لن أتحدث عن الحكم الشرعي للغش الذي يعلمه الجميع، ولن أتحدث إلا لمن يحمل همّ الوطن والأمة (فمن لا يحمل ذاك الهم فلا يضيع وقته في إكمال قراءة المقال)، أبدأ مستعيناً بالله فأقول: إذا تفشى الغش بيننا تخرّج الطالب بالغش من الثانوية ابتداءً بنسبة ومستوى ليسا بنسبته ولا بمستواه الحقيقين وليت الأمر يقتصر على ذلك! إذ تجده يقدم أوراقه ويُقبل في كلية لا قِبل له بها ويترتب على ذلك أخذه لحق غيره المستحق لهذا المقعد في تلك الكلية، وإذا ابتدأت الدراسة وأتت الامتحانات سيذوق الأمرّين، لكن سأفترض أنه نجح وتخرج من الكلية، وذلك عن طريق الغش تارة متى ما أتيح له ذلك، وبمساعدة الدروس الخصوصية المكلفة تارة أخرى، بالرغم من أنه سيلاقي الويلات في دراسة تلك المقررات مهما استعان بأي وسيلة - غير توفيق الله وإعانته - أعود فأفترض تخرجه (مع عدم تمكنه من التخصص لا محالة) وحصوله على وظيفة، حينها سيعدم البركة في العلم والمال والأهل والولد، وسيكون عامل هدم وإضعاف للأمة، عكس ما إذا كان كان تحصيله العلمي آتياً من جهده الشخصي، فيؤتيه الله حينها البركة في كل ما سبق ويفتح الله عليه في التخصص الذي يوافق ميوله ورغباته ويبدع فيه، ويكون هو وأسرته لبنة بناء في الأمة تسهم في استعادة قوتها، وعلى هذا فإن تفشي الغش بيننا كطلاب وعلى يد بعض المدرسين وحاملي شهادة الدكتوراه أحياناً من أصحاب الذمم المتهالكة، لشيء يريده الأعداء والمغرضون ويسرون به فيا لبيب افهم!