Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/03/2009 G Issue 13314
الخميس 15 ربيع الأول 1430   العدد  13314
شيء من
الإرهاب والمخدرات!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

يقول الخبر الذي نشرته جريدة عكاظ يوم الثلاثاء الماضي: (كشف مسؤول أمني في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، النقاب عن جهود تبذل على صعيد دولي للتحقق عن علاقة شبكة تهريب المخدرات التي أحبطت أمس الأول، بمنظمات إرهابية، لا سيما أن الإرهاب والمخدرات وجهان لعملة واحدة).

ارتباط المخدرات بالإرهاب تؤكده علاقة (طالبان)، وكذلك القاعدة، بتجارة المخدرات في أفغانستان. فالتمويل الأساسي لطالبان هو تجارة المخدرات.

وهذا يؤكد ما كنا نقوله دائماً أن أولئك الثوريين الإسلامويين الذين جعلوا من الدين وسيلة لاستقطاب الشباب السذج، والزج بهم في أتون الإرهاب، هؤلاء لا علاقة لهم بالدين وإن ادعو الجهاد، ونصرة الإسلام، فليس ثمة إلا التذرع بالجهاد، والتستر بنصرة الإسلام، لتنفيذ غايات لا تمت للدين بصلة. ومن متابعتي لثقافة هذه الفئة، وأقوال أساطينهم، وخطابهم الديني (الثوري)، فإنهم سيجدون ألف مبرر ومبرر يجيزون به لأنفسهم استخدام هذه السموم ونشرها تحت ذريعة نصرة الجهاد وأهله، مثلما خرجوا بالأمس جواز قتل النفس (الانتحار) الذي حُرم نصاً بالقرآن، وسموه (الاستشهاد). فالذي يبيح أن يقتل الإنسان نفسه بالتحايل على النصوص، ولي أعناق أقوال الفقهاء واجتهاداتهم، لن يعجزه أن يجد لمن يتاجرون بالمخدرات ذريعة فقهية تبيح لهم أن يمولوا (جهادهم) بالمال الحرام. فالمنطق الذي أباحوا به جواز (الانتحار) لخدمة الإسلام، مقتضاه أن فساد الوسيلة يُبررها سلامة الهدف أو الغاية؛ ومثل هذه الحيلة الفقهية التي أباحت الانتحار، يمكن توظيفها - أيضاً - هنا بذات الشروط للخروج (بجواز) - إذا لم يكن (وجوب) - الاتجار بالمخدرات خدمة للإسلام والمسلمين، وطبعاً (خدمة) الجهاد الذي يزعمون أنهم يناصرونه. وسيجدون في النهاية الآلاف الذين يبحثون عن (الفتوى)، أي فتوى، للانخراط في هذه العصابات، وحجتهم (حط بينك وبين النار مطوع)؛ فطالما أن ثمة (مطوع) أو على الأصح (كاهن) أفتى بذلك، فما عليك إلا التنفيذ، وما ترتب على هذه الفتوى (سينوء) بها من أفتى، وسينجو من العقاب المنفذ الإرهابي، أو من يتجر هنا بالمخدرات.

وأتذكر ما قاله لي أحد الأصدقاء اللبنانيين، عن زراعة المخدرات في جنوب لبنان، وكيف أن بعض من يزرعون هذه السموم ويتاجرون بها من الشيعة هناك، يدفعون عند نهاية الموسم (خمس) أرباحهم إلى مراجعهم الدينيين، على اعتبار أنها حق من حقوق الله كما هو مقرر في فقه الشيعة، ويتعبدون الله بالوفاء بها. بل أن أحدهم قال لصاحبي إنه علاوة على (الخمس) الذي يدفعه إلى مرجعه الديني، يقوم - أيضاً - بالنفقة على عشرة من أبناء (ضيعته) ليأدوا فريضة الحج كل عام، طلباً للأجر والمثوبة من الله!

هذه العقلية (الشيعية) التي لا ترى بأساً في التقرب إلى الله بإنفاق المال الحرام، هي ذات العقلية (الطالبانية) التي توظف المال الحرام من زراعة وتجارة المخدرات لإقامة دولة الشريعة في أرض الإسلام، تحت شعار نصرة (الجهاد). فلا فرق في المحصلة النهائية بين (آية الله) الذي يمول الإرهاب في بلاد (النواصب) كما يدعون، و(الملا الأفغاني) الذي يمول (الجهاد) لإقامة دولة الشريعة في أفغانستان، فالمحصلة واحدة، وإن اختلفت الملل والنحل.

إلى اللقاء



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد