Al Jazirah NewsPaper Friday  03/04/2009 G Issue 13336
الجمعة 07 ربيع الثاني 1430   العدد  13336
الليبرالية
أحمد علي الأحمد

 

الليبرالية مذهب غربي (Liberalism) ويعني الحرية، وهو فكر استعماري هدفه نهب ثروات الشعوب المستعمرة في القرن التاسع عشر ويقوم على أساس علماني، ومع قيام الحرب العالمية الأولى بدأ التراجع المستمر لليبرالية على المستوى الفكري، وظهرت اتجاهات التدخل الحكومي غير المقيد، ولم يعد للفرد نصيب من الاحترام، وهكذا بدأت الليبرالية تتوارى، وراء أفكار شمولية قائمة على العرق والطبقية.

ففي العام 1789م قامت الثورة الفرنسية وقبلها الأمريكية داعية للحرية، كما نادى بها مفكرو الثورة التنويريين في القرن الثامن عشر وقبلها الليبراليون في القرن السابع عشر، وكان الاعتقاد أن الطريق فتح أمام الديمقراطية، وإذا بالقرن التاسع عشر يحفل بالدعوات الشمولية، وتدخل الدول وسيطرتها ويسخر من دعوات الحرية الفردية، وجاء القرن العشرون مطبقاً على الطبيعة والواقع ما نادت به تلك الدعوات الشمولية، فكانت تجارب النظم التدخلية والشمولية والتي لا تكاد تعطي وزناً للفرد وحريته، فظهرت الفاشية والنازية الماركسية وساد الانطباع بأن الليبرالية من تراث الماضي الذي لا يتجاوب مع احتياجات العصر، وبعد مئتي عام سقط جدار برلين وانهيار ألمانيا الشرقية وسقوط النظام الماركسي في الاتحاد السوفيتي، والقضاء على الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية. وكانت معاقل الليبرالية القديمة في بريطانيا وأمريكا قادرة على الالتفات نحو الإسلام الذي كان غائباً عن الساحة فكانت الشيوعية في الشرق والرأسمالية في الغرب واتخذته عدواً لها بغية تشجيع المصانع الحربية على إنتاج الأسلحة وملء الترسانة بالأسلحة الفتاكة.

إن معظم الدول التي اختارت طريق التحول الليبرالي (الجديد) فعلت ذلك جزئياً فقط فأدخلت قدراً أكبر من المرونة في أسواق العمل وتحولت باتجاه خصخصة القطاعات التي تملكها الدولة لذلك لا بد لأية خارطة أن تبرز تيارات مضطربة لتوسعات جغرافية متفاوتة وغير منتظمة، ولم يكن التنافس الإقليمي بين الدول أو المناطق أو المدن مهما نسبياً في الستينيات أو السبعينيات من حيث أيهما يمتلك النموذج الأمثل للتطوير الاقتصادي أو أيهما يوفر المناخ الأفضل للأعمال والاستثمارات، وارتفعت حدة هذا النوع مع قيام أنظمة العلاقات التجارية الأكثر انفتاحاً ومرونة من ذلك التاريخ اندفع التقدم العام لليبرالية بإطراد عبر آليات التوسع الجغرافي لاتباع طريقها الريادي.

إن الدول الليبرالية وضعت ثقلها من خلال العمل الفكري والسياسي والاجتماعي لإخضاع المسلمين لمواجهة المد الإسلامي لتكون في النهاية الريادة لليبرالية حسب مقالة فوكوياما (نهاية التاريخ) والانتصار النهائي لليبرالية بشقيها الاقتصادي والديمقراطي.

من هنا يتعين أن نفهم الجذور الفكرية لليبرالية فهناك ارتباط كبير بين مفهوم الليبرالية وبين فكرة الحرية بل إن اسمها في الواقع من معنى الحرية (Liberty) ولذلك ينبغي أن تأخذ معاني مختلفة مثل المفهوم الجمهوري والمفهوم الليبرالي والمفهوم المثالي لكن على الرغم من اتفاق الليبراليين (الجدد) على مبدأ الديمقراطية إلا أن بينهم خلافاً جذرياً حول معنى الدولة الديمقراطية، فالمرونة والكفاءة بالنسبة لليبراليين الجدد تعني التدخل الأدنى من تدخل الدولة في مجال الأعمال مما يسمح بأقصى درجة من الحرية لتراكم رأي المال ويقوم على الافتراض القائل بأن حرية تراكم رأس المال يؤدي إلى قدر من النمو الاقتصادي وتعظيم المنفعة الاجتماعية.

إن الانفجار التكنولوجي وأهم ما حدث في تاريخ الإنسانية وأصبح البشر يتعاملون مع الأسلحة الذرية والنظم المعقدة للهندسة الوراثية وغزو الفضاء وهناك مؤشر لآخر يتمثل في التحول العميق الذي حدث في المجالات المتاحة لإعادة الإنتاج الاجتماعي؛ فقد تمت (عولمة) الجانب الأكبر من اقتصادات الدول، وعلى مستوى آخر فقد تحولت المجتمعات إلى مجتمعات حضرية بدرجة كبيرة لكن ظل اتخاذ القرار في يد الحكومات المركزية على نحو يشبه إلى حدٍّ كبير ما كان سائداً من قبل.

إن الأزمة المالية التي عصفت بأمريكا مؤخراً تثير تساؤلاً عن مدى صمود الرأسمالية في وجه المتغيرات الجديدة.

الرياض



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد