Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/03/2009 G Issue 13317
الأحد 18 ربيع الأول 1430   العدد  13317
لما هو آت
عجبي.. حتى إن انتقيتم !
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

كما السوق فيها البضاعة الجيدة والرديئة، ومعقولة الثمن وباهظته، والمناسب للأذواق والمخالف لها، وما هو مقبول للحاجة، ومرفوض معها، كما هذا هو سوق الأقلام، فبضاعتها كما تلك، والانتقاء مخرج حسن، وتخلص مهذب، لا يوقع صاحبه في خسارة إن هو أحسن الانتقاء، لكن بضاعة الأقلام محصورة ليس في جودة أو رداءة القراطيس التي تسجل فيها معطيات الكتاب، ولا في ألوان أحبارهم أو جمال خطوطهم أو رديئها، بل في الغاية التي لا تبلغ إلا عن الفكرة وأسلوب الصياغة، عن المفردة القادرة على إيصال الدلالة، وتراكيبها التي لا تُخلُّ بالمعاني، ناهيك عما تحمله من التوجهات وقيمها، كذلك عن منحى القناعات والمعتقدات وأبنية الأفكار, فكما للكتابة مبادئها نحو ذلك، فإن لها أخلاقها عند ذلك، فلا مدعي حرية الفكر و يقيِّد حريات أفكار الآخرين، ولا متشح رداء الصدق ويلوي قلمه مستظرفا الأكاذيب والبهتان، ولا مرتدياً زي التواضع والإيثار فيلهب قوادم قلمه في مضمار ذاته، ولا واعيا بمتغيرات عصره فينهج مفازات اغتراب ونأي، ولا نافخا أوداجه بسمات الثقافة والإبداع، فيفرغها عند جدل سقيم أو تخط عقيم،.. ولأن بضاعة الأقلام اختلط فيها حابل الأفكار بنابل مضامينها، بمختلف أساليبها، فإن الانتقائية معبر لن ينجو به إلا ذو بصيرة..غير أن هناك من سيقف عند مفهوم البصيرة فيمنحها من السمات والصفات، والدلالات والمعاني بما يوسع رقعة السوق، وخلط الأوراق..

عجبي، أليس هو زمن اللهاث والدمج والعجن والانبساط..؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد