Al Jazirah NewsPaper Friday  10/04/2009 G Issue 13343
الجمعة 14 ربيع الثاني 1430   العدد  13343
دور خادم الحرمين الشريفين في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية
مصعب بن ذوقان العطية

 

تبوأت المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في المحافل العالمية، والأوساط الدولية، باعتبارها من الدول القلائل في العالم التي كانت وما زالت تلتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية، في كل ما يتعلق بصلاتها وعلاقاتها وروابطها مع دول العالم الخارجي، وأصبحت مضرب المثل في دبلوماسيتها الخارجية نتيجة للسياسات الحكيمة الواعية التي تنتهجها مع الشعوب والحكومات ودول العالم بأسره.. وقد استندت علاقات المملكة مع دول العالم على سياسة وأسس راسخة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه- وأبنائه من بعده.. وتقوم تلك السياسة على مبادئ واضحة ترتكز على احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم السماح لأي دولة من دول العالم سواء كانت قريبة أو بعيدة بالتدخل في الشؤون الداخلية واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية، وحل كل ما ينشأ من منازعات بينها وبين الدول الأخرى بحلول سلمية كالمفاوضات أو التوفيق أو التحكيم، وتعزيز التعاون والتفاهم بين كل دول الأسرة الدولية لحفظ السلام والأمن الدوليين.

والدبلوماسية السعودية التي بدأها جلالة المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز ورسَّخ دعائمها الملك فيصل، ووسَّع علاقاتها الملك خالد، قد شهدت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز انطلاقتها الكبرى فقد تميزت الدبلوماسية السعودية بسجل حافل من الحكمة والنزاهة والوقار، في جميع اتصالاتها بدول العالم النامي والمتقدم وفي علاقاتها الخارجية وروابطها مع العالم الخارجي شرقاً، وغرباً، وشمالاً ، وجنوباً، ولم تحاول البتة الإساءة لأي أحد من جيرانها القريبين أو لأي دولة أخرى بعيدة عنها، وإنما كانت دائماً وما زالت هي السبَّاقة إلى المبادرة في الأعمال الخيرية والعطاء بسخاء منقطع النظير ما دام أن الغاية المنشودة هي الرخاء والازدهار والاستقرار للأمم والشعوب والأوطان.

وغدت المملكة واحدة من دول العالم الأكثر تأثيراً في المنطقة.. لها نفوذها القوي في الأوساط العالمية، فهي عضو مؤسس في المنظمات الدولية والإقليمية الآتية (الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي، منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك، منظمة الأوبك)، كما أن المملكة عضو في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكثير من المنظمات الدولية الأخرى التابعة للأمم المتحدة، وفي قيادة خادم الحرمين الشريفين وضعت المملكة العربية السعودية نفسها في خدمة القضايا العربية وفي طليعتها قضية الشرق الأوسط وتبنت عربياً سياسة ثابتة ومبدئية فهي مع ترسيخ التضامن العربي، ومع توثيق علاقاتها بشقيقاتها العربيات، حيث دعمت دول المواجهة دعماً غير محدود لتعزيز صمودها، واتخذت إزاء القضية الفلسطينية موقفاً ثابتاً وكانت قضية القدس الشغل الشاغل للقيادات السعودية على مختلف مراحلها وإصرارها على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة، وتقرير المصير للدولة الفلسطينية وأن تكون القدس عاصمة لها ورفض كل المساومات التي لا تضمن للدول العربية حقوقها ورفض المحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس وطمس معالمها.

وعلى الصعيد الخليجي اعتمدت المملكة العربية السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين إستراتيجية واضحة المعالم في أن يكون الخليج بحيرة أمن وسلام، وأن تكون القضايا العربية في هذه المنطقة بيد أصحابها ومسؤوليتها عربية بحتة.. ولقد أسهمت المملكة إسهاماً كبيراً في توطيد دعائم مجلس التعاون لدول الخليج العربي، لخدمة مصالح شعوبه المشتركة.

أما إسلامياً فقد أضحت المملكة من أكبر المناصرين لقضايا المسلمين في العالم حيث تقوم بدور إنساني كبير، لحل أزمة الغذاء، والحد من مشكلة الجوع والجفاف، عن طريق تقديم المعونات العينية والنقدية، مواساة لتلك الدول خصوصاً التي تتعرض لنكبات وكوارث، والمملكة إنما تقوم بذلك عن إدراك عميق وقناعة تامة بأهمية دورها في خدمة القضايا الإنسانية للدول الإسلامية والصديقة انطلاقاً مما حباها الله به من قيم روحية سامية وتراث حضاري مجيد، وإمكانات مادية متاحة.

وتقف مساعدات المملكة للبوسنة والهرسك والصومال وغيرها من الدول دليلاً وشاهداً على تلك المساعدات الإنسانية فقد يؤكد ذلك على إيمان المملكة ملكاً وحكومة وشعباً، بأن المسلمين في شتى أقطارهم مثلهم كمثل الجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضاً، وجاءت توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين المتكررة ببذل أقصى الجهود لإغاثة ونجدة إخوانهم في العقيدة الذين يواجهون ظروفاً مأساوية من جراء العدوان والحروب والفتن الأهلية العمياء حيث هبت المملكة لمساعدة الأشقاء في فلسطين وأفغانستان وغيرها من الدول الإفريقية والآسيوية المسلمة.. وأضحت المملكة رائدة في العالم الإسلامي وتعاظم دورها فقد أُشئت فيها أمانة عامة دائماً للمؤتمرات الإسلامية وقامت رابطة العالم الإسلامي لجمع شمل المسلمين في جميع أنحاء العالم ووضعت جميع إمكانياتها لخدمة الحرمين الشريفين وتطوير أماكن العبادة بحيث تستوعب ملايين المسلمين ولتعزيز برامج التنمية في الدول العربية والإسلامية والنامية يقدم الصندوق السعودي للتنمية قروضاً ميسرة للدول لعبت المملكة دوراً رئيساً في إقامة عدد من المؤسسات الإنمائية تهدف إلى التعاون والتضامن بين الدول الإسلامية والعربية فساهمت بما لا يقل عن 25% من رؤوس أموال اثنتي عشرة مؤسسة إنمائية أهمها البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق النقد العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والمصرف العربي للتنمية في إفريقيا وبنك التنمية الإفريقي وصندوق التنمية الإفريقي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية.

وعلى الصعيد الدولي كانت المملكة وما زالت في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من دول العالم الحر، التي تؤثر في السياسة الدولية بوفائها لتعهداته وصداقاتها وبإيمانها بمفاهيم السلام، والمصالح المتبادلة وبوقوفها إلى جانب الحق والعدل، والمملكة ملتزمة بهذا الموقف المبدئي تنظر إلى جميع القضايا على الساحة الدولية فهي تؤمن بسيادة السلام وبإحلال التفاهم محل الخصام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد