إنّ خيرية هذه الأمة مطوي في كتاب ربها العزيز .. الذي هو نور للأبصار والبصائر، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) من تمسك به نجا ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، وهو أعظم ما تُربي به الأمة أبنائها. به فلاح الأمة وسعادتها؛ متى ما اهتديت بهديه واستضاءت بنوره وسارت على دربه وعنيت به حفظاً وتدبراً، وعلماً وعملاً ... ونحن في بلادنا المملكة العربية السعودية حرسها الله ندرك مدى الاهتمام الكبير والمبارك بكتاب الله تعالى والعناية الفائقة به ابتداءً من طباعته ونشره، إلى إنشاء المدارس والجمعيات الخيرية، ومروراً بإقامة المسابقات المحلية والدولية ورعايتها وتقديم الدعم لها ... وما زالت المسيرة المباركة مستمرة والاهتمام متواصل ... وما إنشاء المركز الخيري لتعليم القرآن وعلومه، والذي جاء بموافقة من المقام السامي، والذي تشرفت بحضور اجتماع جمعيتها العمومية الثامن، إلاّ دليل واضح وبرهان ساطع على ذلك الاهتمام وهذه العناية ... ذلك المركز الذي نما واستوى سوقه وأينعت ثماره وظهرت آثاره تعلماً وتعليماً، دراسة وتدريساً، قائمة على أسس منهجية، وقواعد شاملة للعقيدة والشريعة، والأخلاق والسلوك لتتكامل معها شخصية الفرد المسلم فكرياً وسلوكياً بعيدة كل البعد عن منهجية الإفراط والتفريط أو الغلو والجفاء، والذي يجعله فرداً نافعاً مفيداً لدينه ودنياه، ووطنه وأمته ... مركز هدفه الحقيقي وغايته العظمى هي العمل على تحفيظ الناس كتاب الله ونشره بين المسلمين رجالاً ونساء ... بالإضافة إلى تعليم مناهج علوم الدين الأخرى كالفقه والعقيدة وعلوم القرآن دون أي رسوم مالية ... مركز شعاره التربية بالقرآن، ووسيلته توظيف التقنية في مناهجها ... مركز يسعى دائماً للتطوير لأن آماله كبيرة وغاياته عظمى، كل هذا وفق خطط ثابتة ودراسات عميقة متأنية لها بعدها واستشرافياتها للحاضر والمستقبل.
لقد أنشئ هذا المركز عام 1401هـ على يد مجموعة من رجال الأعمال المباركين .. وبموافقة من المقام السامي وتم إسناد الإشراف عليه إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفي عام 1414هـ تم إسناد الإشراف عليه إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
وكانت بدايتها في المساجد ثم تحولت بعد ذلك إلى المدارس الحكومية مسائياً والمجهزة تجهيزاً كاملاً، وكانت البداية بمدرستين ثم توالت مدارسها انتشاراً إلى أن بلغت ثلاثاً وثلاثين مدرسة ومعهداً في مدينة الرياض، يدرس فيه هذا العام قرابة 7165 طالباً وطالبة .. علما أن له نظاماً إدارياً يتكون من جمعية عمومية برئاسة معالي وزير الشؤون الإسلامية فضيلة د. صالح بن عبد العزيز آل الشيخ؛ ومجلس إدارة برئاسة فضيلة د. صالح بن غانم السدلان؛ ولجنة تنفيذية تتابع أعماله ومناشطه؛ ومحاسب قانوني يشرف على نظامه المالي ويدقق حساباته. لقد تبنّى المركز بالتعاون مع مؤسسات حرفية ومهنية تخدم أهدافه وخططه وتنمي موارده، ومؤسسات إعلامية متخصصة لإبراز نشاطاته وبرامجه ووضع الخطط والدراسات المستقبلية للمركز.
حقاً إن هذا المركز يعد منارة من منارات الخير والعطاء وصورة من صور التعاون والتكافل الذي يتنافس فيه المتنافسون لخدمة كتاب الله تعلماً وتعليماً لينالوا الخيرية التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه).