجتمع مدينة الرياض بشكل خاص.

مشكلة الكثافة المرورية التي تخنق أنفاس المدينة وقاطنيها وتجعل تنقلاتهم طويلة ومرهقة، وفرصة حضورهم لمواعيدهم بشكل دقيق وصحيح صعبة بل مستحيلة.

فالكثافة السكانية في مدينة الرياض ترتفع كل عام وتجبرنا على أن نقف بجدية ومسؤولية أمام مشكلة التنقل في شوارع المدينة التي مهما اتسعت لا يمكن أن تستوعب كل أعداد السيارات.. ففي كل بيت هناك سيارتان تقريباً وفي بعض البيوت و- البعض كثير - خمس سيارات (وأنا لا أعمم ولم أقم بإحصائية).

ولكننا إذا وقفنا أمام هذه الفرضية فنجد أننا أمام مشكلة حقيقة وملحة تتطلب منا حلولاً وموقفاً حازماً وعازماً على التغيير والتطوير.

أجد أنني أمام أكثر من حل طبقته كثير من الدول المتقدمة، وكم أتمنى أن نحاكي تجاربهم ونقتبس من قصصهم الثرية في معالجة هذه المشكلات والتغلب عليها.

من أهم هذه الحلول تنفيذ مشروع القطارات الذي سمعنا عنه الكثير وشبعنا ومللنا من الوعود به، وشعرنا أننا حمقى حين ننتظر مشروعا بات خيالياً ومستحيل التحقيق !.

ففي معظم الدول المتقدمة أو النامية نجد أن مشروعات القطارات التي تعطي المدينة طابع التميز والتحضر والانسيابية قد نُفذت أو أنها في قائمة الأولويات لديها. فأتمنى ألا نستيقظ ونستوعب حين نجد أننا قد غرقنا واختنقنا من تكتل السيارات في شوارع المدينة.

كما أن حافلات النقل قد تسهم في حل جزء كبير من الأزمة فبإمكانها أن تقلل من أعداد السيارات إذا أوجدت باصات بمواصفات عالية، حديثة ومكيفة ومريحة تتنقل بين عدة نقاط حيوية في المدينة، فباصاتنا اليوم عفا عليها الزمن وانتهت مدة صلاحيتها.. باصات مهترئة ومتهالكة ومتآكلة من موديلات السبعينيات والثمانينيات تشوه مدينة الرياض وتعوق مسيرتها الحضارية.

وإذا كان بقاء هذه الباصات المهترئة من باب إتاحة الفرصة لبعض المواطنين محدودي الدخل للترزق منها فلماذا لا تسهم الدولة معهم وتساعدهم وتدعمهم بتأمين باصات متميزة، وتقدم لهم بعض التسهيلات بقروض ميسرة حتى لا تكون بشاعة هذه الباصات على حساب الوجه الحضاري المشرق والطموح لعاصمتنا الذهبية الرياض.

وأكاد أجزم لو كانت هناك باصات حديثة ونظيفة ومكيفة وعصرية لأوقف كثير من المواطنين سياراتهم واستقلوا الباصات مثل ما يفعل كل المواطنين والمقيمين حول العالم.

النقل الجماعي في مدينة الرياض لا يتناسب مع طموحاتنا ولا يلعب الدور المرجو والمأمول منه. فلماذا توقف النقل الجماعي الداخلي واقتصر دوره على التنقل بين المدن؟ لا شك أنه حقق نجاحات في ذلك ولكننا نطمع ونريد منه أكثر من ذلك.

فإذا فكرنا بجدية ووقفنا ببساطة أمام قساوة الموقف نجد أننا نستطيع أن نحل المشكلة ونتغلب على مشكلات أخرى تتبعها مثل مشكلات سيارات الأجرة (الليموزين) والحوادث المرورية الناتجة عن الزحام والتأخر عن المواعيد والدوامات.

تزامنت رغبتي في الكتابة عن هذا الموضوع مع زيارة قصيرة لمدينة دبي التي تفوقت على نفسها ودخلت التاريخ. وجدت فيها الرغبة الجادة والإصرار البين على التميز في كل المجالات.. ومن أهم ما تميزت به الباصات الجميلة والفخمة التي تطابق متطلبات البيئة حيث تمنع انبعاث العوادم، وما تعتزم القيام به من محطات انتظار مكيفة للركاب تتميز بأفضل وأحدث التسهيلات مثل آلة صرف آلي وآلات بيع الصحف والمرطبات، محطات حديثة مزودة بلوحات إلكترونية تقدم معلومات للركاب عن مواعيد مغادرة الحافلات وموعد قدوم الحافلة القادمة وغيرها من المعلومات المفيدة.

فسؤال يطرح نفسه لماذا لا ندرس هذه المشروعات ونطبقها في مدينة الرياض التي يفوق عدد ساكنيها ساكني مدينة دبي بأضعاف؟

لماذا تقتصر مشروعاتنا على توسيع الطرق وإنشاء الأنفاق؟

لماذا يتقدم العالم من حولنا بخطوات واثقة وسريعة ونحن مازلنا نتأمل تجاربهم ونراهن عليها؟

ماذا ينقصنا عنهم؟ حقيقة لم ولن أجد جواباً مقنعاً ومشبعاً !

ختاما.. لسان حالنا كما يقول الشاعر:

ولم أر في عيوب الناس عيباً

كنقص القادرين على التمام ِ

* * *


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد