Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/04/2009 G Issue 13352
الأحد 23 ربيع الثاني 1430   العدد  13352
 
(القافلة) وما نجروف الوعي
سهم بن ضاوي الدعجاني

 

(إن أهم ما غرسناه اليوم هو زرع الوعي البيئي لدى أجيال المستقبل، فنحن وإن كان الهدف الأساس من الحملة هو الحفاظ على البيئة البحرية بشكل خاص، والبيئة بشكل عام، فإن مشاركة أبنائنا في هذه المناسبة ستؤدي حتماً إلى إدراك أفضل للأجيال القادمة لمفهوم الحفاظ على البيئة وأهميتها لحياتنا اليومية).

هذا ما قاله المهندس خالد الفالح رئيس أرامكو، وكبير إدارييها التنفيذيين، صبيحة يوم ربيعي انطلقت مع تباشيره من مقريها في الظهران ورأس تنورة، العديد من الحافلات المحمّلة بالمئات من أبنائنا المتطوعين باتجاه خليج تاروت، عندما توافدت تلك الجموع بشكل أخاذ ينبئ عن تاريخ هذه الشركة العريقة في الإسهام بشكل جاد في قضية المسؤولية الاجتماعية التي ما زالت - للأسف - لدى بعض مؤسسات القطاع الخاص من باب الترف الموسمي تمارسه لمغازلة ذهنية المواطن والمسؤول على حد سواء، لقد انطلقت تلك الجموع مبكراً لتغتنم فرصة جزر ماء البحر، حيث بدؤوا مباشرة في غرس شتلات شجر المانجروف، لثلاث ساعات متواصلة في عمل جماهيري لتمثل روح المسؤولية الاجتماعية التي ينادي بها الكثيرون لخدمة الوطن، إلى أن بدأ البحر بعملية المد وغمر المنطقة التي تمت زراعتها بعشرة آلاف شتلة جديدة، ومن المعروف أن بيئات نباتات القرم (المانجروف) تتميز بتنوعها الحيوي الكبير، فهي تكون نظاماً بيئياً غنياً ذا إنتاجية عالية من حيث كونه ملجأً للعديد من الكائنات الحية، كذلك تجذب بيئات القرم الأسماك والقشريات المهمة اقتصادياً وتكمن أهمية البيئات أيضاً في كونها مواقع حضانة لصغار العديد من الكائنات البحرية حيث تجد فيها الغذاء والحماية.

أرامكو وشجرة المانجروف تشكلان علاقة متلازمة منذ سنوات، حيث قامت الشركة بالعديد من الحملات والتجارب لزراعة هذه النبتة بالتعاون مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مناطق السفانية وتناقيب ورأس أبو علي، إضافة إلى جهودها المتميزة في دعم كل نشاط يساعد على بقائها، حيث تعد أرامكو عضواً فعالاً وداعماً سخياً في اللجنة الوطنية للمانجروف التي ترأسها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، سعدت وأنا أتأمل صور 500 طفل من أبنائنا الطلاب الذين يمثلون مراحل مدرسية مختلفة من المنطقة الشرقية ودور الأيتام.

سعدت بهذه الممارسة الحضارية لأبنائنا الطلاب تجاه بيئتهم وهنا عادت بي الذاكرة إلى الدور الريادي الذي تؤديه أرامكو عبر مجلتها العريقة القافلة التي كنا نتسابق إليها في مكتبة المدرسة ونحن صغار تجذبنا الصورة وتأسرنا الحكاية ويجذبنا التقرير المصور، ولم نعرف أن تلك الشركة العريقة تسعى منذ تأسيسها إلى تغيير حركة المجتمع من خلال تلك المجلة التي اعتبرها باكورة التغيير الإيجابي نحو وعي وطني يتناغم مع ظروف العصر، منذ أكثر من نصف قرن، تلك المجلة التي اعتبرها أنا وجيلي شبيهة بهذه الشجرة الشاطئية (المانجروف) حيث كانت رمزاً للحفاظ على بيئة الوعي الوطني بحق هذا البلد أرضاً وتأريخاً وهكذا كانت القافلة المجلة وما زالت رمزاً للحفاظ على هويتنا الثقافية ومشروعنا الحضاري الذي تجاوز فلسفة النفط ولم يعد يقف عند حدود مصانع التكرير ومخازن الوقود، بل إن تلك المجلة زرعت في جيلي ومن سبقني مزاوجة حضارية جميلة جمعت بين الحرف والريال، فالحرف فكر والريال برميل زيت خام يباع هناك خلف البحار ويأتينا رجع صداه، أما الحرف فيبقى متى ما بقي هذا التراب الوطن لبناء وعي بيئي يليق بالمستقبل إن هذه الشجرة الشاطئية وقبلها مجلة القافلة رمزان للحفاظ على بيئتنا المحلية، فالأولى حافظت وما زالت في مرحلتها الجديدة تحافظ على ذاكرة تأريخ الزيت في بلادنا وتمزجه بخام الفكر الأصيل لتمد العالم أجمع بصورة شاملة عن الإنسان السعودي الذي ما زال بعضهم يحاول فاشلاً أن يختزله في برميل زيت خام، على الرغم من أن نجاحاتنا السعودية المعاصرة تجاوزت تلك الصورة النمطية عن الذات السعودية، والثانية ترمز إلى روح المسؤولية الاجتماعية تجاه هذا الوطن بالحفاظ على بيئتنا البحرية ببرامج جديدة تضخ الوعي الوطني في عقول أبنائنا الطلاب بأسلوب عصري جذاب وتكرره سلوكاً حضارياً للعالم بأسره.

والسؤال الحلم:

متى تصبح (القافلة) المجلة والفلسفة والأسلوب أنموذجاً يُحتذى لبقية المجلات الصادرة عن بعض الوزارات ومؤسسات القطاع الخاص لمزيدٍ من التسويق الجاد والجذاب لمنجزنا الحضاري، والسؤال الآخر: بعد أن أصبح مفهوم (المسؤولية الاجتماعية) مفردة أصيلة في الخطاب العام في الشارع المحلي والنقاشات الفكرية في العديد من مجالسنا المفتوحة، ألم يئن الوقت أن تصبح فيه المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص واقعاً ملموساً تترجمه سياسات ومؤسسات وبرامج مؤثرة وتحوله إلى أداة فاعلة لتحقيق تطلعات هذه الدولة المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ?حفظه الله- لخدمة المجتمع ورعاية الإنسان السعودي ووضعه على خريطة العالم الأول.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6885 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد