Al Jazirah NewsPaper Friday  03/04/2009 G Issue 13336
الجمعة 07 ربيع الثاني 1430   العدد  13336
إلى الوداع يا صاحب السيرة الحسنة
عبدالعزيز صالح الصالح

 

يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وقال تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.

وقلوب يملؤها اليقين راضية بالقدر المحتوم بالأمس القريب انتقل إلى جوار ربه الخال الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن الحرابي يرحمه الله فجر يوم الأحد 8-1-1430هـ الموافق 5-1- 2009م بعد حياة أفناها في طاعة الله سبحانه وتعالى.

بصفحات ناصعة البياض وسمعة طيبة ومكانة كبيرة بين أفراد الأسرة جميعاً كبيراً أم صغيراً بعيداً أم قريباً فكان مضرب المثل في الصفا والود والمحبة وصلة الرحم.

لا يضمر لأحد حقداً ولا يحمل لأحد حسداً وضغينة بل كان أباً للجميع ودوداً رحيماً للصغير والكبير نحسبه كذلك والله حسيبه فقد أعطاني انطباعاً كبيراً مما جعلني أطوع قلمي الذي بين أناملي وحرارة الحرف قد أشعلت فتيل عباراتي وكلماتي ولكني عاجز عن وصفها مهما أوتيت من بلاغة وبيان فلا أستطيع أن أعبر في هذه العجالة عما يكنه خاطري فهو يمتاز بدماثة خلقه وتواضعه وبشاشة وجهه التي لا تفارق محياه وأدبه الراقي وأسلوبه المميز وحبه لكافة الأقارب والأحبة والأصدقاء وعندما أزوره بصحبة العائلة في منزله العامر بحي الأمير مشعل بعرقة يرحب بنا كثيراً ويبادل كل واحد منا الحديث ويسأل عنه وعن حاله وأفراد الأسرة وحال والديه وكان يجلس معنا كثيراً ويبادلنا أطراف الأحاديث الشيقة ويعطي حديثه نوعاً من المرح والفكاهة والتسلية بصوت هادئ وابتسامة ترتسم على محياه بشكل دائم ولسان رطب يذكر الله في كل الأوقات ودائماً يتحدث عن الأيام القديمة التي كان يعيشها داخل مزرعة والده وأفراد الأسرة كاملة وعن أهالي (عرقة) وعن أعمالهم وعن الحياة القاسية التي مر بها في ذلك الوقت وعن ما يعانونه من تعب ومشقة وعناء في كسب المعيشة اليومية طوال العام ومن تلك الأعمال الشاقة جلب المياه من الآبار القديمة وذلك عن طريق السواني وكذلك السهر الطويل والتعب والكد والحرث والري والاحتطاب والرعي والتنقل من مكان إلى مكان عن طريق السير بالأقدام أو ركوب الدابة وكذلك تسويق المحاصيل الزراعية آنذاك عن طريق الإبل ولذلك فنحن الحاضرون بمجلسه العامر يشعر بمتعة كبيرة لأنه يثري المجلس بأحاديثه الشيقة وقصائده الممتعة والمتنوعة وكلماته البليغة وبعد نظره ونصائحه الهادفة وحواراته الهادئة كما أعجبت كثيراً وكثيراً من حرصه الشديد واهتمامه الدائم لصغائر الأمور قبل كبارها وتتبعه للوضع الأسري الذي تعيشه أسرته ومشاركته أفراد الأسرة همومهم وأفراحهم واهتمامه الكبير بحل مشاكل أفراد الأسرة الواحدة ويساعدهم بقدر إمكانياته المادية المتاحة حيث إنه يسعى دائماً للخير في أبواب الخير كمساعدة الضعيف والمحتاج وعابر السبيل بقدر الإمكان.

ساهم بكل ما أوتي من عون ومساعدة بعد الله في بناء التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة وتجده دائماً مثالياً في سلوكياته متألقاً في أخلاقه سامي الطبع جوارحه تتلألأ بعلامات الضياء المشرق كشعاع الشمس دائماً على مر الأيام والسنين يترحم على والديه في أي مناسبة كانت وعلى من يعرفه أو لا يعرفه وعلى كافة إخوانه المسلمين ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار ويحرص دائماً على تلبيته الدعوة وزيارة إخوانه المرضى. وقد شارك في تشييع جنازته حشد كبير من داخل عرقة وخارجها حيث إن جامع الأمير مشعل (بعرقة) قد اكتظ بالمصلين وقد تحرك جمع غفير خلف جثمانه الطاهرة إلى المقبرة وألسنتهم تلهج بالدعاء والرحمة والمغفرة والثبات على روحه بأن يغفر الله له جميع خطاياه وزلاته وعثراته وأن يتسامح عنه.

وخلال أيام التعزية لا يزال بيت الخال إبراهيم يرحمه الله مكتظاً بالمعزين الذين قدموا من كل حدب وصوب إنهم يعرفون مآثره الطيبة وسيرته الحسنة وأعماله الخيرة كما قيل في الأثر (المؤمنون شهداء الله في الأرض) فقد آلمنا رحيله ولكن سيرته الحسنة ستبقى خالدة بإذن الله في نفوسنا وأذهاننا وعقولنا.

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة. وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار. واسأل الله أن يجزي كل من واسى أبناءه الكرام وإخوانه وأحفاده وأقاربه وأرحامه وساهم في تخفيف مصيبتهم خير الجزاء.

الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد