Al Jazirah NewsPaper Friday  10/04/2009 G Issue 13343
الجمعة 14 ربيع الثاني 1430   العدد  13343
اقتراح لوزارة الشؤون الإسلامية
عبدالعزيز محمد الروضان

 

قدّر الله تعالى لهذه البلاد العزيزة والغالية على قلوب الملايين من البشر أن يتهافتوا إليها من كل حدب وصوب، ينشدون مرضاة الله تعالى في ربوع الأماكن المقدسة ومهبط الوحي هذا أولاً، وثانياً: يقدمون إليها من أجل لقمة العيش الرغيد، لعل كلاما مثل هذا يعد من نافلة القول ليس إلا، وإنما الشيء الذي أنا بصدده يعد ضرورة دينية كما يعد ضرورة دنيوية ألا وهو: إن الزائر لهذه البلاد مهما كانت بغيته ينحرم من خطبة الجمعة التي تلقى كل أسبوع على مسامع المصلين، والسبب في ذلك هو عدم فهم الزائر للغة الخطيب.. لذا فإن ذهاب معرفة لغة الخطبة ومضامينها فيه حرمان لهذا الزائر من معرفة أمور دينه ودنياه على حد سواء، فمن هذا وذاك فإني أقترح على وزارة الشؤون الإسلامية أن تخصص مساجد في بعض الأحياء المكتظة بالوافدين، والسبب في اقتراحي أني أرى أن العمالة الوافدة يغيب عنها أشياء كثيرة، منها معرفة أمور دينهم وأنظمة ولوائح وقوانين هذه البلاد وأعرافها وتقاليدها، فإذا تكلم الخطيب بلغة الوافدين فإنهم والحالة هذه يعرفون ما لهم وما عليهم في دينهم ودنياهم؛ حتى لا يحتجوا علينا بعدم معرفتهم بقوانين الدولة ولوائحها.

والشيء بالشيء يذكر.. طالما أني بصدد خطبة الجمعة فإنه قفز إلى ذهني شيء مهم ألا وهو نوعية الخطب التي تلقى على مسامع المصلين يوم الجمعة، فإني أرى أن هذه الخطب عليها بعض الملاحظات المهمة، ألا وهي:

1- يثار أحيانا في هذه الخطب أشياء محل اختلاف للعلماء، وهي لم تحسم بعد، وإن إثارة هذه الأشياء التي هي محل نزاع بين العلماء قد تحدث بلبلة على المتلقي من المسلمين ولاسيما العامة منهم. ومن ثم تكون أفكارهم في حيص بيص، فضلاً عن أن هذه القضايا أو تلك الأشياء إذا ما عرضت بهذه الصورة فإنها تذهب متانة التشريع لدى العامة!! إذاً أهيب بالخطباء ألا يضمنوا خطبهم يوم الجمعة إلا أشياء متفقاً عليها من قِبل العلماء، ولا أقصد هنا بالاختلاف ذلك الاختلاف المسوغ في الشرع؛ لأن الاختلاف في الشرع هو ظاهرة صحية. وهنا قادني ذهني إلى شيء مهم ألا وهو: يجب على معاشر العلماء أن يضيقوا هوة الاختلاف ولاسيما في تلك الأشياء التي عليها حراك لدى العامة.

2- بعض الخطباء هداهم الله متحمسون للدين ولاسيما الشباب ومن ثم يأتون بنصوص ترهب العامة، وغايتهم في ذلك هو حث الناس على ترك هذه الآثام والمعاصي التي يقعون فيها، وعادة هذه النصوص ليست من الشريعة في شيء، وإن جل الخطباء يعرفون أنها ليست صحيحة ولكنهم يوردونها للغاية التي ذكرتها سابقا، ولسان حال هؤلاء الخطباء أنهم يقولون إن العوام لا تقلع عن هذه الآثام والمعاصي إلا بهذه النصوص.. وهذا خطر عظيم أن نُقوّل الشرع بما لم يقله!! قال تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ}الزمر (32)، إذاً الذي يكذب على الله أو على رسوله متعمداًً فإنه في خطر عظيم، وهذا المسلك يعد تجديفاً وهرطقة في الشرع، وإن الذي يتنفذ بحزام الحماس دائماً يقع في الأخطاء. فالشريعة الإسلامية ليست بحاجة إلى مثل هذه النصوص، وليست بحاجة إلى روافد وعواضد تعضدها فهي كاملة تامة، وإن ذكر مثل هذه النصوص يتأتى أحيانا من أن أصحابها ذوو توجهات متشنجة عاشوا في ظروف شخصية منحرفة ثم عادوا بردود أفعال منعكسة، وإن العيش على الأطراف وردود الأفعال معناه الهلاك المحتم.. إذاً يجب على الخطباء في خطبهم ألا يتوكؤون إلا على نصوص صحيحة من كتاب أو سنة.. وإن أي طرح لا يأتي من ثنايا هذه النصوص في الوحيين الطاهرين هو طرح مهلهل اللباس، لا يهدي ضالا ولا يرد شريدا.

وأخيراً أقدم اعتذاري الشديد لكوني قد خدشت مشاعر يؤذيها مثل هذا الطرح.

والله من وراء القصد.

- بريدة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد