Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/04/2009 G Issue 13362
الاربعاء 04 جمادى الأول 1430   العدد  13362
صندوق تنمية الموارد البشرية مضارب

 

محمد سليمان العنقري:

أسس الصندوق لدعم توظيف الشباب السعودي بالقطاع الخاص ويتمتع بتدفقات مالية هائلة لأنها متحصلات رسوم تجديد رخص الإقامة للعمالة الوافدة ويقال بأن الصندوق يملك قرابة ستة مليارات ريال والحقيقة أنه نشيط في دعم توظيف وتدريب الشباب والشابات، بل إنه أعلن عن استعداده لدفع مرتب المتدرب لعام كامل مسبقا . وهذه طبعا مبادرة جيدة ولكنها تنم أيضا عن قوة مالية هائلة تجعله يتحرك بشتى الوسائل والطرق دون أن يهتز كيانه المالي خصوصا أن موارده لا تنضب فهي مضمونة وجميل أن يفكر الصندوق باستثمار ما لديه من أموال فائضة في أسواق المال أو أي قنوات أخرى فهي ستزيد من قدرته المالية أكثر بالمستقبل ولكن اللافت للنظر أن الصندوق في أول ظهور له على مسرح السوق المالي كان بشركة صغيرة الحجم وهي أنابيب العربية وإن كانت من الشركات الجيدة وذات مستقبل واعد لكنها تبقى بالنسبة لصندوق من هذه النوعية الحساسة في طبيعة عملها أمرا غريبا فكنا نتوقع أن يظهر في شركات كبيرة ذات عوائد مستقرة وإن كان هذا أمرا واردا بالمستقبل أو قد يكون حاصلا الآن ولكن عدم وصول نسبته إلى خمسة بالمائة لم يتسن لنا معرفة توجهاته بهذا الخصوص لكن بالحقيقة السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يستثمر أصلا الصندوق أمواله بهذه الطريقة وعلى أي أساس بنى توجهاته بهذا الاتجاه الذي يحمل مخاطر عالية وهو غير مضطر لها، فالتأمينات أو التقاعد على عاتقها أعباء لا تستطيع أن تواجهها من خلال الأقساط التي تدفع بل هي بحاجة إلى تدفق إيرادات إضافية حتى تسد احتياجاتها لأنها ملزمة بها لكن هذا الصندوق ليس ملزما إلا بفترات تدريبية قصيرة وبرامج بسيطة غير مكلفة وتدفقاته النقدية عالية جدا ويستطيع تغطية التزاماته بسهولة كما أن مؤسسات التعليم الفني تحمل عبئا كبيرا بهذا المجال من خلال التدريب والتأهيل وكذلك الجامعات ولا يبقى سوى دور محدود للصندوق وهو تحمل جزء من راتب المتدرب بالعمل الذي يحصل عليه وهذا ليس قاعدة ثابتة لأي موظف فكثير منهم يعمل دون إعانة من الصندوق فلماذا إذا بدأنا نرى الصندوق يفكر بعقلية التقاعد والتأمينات، هل يتوقع منه أن يبدأ بالمستقبل بصرف إعانة للعاطلين عن العمل، لا أعتقد ذلك لأن الأمر سيحتاج إلى إعادة نظر بكل هيكل الصندوق وموارده، ثم السؤال الأهم: هل لدى الصندوق رؤية حقيقية عن مستقبل استثماراته وهل يملك الفريق المؤهل لذلك؟ في المؤسسات الأخرى لديهم، بل إنهم الآن بدأوا يفصلون هذا النشاط الاستثماري بشركات مستقلة مهمتها رصد الفرص وإدارة الاستثمارات بشكل مهني ومدروس ومستقل وأكثر مرونة وقدرة على تحقيق الأهداف المرجوة من إدارة هذه المليارات فلماذا لم يفكر الصندوق بنفس الطريقة ويبدأ من حيث انتهى الآخرون حتى لا يكون دخوله بالأسواق فيه أي مجال للخلل يؤثر عليه مستقبلا، الصندوق كان ومازال فكرة رائعة ومجدية ولكن عليه أن يضع خططا إستراتيجية واضحة وأن يتوجه باستثماراته إلى أماكن يحقق فيها أكثر من هدف بوقت واحد يساهم في عمليات التدريب من جهة ويحقق لنفسه تدفقات نقدية بذات الوقت وفي مجتمع فتي أعتقد أن الصندوق أمامه فرص عديدة لتنمية استثماراته وموارده بشكل أكثر استقرارا ووضوحا للمستقبل واليوم الفرص متاحة أمامه نظرا لانخفاض قيمة الأصول وامتلاكه لأموال بحجم يعتبر ضخما قياسا بأسعار اليوم فهل يستغلها وفق منهجية مستقبلية واضحة وموزعة بشكل متناسب مع المخاطر المحتملة بأي استثمار أم أن ظهوره بشركة صغيرة يعبر عن أسلوب النفس القصير وأنه أعجب بالمضاربات التي تحصل بالسوق ويحاول أن يكون أحد أبطالها مستمدا طاقاته من روح الشباب التي أسس لأجلهم بينما بقية المؤسسات فهي للمتقاعدين فهم أكثر هدوءا وتخوفا من المستقبل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد