Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/04/2009 G Issue 13354
الثلاثاء 25 ربيع الثاني 1430   العدد  13354
الإسلام.. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
مصعب بن ذوقان بن معاشي العطية

 

قبل نحو ستين عاماً صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن ما لا يلتفت إليه أحد في المنظمات الحقوقية الغربية، أن الإعلان الحقيقي لحقوق الإنسان قد بدأ قبل 1400 سنة مع شروق الإسلام الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور. ومع أن المنظمات الدولية اعتبرت أن الفكرة الرئيسة للعمل الحقوقي خلال عام (2008م) ترفع شعار (الكرامة والعدل لنا جميعاً) كهدف أساسي تسعى إليه الشعوب، ليعزز رؤية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كالتزام بالكرامة والعدل للجميع، إلا أن هذه المنظمات لم تلتفت إلى أن الإسلام وضع ميثاق الكرامة والحرية والعدل والمساواة قبل أربعة عشر قرناً من الزمان. وهذا الميثاق ينطلق من الآية السبعين من سورة الإسراء في القرآن الكريم بقوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، وهو ما عززته السنة النبوية المطهرة ليكون الأساس متمثلاً في المساواة بين الناس في أصل الكرامة الإنسانية، وفي أصل التكليف والمسؤولية، وأنهم جميعاً شركاء في العبودية لله تعالى، وفي البنوة لآدم، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أمام الجموع الحاشدة في حجة الوداع: (يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى). ومع ذلك لا تكف الدول التي تدعي الحفاظ على حقوق الإنسان، عن استخدام القوة في النيل من كرامة الشعوب، والحد من حرياتها، بل سمحت لنفسها تحت ستار (العولمة) أن تسعى لانتهاك خصوصيات الشعوب وتذويب هويات وثقافات المجتمعات، مع أن القرآن الكريم في خطابه لكل البشر في الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). فالقرآن في هذه الآية الكريمة التي تقرر المساواة العامة بين البشر، لا يلغي خصوصيات الشعوب، فهو يعترف بأن الله تعالى جعلهم (شعوباً وقبائل) ليتعارفوا. لكن الثقافة الغربية تتعامل مع الأمر كأن الشعوب خلقت لتتنافر وتتقاتل ولا حوار بينها إلا بالأسلحة والحروب. ولعل أبلغ دليل على ذلك الإصرار الغربي على أن أي شكل من أشكال العنف لا يصدر إلا من المسلمين، وأن كل عملية إرهابية لا بد أن الذي يقف خلفها مسلم. وهذا في حد ذاته أكبر انتهاك لحقوق الإنسان المسلم الذي ألبسته الثقافة الغربية عباءة الإرهاب، وفي الوقت الذي تنشئ فيه جمعيات للرفق بالحيوان، وتقوم بحملات لا حصر لها في الدعاية للسلام المزعوم، لا تحرك ساكناً أمام حملات التجويع والقتل التي تقوم بها في مناطق مختلفة من الدول العربية والإسلامية. وإذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم اعتماده عام 1948م ما زال بالفعل مصدراً لإلهام الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية -على حد تعبير المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان لويز آربور- وإذا كان هذا الإعلان المترجم إلى 360 لغة عالمية، ويعد أكثر وثيقة تُرجمت في العالم، ويعتبر الآن أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويمثل أول بيان عالمي بشأن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان غير القابلة للتصرف، فإنه من الضروري بعد الذكرى الستين لميلاده أن تعيد المنظمات الغربية الحقوبية النظر في سياسات الدول التي تنطلق منها، بدلاً من توجيه الاتهامات لهيئات وجمعيات حقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية التي تبحث عن السلام والعدل ولا تجد له مكاناً أمام ترسانات الأسلحة التي تتربص بها من كل اتجاه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد