Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/03/2009 G Issue 13317
الأحد 18 ربيع الأول 1430   العدد  13317
مطلوب الحجز على الأموال المشبوهة

 

تعليقاً على ما جاء بالعدد رقم 13294 في 25-2-1430هـ تحت عنوان التعريف بغسل الأموال للقضاة بدأ يوم السبت الموافق 26-2-1430هـ) وأشير في الخبر إلى أن البرنامج سيتناول جوانب جريمة غسل الأموال في التنظيمات القضائية والاقتصادية وعدم مشروعيتها وآليات الحد منها وعقوباتها في الأنظمة العدلية وتجارب الدول في هذا الشأن، وإنني إذ أحيي هذه الخطوة من قبل وزارة العدل فاسمحوا لي أن أدلو بدلوي حيال ذلك، فقد صدر نظام مكافحة غسل الأموال في المملكة بقرار مجلس الوزراء رقم 167 في 20-6-1424هـ، وتمت المصادقة عليه بالمرسوم الملكي الكريم رقم م-39 وتاريخ 25-6- 1424هـ، ومن أبرز مواده التي تهم القارئ الكريم ما يلي:

1- عرفت المادة الأولى من النظام غسل الأموال بأنه: (ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه بقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام بما في ذلك تمويل الإرهاب والأعمال والمنظمات الإرهابية، كما عرفت الحجز التحفظي بأنه: إجراء الحظر المؤقت على نقل الأموال أو المتحصلات أو تحويلها أو تبديلها أو التصرف فيها أو تحريكها أو وضع اليد عليها أو حجزها بصورة مؤقتة استنادا لأمر صادر من محكمة أو سلطة مختصة بذلك.

2- بينت المادة الثانية بأنه يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من فعل أي من الأفعال الآتية:

أ- إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.

ب- نقل أموال أو متحصلات أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها مع علمه بأنها ناتجة عن نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع.

ج- إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها مع علمه بأنها ناتجة عن نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي.

د- تمويل الإرهاب والأعمال والمنظمات الإرهابية.

هـ- الاشتراك بطريق الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة.

3- المتمعن جيداً في أنظمتنا القانونية يجد أنها منحت صلاحيات واسعة للقضاة بإجراء الحجز على أموال من تدور حولهم الشبهات ومصادرتها في حال ثبت أن هذه الأموال تم الحصول عليها نتيجة لأفعال غير المشروعة، ومن هذه المواد ما نصت عليه المادة الثالثة من نظام مكافحة الاعتداء على المال العام وإساءة استعمال السلطة التي نصت على: (تطبيق المساءلة لكل من تدور حوله شبهات حول مصادر ثروته)، كما نصت المادة الرابعة والخمسون من نظام مكافحة المخدرات التي تقول: (إن للمحكمة المختصة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من جهة التحقيق في أي مرحلة من مراحله أو حال النظر في القضية متى توافر لها أسباب مقنعة أن تحكم بإجراء الحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمهربي المخدرات أو تجارها أو أموال أزواجهم أو أولادهم القاصرين وغيرهم من الأشخاص الموجودين داخل المملكة أو خارجها إلى أن يحكم في القضية إذا قامت قرائن تدل على أن مصدر هذه الأموال أو بعضها هو أحد الأفعال الجرمية المنصوص عليها في المادة 3 من نظام مكافحة المخدرات.

4- ومن أبرز الحيل التي يلجأ إليها متحصلو الأموال بطرق غير مشروعة أو غير نظامية لإضفاء الشرعية على أموالهم أو بالأصح غسلها، هي ما أشار إليه المستشار بمحكمة التمييز الكويتية الدكتور عبدالله محمد عبدالله في بحثه المقدم للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي الذي عقد خلال شهر محرم من العام 1424هـ بجامعة أم القرى في مكة المكرمة حيث أشار إلى أن: (كل ما يتصل بعملية غسل الأموال وكيفية تحويل الكميات الضخمة من النقد إلى إيداعات أو تحويلها إلى أدوات مالية عاملة أو إلى رؤوس أموال أخرى تدور في الاقتصاد أي أنها تمر بمراحل ثلاث هي الإحلال والتعتيم والتغطية والدمج).

أولاً- الإحلال: ويقصد به تقديم المال في صورة تجارة مشروعة عن طريق خلق نسيج جديد للصفقات النقدية بإيداعات نقدية بنكية أو شراء أوراق مالية، وهناك إحلال عن طريق استخدام مؤسسات غير تقليدية مثل بيوت الصيرفة سماسرة الائتمان وتجار المعادن النفيسة والكازينوهات وأماكن اللهو بصفة عامة، كذلك من وسائل الإحلال شراء السيارات والمراكب والطائرات والعقارات وهي وسيلة تقليدية لغسيل الأموال، ومفضلة لأنها تحول النقد إلى رأس مال ذي قيمة عالية يستخدم مستقبلاً من خلال عمليات إعادة البيع في عمليات أخرى، ومن أبرز إجراءات هذه المرحلة اختيار موقع التنفيذ، وهناك أسواق معروفة تقدم تسهيلات وتأمينات لهذه العملية مثل هونج كونج وبنما وجزر الكاريبي.

ثانياً- التعتيم والتغطية: وهي مرحلة تالية للمرحلة السابقة فإذا نجح التاجر في أن يضع أمواله في إطار النظام المالي الدائر ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية وهي المعروفة بالتعتيم وهي مرحلة يتم فيها فصل الدخل عن أصله بخلق طبقات معقدة من صفقات مالية تهدف إلى إخفاء معالم مصدر المال أو إبعاده قدر الإمكان عن إمكانية تتبع الحركة الحسابية له، ومن أمثلة التعتيم استخدام أوراق مالية من خلال مؤسسات مالية من السهل تحويلها مثل الشيكات السياحية وخطاب الضمان وأوامر الدفع وشيكات الصرف والأسهم والسندات، وهذه الوسائل تسمح للدخل أن يتحول مرة أخرى أو يودع في مؤسسة وطنية أخرى دون أن يكشف، وإن رأس المال الذي تم الحصول عليه في المرحلة الأولى يمكن أن يعاد بيعه أو يصدر وفي المقابل يأخذ صورة دفع نقدي وهو ما يجعل شخص المشتري أقل وضوحاً ورأس المال أكثر مرونة في الحركة.

ثالثاً- الدمج: وهذه المرحلة تكفل الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروة ذات المصدر غير المشروع، وبهذه العملية توضع الأموال المغسولة مرة أخرى في الاقتصاد بطريقة يبدو معها أنه تشغيل عادي لما من مصدر نظيف، ومن أمثلة إجراءات الدمج:

أ- بيع وشراء العقارات بواسطة شركة غطاء تشتري ثم تبيع.

ب- القروض الصورية أو الوهمية، وعادة يلجأ التجار إلى شراء بضائع بأسعار تضخمية والغاسل لا يهمه أن يدفع السعر التضخمي طالما أنه يحصل على بضائع أصلية مطهرة يمكن بصورة مباشرة أن يبيعها.

ج- مشاركات البنوك الأجنبية في عمليات الغسيل.

د- يعرقل مهمة الكشف نظام سرية عمل البنوك مما يحقق تسهيلات لحركة التداول.

هـ- تشهد هذه المرحلة صدور أذونات أو تراخيص الاستيراد والتصدير المزيفة أو الوهمية، وهي تتمم وثائق إيداع الدخول في النهاية في البنوك).

أخيراً ليس آخراً فمن أبرز الطرائف في هذا المجال هو ما أقدم عليه أحد تجار المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية حيث قام بشراء مغسلة ملابس، كانت تجري جميع تعاملاتها من خلال فئات مالية صغيرة لأن معظم زبائنها كانوا أفراداً، وكان صاحب المغسلة في آخر كل يوم يضيف إلى أرباح هذه المغسلة جزءاً من أموال تجارته الأخرى في المخدرات، وبذلك كان ينظف أموال المخدرات من خلال خلطها بعائدات المغسلة، وهكذا كان المال الموجود كل يوم يظهر للعيان وكأنه أرباح المغسلة فقط؟؟؟ حتى نجح في تنظيف أموال المخدرات وجعلها تبدو مشروعة المصدر..

مفلح بن حمود الأشجعي
باحث في الشريعة وطالب قانون - القريات


mufar_999@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد