Al Jazirah NewsPaper Monday  16/03/2009 G Issue 13318
الأثنين 19 ربيع الأول 1430   العدد  13318
بين قولين
تقريظ لمشاهد المعرض
عبدالحفيظ الشمري

 

لملم المعرض الدولي للكتاب هذا العام أوراقه، وطوى أروقته، وأوصد أبوابه، وشد ظعنه للرحيل إلى (أبوظبي)، فبعد رحيله قد يتسنى لنا الآن ان نتأمله جيداً، ونقرظه بشكل خاطف، إذ تتمثل هذه المشاهدة في ظاهرة الحضور الكثيف؛ ليس للكُتّاب، والأدباء، إنما لرواده جميعا.. رجالا ونساء، ومن مختلف الأعمار.

أما الأسباب الممكنة وراء هذه الكثافة فإنها قد تعود إلى الإعلان الجيد، والترتيب المميز، والأكثر ترجيحاً هو الرغبة العارمة لدى مجتمعنا في حب (الاستطلاع) على كل ما يدور في المعرض، مع قليل من الرغبة والاستعداد (للاطلاع) على الجديد في مجال المؤلفات، حتى ولو من قبيل تقليب الأوراق، ومشاهدة آخر طبعة، ومعرفة السعر.

فالفرق واضح بين الاستطلاع والاطلاع، فالاستطلاع قد يرتبط بنمط معين من النظرة العامة والسطحية للأشياء من منطلق معرفة تفاصيل بعض الحكايات، والنظر بشغف إلى كل ما يحدث فيه من تحولات وتجاذبات، ومواقف.

فالكثافة في الحضور لا تمثل في الضرورة الرغبة العارمة في الاطلاع على المعارف والعلوم، أو حب الاقتناء أو الشراء، كما أسلفنا، إنما يظل الاستعراض هو الوارد، والحاضر في هذه المناسبة التي يغلب عليها العموم، فصفة مراقب عام هي أدق وصفا لهذه المناسبة في هذا العام، لا سيما مراقبة وتأمل ما قد يطرأ من تداخل بين الجهات التي تتنازع أمر القيادة والسيطرة على فعالياته، من قبيل دور وزارة الثقافة والإعلام المطلق، ومنازعة بعض الجهات الأخرى لها في هذا الدور.

من قصص معرض الكتاب الطريفة لهذا العام هي ما رواها أحد الناشرين حينما تردد عليه رجل وعلى مدى ثلاثة أيام حيث يقوم بإعادة الكتاب الذي اشتراه بالأمس، ليأخذ غيره ومع تأمل الناشر للكتاب الذي يعاد يجد ان الرجل قد استخدم الكتاب إما لتصويره أو لقراءته بنهم ومن ثم إعادته واقتناء غيره.

ومن الطرائف التي قد لا تحصيها في المعرض ما يأتي على هيئة سؤال يختلط فيه الحابل بالنابل على نحو من يسأل عن كتاب (المُغني) وهو يحسب أنه من تأليف مطرب كهل أو فنان شاب، في وقت يأتي كتاب (المُغني) هذا المنجز التراثي الشهير للعلامة ابن قدامة، وليس لفنان، أو مغني ظن ان الله فتح عليه وبدأ التأليف.

اتساع المعرض ورحابته نوعاً ما مع وجود المواقف أعطى فرصة مناسبة لأن يخرج الرجال والنساء محافظهم للتزود بالمؤلفات والكتب من كل نوع ولون، وربما أسهم الاعلان المتكرر عن وجود (صراف آلي) مالي في تحفيزهم على الشراء، ليطرب جميع الناشرين بهذه الحماسة الفريدة في الاقتناء.

أما المؤسف في المعرض فهو ما يرى في بعض الكُتاب وقد تحولوا الى طواويس في وقت كان فيه من الاجدى أن يظهروا تواضعهم أمام الناس في هذه المناسبة، وان يكفوا عن الإدلاج المتكرر في زوايا المعرض وأجنحته، إلا أن الكثير من الكُتاب وللأمانة كانوا في حضور مميز، ووقار جم، يعكس ما لديهم من عطاء وإبداع لافت.



hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد