Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/04/2009 G Issue 13352
الأحد 23 ربيع الثاني 1430   العدد  13352
 
نصائح بكلمات وردية!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

حسناً فعل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - مفتي عام المملكة - حينما حمَّل القضاة ومنسوبي السلك القضائي مسؤولية الأمانة في أداء عملهم، والالتزام بالصدق في الأقوال والأعمال عند إجراء التقاضي بين المتخاصمين، والحرص على قضايا الناس وشؤونهم ...

... وتحري الإنصاف والعدالة في ذلك، وعدم التهاون أو التساهل في حقوقهم.

لطالما كان الحديث عن القضاء والقضاة في المرحلة الماضية منطقة حمراء لا يصح الاقتراب منها، رغم كثرة المشاكل التي اتضح من خلالها معاناة المتقاضين سواء من الناحية الإجرائية، أو التأهيلية، أو التنظيمية.. لذا فإني أرجو من الله -العلي القدير- ألا يتفنن الرقيب في تنتيف ريش مقالتي من أجل إيصال رسالة واضحة مفادها: أن المشاكل -لا تزال- موجودة إن لم تكن في ازدياد، وأن محاكمنا - ما زالت - تعاني من أحكام ليست في مكانها الصحيح.

مزاج غريب، حينما تدخل على بعض القضاة فتُسلم عليه ولا يرد عليك السلام.. بل إن بعضهم يظهر للمراجع صرامة في القسمات، وتجهماً في المحيا مع عدم الالتفات، ويتكلّف الترسُّم في الشكل والمظهر.. ناهيك عن ما يفعله بعضهم من انتصار للذات، واستعلاء على الآخرين وازدرائهم، والنظرة إليهم نظرة دونية.. مع أن هذا ليس هو خُلق المسلم، فما بالك بمن تصدَّر أمور الناس قضاء.

وللحديث صلة.. عن تفاوت الأحكام التعزيرية من قاضٍ لآخر وفق رؤيته الخاصة، نظراً لضعف قدرات بعضهم وإمكانياتهم المحدودة.. لذا تجد أن هناك تفاوتاً كبيراً، وأحكاماً متباينة ومتناقضة في درجة العقوبة في قضايا متطابقة في أحوالها بين قاضٍ وآخر.. مما يستلزم (تقنين الأحكام الشرعية) لتكون مرجعية لكافة القضاة، تُحدد من خلالها العقوبات والأحكام القضائية التعزيرية بدقة، أُسوة بنظام الرشوة والتزوير واستغلال النفوذ الوظيفي وغيرها من الأنظمة، حتى نحد من تفاوت الأحكام القضائية التعزيرية في الحالات المتشابهة، هذا من جهة.. ومن جهة أخرى، ضمان سرعة الفصل في القضايا، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها بدلاً من تراكمها سنوات عديدة عند بعض القضاة، وإبقاؤها مُعلَّقة في ردهات المحاكم. إن تقنين الأحكام الشرعية من الأولويات المهمة، ولذا أمر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بتشكيل لجنة فقهية متخصصة تتولى إصدار مجلة للأحكام الشرعية مشابهة لمجلة الأحكام التي كانت الحكومة العثمانية وضعتها عام 1293 هـ، لتأخذ ما تراه في صالح المسلمين من أقوى المذاهب حجة ودليلاً من الكتاب والسنة.. بل إن الملك فيصل -رحمه الله- أمر هيئة كبار العلماء في عام 1393هـ بمناقشة تقنين الأحكام الشرعية.. ولأن الوقت ليس في صالحنا، فإن التقنين أصبح ضرورة ملحة، خصوصاً في زماننا الذي نعيشه، والانفتاح العالمي الكبير الذي نشهده.. مع ضرورة التأكيد على توفير الاحتياجات البشرية والمادية، والتأهيل والتدريب ليتمكن القضاء من القيام بوظيفته في مناخ إيجابي.



drsasq@gmail.com
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد