من السنن التي قلل الناس من استعمالها وللأسف إفشاء السلام فيما بينهم خصوصاً في بلادنا المسلمة. فتجد الشخص يمر مع طريق بعدد كبير من إخوانه المسلمين ولا يلقي عليهم السلام، بل وصل الحد لأن يدخل بعضهم إلى الأماكن العامة بل وبعض الدوائر الحكومية وأمكنة تجمع الناس ومع هذا لا يلقي تحية الإسلام إنه لشيء مؤسف أن لا نحترم هذه السنة التي لها من المزايا الشيء الكثير، كيف لا وهي مفتاح القلوب فإذا أردت أن تفتح لك قلوب العباد فسلم عليهم إذا لقيتهم وابتسم في وجوههم، وكن سباقاً لهذا الخير يزرع الله محبتك في قلوب الناس ويسير لك طريقاً إلى الجنة. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم معلم الأمة (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يُصْفِين وُدَّ أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه.
وأهم من هذا كله أن السلام تحية أهل الجنة جعلنا الله وإياكم من أهلها: قال تعالى {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} (44) سورة الأحزاب. وقال أيضاً {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامً }(26) سورة الواقعة وقال {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }سورة إبراهيم.ولذا فإنه من حق المسلم على أخيه المسلم أن يسلم عليه إذا لقيه وإذا دخل عليه وإذا مرّ من عنده ولو بعيداً يومئ بيده إيماءً كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: حق المسلم على المسلم خمس. رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز. كما أن السلام له فوائد عديدة يأتي في مقدمتها أن سبب للبركة إذ إنه إذا أردت أن يبارك الله لك في نفسك وأهل بيتك فسلم عليهم كلما دخلت بيتك. فإن ذلك من أعظم أسباب البركة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه (ي بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك). فأين نحن أيها المسلمون من هذا الأدب، هل نطبقه فعلا في تعاملاتنا وأعمالنا، أم أنه مجرد شيء عابر تعلمناه وكفى. إن أمة الإسلام جميعها بحاجة كبيرة إلى المحافظة على الأدبيات والسنن الإسلامية التي سنها لنا معلم الأمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، ولذا فكن أخي المسلم حريصاً على التمسك بسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم لاسيما ما كان منها ذو فائدة عظيمة وذو تكلفة بسيطة كالسلام فهل يكلفك السلام شيئاً؟ أولست بحاجة إلى فوائد عديدة وحسنات كثيرة؟ قول السلام عليكم فقط عشر درجات، السلام عليكم ورحمة الله عشرون درجة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثلاثون درجة، إنه لفضل كبير من الله سبحانه وتعالى لك أخي المسلم بدون عناء ولا مشقة وما أكثر أفضاله علينا سبحانه وتعالى رزقنا الله وإياكم شكر نعمه، ثم إن السلام من خير أمور الإسلام فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. كما أن السلام من أسباب المودة والمحبة بين المسلمين كما ذكرت سابقاً، وأما حكم السلام لمن لا يعرف ذلك فهو سنة مؤكدة وردة واجب إذا قصد به شخص واحد وعلى الكفاية إذا قصد به جماعة فإن ردوا جميعهم من هو أفضل ولكن مما يعتصر له القلب حقيقة أن هناك أناس لا يردون السلام مطلقاً، فكيف يؤدونه، ولاسيما من كان منهم يدعي أنه (ملتزم) وكلمة ملتزم هذه الشائعة بين الناس لا أعرف كيف حكموا على أن هذا الشخص ملتزم فهل اطلعوا على سرائره وعلى ما يكن قلبه إن المطلع على ذلك هو الذي يعلم خائنة السر وما تخفي القلوب سبحانه وتعالى لا أحد سواه. ولذا فإنه لا يجوز أن نطلق هذه الصفة على أي شخص مهما كان بل نرجو للمحسن الصواب ونخاف على المذنب العقاب وكفى.
ومما حث عليه الدين الإسلامي هو إفشاء السلام وإظهاره بين الناس حتى يكون شعاراً ظاهراً بين المسلمين لا يخص به فئة دون أخرى، أو كبير دون صغير ولا من يعرف دون من لا يعرف، ومما ورد في ذم من ترك التسليم قول النبي صلى الله عليه وسلم: أبخل الناس من بخل السلام، أما من يبدأ السلام فقد رتب الشرع ذلك وهو أن يسلم الصغير على الكبير والماشي على الجالس، والراكب على الماشي، والمار على القاعد والقليل على الكثير.
وأما إفشاء السلام على النساء فيجوز على النساء المحارم ومن أمنت الفتنة بهن وعليهن وهذا يختلف باختلاف النساء والأحوال والمواضع فليست الشابة كالعجوز والسلام هنا خاص فقط بالتحية دون المصافحة. كما أن للسلام فوائد كثيرة منها زيادة الترابط بين المسلمين ومحبة بعضهم لبعض فأثر هذه التحية عظيم في تأليف القلوب وإزالة الوحشة بينها واختصار المسافة في التعارف والألفة، وما في ذلك من فوائد منها السير في طريق نهايته الجنة للحديث المذكور في أول المقال وأختم مقالتي المتواضعة هذه والتي لم تكن وافية بالطبع لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها ظروف الصفحة ومن ثم عدم التخصص في هذا المجال لكنه اجتهاد تربوي بإذن الله آمل أن يكون موفقاً لأن التربية تحث على الترابط بين المسلمين على مختلف مستوياتهم وأنماطهم ولا أبلغ مما قلت سابقاً في هذا الموضوع من قول الله سبحانه وتعالى {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (23 ـ 24) سورة الرعد.
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}(73) سورة الزمر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، جعلني الله وإياكم من الذين يقرؤون فينتفعون بذلك. وفق الله جميع المسلمين لما يحب ويرضى.
d.salehalhamad@hotmail.com