لست هنا مبتدعاً حديثاً، أو مفاجئاً للقارئ الكريم بالحديث عن البطالة فهي قد طرقت ولاكها كثيرون، لتبقى متصدرة قائمة الأعذار في كثرة العوانس والانحراف في السلوك كالسرقات والوقوع فيما يوجب على صاحبه العقوبة الشرعية أو النظامية أو كلتيهما معاً كل تلك الأعذار في مجملها لا ترقى إلى الإقناع بأي حال من الأحوال، ولا يمكن تبرير السلوكيات المستندة عليها، إذ إن كثيرين ممن جعل البطالة عذراً يلوكه في أحاديث قد بحث عنها فهو يريد أن يتقاضى راتباً عالياً، وأن يتبوأ منصباً رفيعاً بمجرد تقديمه لمسوغات تعينه لدى قطاع العمل الحكومي أو الأهلي، فما أن يعلم بمقدار الراتب وبطبيعة العمل تظهر عليه علامات السخط وعدم الرضا وكثير قد ترك العمل وذهب هائماً على وجهه ليصبح عبئاً على أسرته ومجتمعه وكما قيل ما لا يدرك جله لا يترك كله، وكما هو المعلوم أن المؤهل العلمي ضروري والخبرة في مجال العمل يسوغان لصاحبهما البحث عن أفضل فرصة عمل، ولست هنا مدافعاً عن قطاع بعينه فهناك من القطاعات الأهلية بالرغم من قرارات وزارة العمل القاضية برفع نسبة السعودة داخل تلك المؤسسات، من يفضل الكادر الأجنبي ويعطيه مميزات أفضل من المواطن؛ ولكني آسف لما وصل إليه تفكير وقناعة كثيرين ممن يتعللون بالبطالة وهو من يبحثون عنا، فما الذي يمنع الباحث عن العمل من الممارسة الفعلية لما أسند إليه من دور في أي قطاع كان؟
ولعل وقوف بعض الأعراف الاجتماعية بجانب تدني المؤهل العلمي والخبرات جنباً إلى جنب في تفشي البطالة الاختيارية، فالبعض يتحرج من العمل في المهن الحرفية مخافة ازدراء الآخرين له، ونبذه جملة وتفصيلاً خشية أن يصبح محل سخرية وتهكم، ثم نجد آخرين يتذمرون من مزاحمة العمالة الوافدة لهم في كسب الرزق الحلال!!
وكما جاء في حديث الوصايا الخمس (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس...) والعجب العجاب أن يظهر علينا بين الفينة والأخرى من يحذر من تكدس الفتيات في البيوت وبأنها مؤشر خطر قادم محملاً البطالة مسؤولية ما قد يحذر منه، والحقيقة أن البطالة ليست سبباً مؤثراً في تلك الظاهرة الاجتماعية بل السبب هو رفض المنادين بالتمسك بالعرف ضروباً من العمل ورفض تزويج من يعمل في حرفة ما!!! فذلك الرافض لم يكلف نفسه عناء البحث عن السبب الحقيقي للبطالة، فهل سيصبح البعض منا صانعاً للبطالة الاختيارية؟
فقليل من العقل والواقعية رحمكم الله.
مجمع ملهم التعليمي
Naged15@hotmail.com