المملكة العربية السعودية البلد الأمين مهبط الوحي ومنبع الرسالة المحمدية وحاضنة الحرمين الشريفين الكعبة المشرفة ومسجد النبي الأمين توالت بحمد الله عليها هذه الأيام أفراح عديدة غمرت سماء الوطن بالحب والبهجة والسرور لعل في مقدمتها تماثل سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وخروجه من المستشفى بعد أن منّ الله عليه بالشفاء وعم الابتهاج جميع أركان المعمورة لما للقيادة السعودية من حب وتقدير ولما عرف عنها من حنكة وسياسة ومحبة لجميع شعوب الأرض تحقيقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}الآية.
فمكانة المملكة عرفت من قادتها الذين يمثلون المنهج السليم، والعقيدة الصافية القائمة على الاعتدال والدعوة على نور وبصيرة {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنَُ} لذلك لقيت دعوتهم الصدى والترحاب من كافة أرجاء المعمورة شعوباً وحكومات لعلهم اليقين أنه لا يراد من ذلك مكاسب سياسية أو معنوية أو حب استعلاء إنما الهدف التعارف والوضوح اللذان يقودان بإذن الله إلى التآلف والتصافي ونبذ الكراهية التي تدمر النفوس والممتلكات ولعل المؤتمر الذي عقد أواخر عام 2008م في العاصمة الإسبانية خير شاهد على الترحيب بالأفكار النيرة والقيمة من قادة المملكة وما تمخض عنه بحمد الله أن الدين الإسلامي ليس دين عنف بل دين محبة وسلام لكل بني البشر وأتباعه بريئون من التهم التي ألصقت بهم بعد الأحداث الأليمة عام 2001م وأن النزق والتصرف الأرعن ليس له وطن أو هوية بل هو من أناس شذوا وحادوا عن الطريق السوي ورأوا أن العنف والتخريب هو الخيار الأفضل والأقوى من الحوار والتفاهم الذي يعتبرون أن من يمارسه جباناً وليس صاحب مفهومية فاتزان سياسة المملكة ومراعاتها للمرتكزات الثابتة التي لا نقاش فيها ولا جدال وهي الدين والدعوة بالحكمة والبصيرة وللفرد حرية الاختيار {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}.
فالأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الساعد الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان وما زال وسيظل المترجم الحقيقي لسياسة المملكة حيث إلى جانب ولاية العهد وزيراً للدفاع والطيران تلك المؤسسة العسكرية التي تذود عن سماء الوطن بدون اندفاع أو تهور، بل ذلك يتم بالمعالجة الموضوعية والمتزنة لذلك أصبحت المملكة ومنطقة الخليج بحمد الله بعيدة عن التوترات العسكرية والمغامرات غير المحسوبة بل سخرت هذه المؤسسة العسكرية بأكملها لخدمة البقاع الطاهرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وكذا سماء هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية فلا غرابة أن يكون هذا الفرح وهذا السرور لرجل نذر وقته ونشاطه وماله لوطنه ومواطنيه وأبناء العالم أجمع.
والفرحة الغامرة التي عمت أرجاء الوطن بتعيين رجل المهمات ورجل المسؤوليات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود نائباً ثانياً وهذا الرجل ليس جديداً على المسؤوليات والقيادات فهو يعمل مع إخوانه الأمراء وإخوانه أبناء الوطن منذ نعومة أظفاره، فالمسؤولية قام بها ويقوم بها وسيظل بإذن الله لأن المسؤولية أحبها سموه وأحبته وأستلمها بكل تواضع وبكل اقتدار فهذا الوطن بحمد الله يرفل بأمن وارف الظلال وأمان منقطع النظير لأن مؤسس كيان المملكة عبدالعزيز آل سعود هاجسه الأول إعلاء دين الله ثم تحكيم شرعه الذي يتحقق معه الأمن والاستقرار ورغد العيش فلا غرابة أن يستمر هذا النهج فأبناء المؤسس يترسمون خطى والدهم تحقيقا لقول الله جل وعلا: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}الآية.
فالمملكة تعرف بأن دينها الإسلام ولغتها لغة القرآن ودولتها دولة الأمن والرخاء وحكامها آل سعود ينهضون بالمسؤولية وأداء الأمانة خدمة للوطن والسائرين على ثراه المبارك. فنحمد الله أن وفق خادم الحرمين وولي عهده الأمين في اختيار الأمير نايف بن عبدالعزيز نائباً ثانياً يعتمد عليه بعد الله في عز وسؤود هذا الوطن المعطاء وسياجاً رادعاً لكل ما ينغص أمنه واستقراره والتهاني مقرونة بالدعاء لهذا الرجل الشهم الكريم العظيم أبن العظماء القوي أبن الأقوياء الوفي ابن الأوفياء والوطن هذه الأيام يكتسي حلة جميلة بالمياه العذبة ومروجه الخضراء بعد أن منَّ العلي الكريم بنزول الغيث على جميع أصقاع المملكة لم تعهدها من سنين حيث كان المطر في السابق يتوالى لأيام وبغزارة وتكون الأيدي على القلوب من كثرة الصواعق والرعود وترى الشوارع تسيل بالسيل الجارف لا تظنها شوارع بل تظنها أنهاراً وقد يستغيث الناس بأن يجعل السماء تقلع والأرض تبلع ماءها رحمة بالناس من كثرة الخير ولو أننا نستسقي لعدد من الممرات ويكون مطراً خفيفاً لا يسقى من ظمأ ولا ينبت زرعاً فالحمد لله استجاب لدعاء عباده الذين خرجوا تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي يخرج إلى المصلى يدعوا ربه أن يسقيه المطر الذي يدر الضرع وينبت الزرع ويكون بلاغاً للحاضر والباد {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فإذا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (48)سورة الروم، المطر هطل بغزارة على جميع بقاع المملكة وسالت الأودية التي أصابها الجفاف لعدد من السنوات وعم الفرح والابتهاج كل قاطني المملكة وخرجوا فرداً وجماعات ليروا السيول وينعموا بالهواء العليل الذي أضفى أجواء ربيعية على المملكة لتصل درجة الحرارة إلى 25 حيث مدينة الرياض والمدن الصحراوية الأخرى لا يوجد بها فصول انتقالية بل من الشتاء إلى الصيف. فسبحان من أنعم على عباده بالمطر الذي غير وجه الأرض وكساها حلة خضراء وأصبح البساط الأخضر على مد النظر.
الوطن وأبناءه كانوا في فرحة غامرة حينما قربت الآمال في الوصول إلى مونديال 2010 في جنوب إفريقيا بعد الفوز الكاسح على المنتخب الإيراني والظفر بثلاث نقاط بعد الأداء الرائع والمميز أمام مائة ألف متفرج بمن فيهم الرئيس الإيراني فقد ذهل من بالمدرجات حينما قلب النتيجة من خسارة إلى تعادل إلى فوز بجدارة وخيم الوجوم على المنتخب الإيراني واستحق الفريق السعودي بأن يوصف بالفريق الذي لا يهاب الفرق بل يقارعها ويصارعها ويطيح بآمالها أرضا بكل اقتدار وثقة بالله ثم بالأداء وعدم الاستلام مقابل المنتخب شقيقه الإماراتي بمعنوية مرتفعة وحصل على ثلاث نقاط رفعت رصيده إلى عشر ليكون قاب قوسين أو أدنى على التأهل بإذن الله رغم أن المباراة مع المنتخب الإماراتي مباراة مصيرية أما الوصول وأما الدخول في حسابات لا تنتهي فخاض المباراة للفوز فقط ولا غير ذلك فتحقق له ما أراد فتعالت الهتافات والأهازيج من المدرجات فرحا بهذا الفوز في اللحظات الأخيرة وهذا ليس بغريب على المنتخب أن يطيح بمن نازله فمن باب التذكير المنتخب الكوري أطاح به في اللحظات الأخيرة المنتخب الاندونيسي في اللحظات الأخيرة والمنتخب الإيراني في اللحظات الأخيرة فلله در فريقنا البطل الذي رسم الفرحة على وجوه أبناء الوطن ورددوا بصوت واحد (مسلم عربي سعودي رافع البيرق عسى عزه يدوم) وأنا أقول دام عزك ومجدك يا وطني وتوالت الأفراح والليالي الملاح على وطن الشموخ والآباء وعلى أبناء المملكة أهل المجد وأهل الكرم المنادين دائماً وأبداً نحن مع القيادة قلباً وقالباً ومع الوطن عطاء وفدا.
- المستشار المالي بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف