Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/04/2009 G Issue 13337
السبت 08 ربيع الثاني 1430   العدد  13337

دفق قلم
بين الغضب والحلم
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

الحِلْمُ بالتحلُّم، كما أنَّ العلمَ بالتعلُّم، وبما أنَّ مجاهدة النفس بتعويدها على سعة الصدر والحلم أشدُّ من مجاهدة العدو كما أشار إلى ذلك ابن بطَّال، فإن الإنسان يحتاج إلى قدر كبير من العزيمة والصبر حتى يتجاوز مرحلة الغضب، وهنالك برامج تدريبية على الاسترخاء العضلي والنفسي للتخلُّص من فوراتِ الغضب وثوراته.

يؤكد الأطباء أن للغدَّة الكظرية التي تقع فوق الكُلْيَتَيْن عند الإنسان دوراً كبيراً في ارتفاع ضغط الدَّم، وحدوث التشنُّج والغضب عند الإنسان، لأن هذه الغُدَّة تفرز هرمون (الأدرينالين) الذي يكون سبباً في تسارع دقات القلب، وخَفَقاته، ويؤكدون أن الاستلقاء والاسترخاء من أهم عوامل انخفاض هذا الهرمون.

وهنا تأتي أهمية التدرُّب على الحلم والأناة وسعة الصدر جسدياً، ونفسياً.

أما من النَّاحية النفسية فليس هنالك أفضل من مراقبة الله عز وجل والخوف منه، والحرص على طاعته ورضاه، وعبادته وتقواه، فإنَّ مراقبة الإنسان لربِّه تجعله مطيعاً له، طامعاً في فضله ورحمته، خائفاً من غضبه وعقوبته، وفي هذا التعلُّق بالله من الرَّاحة والهدوء والاطمئنان ما يمنح الإنسان انشراحاً في القلب، وسعةً في الصدر، يبعده عن سوراتِ الغَضَب الملتهبة.

وقد ورد في السنَّة أن الله يحب الحليم الحييَّ، ويُبغض الفاحش البَذيّ، كما ورد أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حث أصحابه أن يكونوا مثل (أبي ضَمْضَم) واسمه (برثن بن الحارث) لأنه كان إذا خرج من منزله يقول:

(اللهم إني تصدَّقْتُ بعرضي على عبادك) وهذا دليل على صفاء القلب، ونقاء السريرة والحِلْمُ مرتبط بالناحية النفسية ارتباطاً قوياً، ونفس الإنسان مرتبطة بحالة جسمه، فإذا استرخت الأعضاء، هدأت نفس صاحبها، ولهذا كان لبعض أشكال الرياضة البدنية دور كبير في انشراح الإنسان، وهذا الانشراح يساعد على تكوين صفة الحلم والأناة.

وقد دلَّت الدِّراسات النفسية على أنَّ الإنسان يستطيع التخلُّص من الضيق، والغضب بتعويد نفسه على الهدوء، واستخدام الكلمات الطيبة في أحاديثه العامة والخاصة، بل إن الكلمات الجميلة في نظرهم من أهم عوامل تكوين صفة الحلم والأناة عند الإنسان، وقد ورد في الأثر أنَّ الله سبحانه وتعالى يحب الحليم الحييَّ، ويبغض الفاحش البذيّ.

إشارة:

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

أوَّل عِوَض الحليم عن حلمه أنَّ الناسَ أَنْصاره


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد