Al Jazirah NewsPaper Friday  15/05/2009 G Issue 13378
الجمعة 20 جمادى الأول 1430   العدد  13378
الصراع بين البشر
د. عبدالرحمن بن سعود الهواوي

 

منذ أن وجد الإنسان على سطح الكرة الأرضية وهو في صراع دائم مع جميع أنواع الظروف البيئية المحيطة به، وهدفه من هذا الصراع هو المحافظة على البقاء. وصراعه مع الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وسيول وفيضانات وحرائق لا طائل له منه لأنه ليس له القدرة على منعها أو الوقوف في وجهها والتصدي لها. ولكن كان في بادئ الأمر عنده القدرة لحماية نفسه من الوحوش الضارية، ولكن كان هناك صراع آخر بدأ منذ أن استقر الإنسان فوق سطح...

... الأرض ولا يزال دائراً حتى يومنا هذا وهذا الصراع هو صراع بين الإنسان وأخيه الإنسان. وهذا الصراع تعددت أشكاله وألوانه، وأغراضه وأهدافه والطرق المتبعة فيه. ففي البدء كانت القوة الجسدية هي الفيصل بين المتصارعين، حيث يعتمد الشخص على قهر عدوه بتدميره أو إلحاق الضرر به، وكان مثل هذا الصراع يحدث من أجل امرأة أو مسكن أو مصيد، ثم بدأ صراع من نوع آخر استخدم فيه العقل والذكاء واللصوصية والاحتيال، والخديعة والنفاق.. ومع نشوء الحضارات حدث صراع من نوع آخر، فكل حضارة جديدة قامت بتدمير الحضارة السابقة لها إما بقوة السلاح أو بطرق أخرى مثل إلغاء معالمها من الوجود، كما حدث أيضاً صراع بين مملكات ومملكات أخرى، وإمارات وإمارات أخرى، كل منها قام أو حاول بتدمير الآخر. وبعد قيام الدول كما هو ظاهر في وقتنا الحاضر حدث صراع مختلف، صراع داخلي بين أفراد مجتمع هذه الدولة أو تلك، صراعات دينية ومذهبية، وسادة وعبيد، وطبقات عليا، ومتوسطة وضعيفة، وأحزاب يمينية ويسارية، وشركات تجارية متنافسة، ثم صار الصراع بين دول ودول أخرى قوامه المنافسة العلمية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والسيطرة، وهذا من نتائج ما أفرزته الحروب وخصوصاً ما حدث من حروب في القرن العشرين، كل هذا نتيجة للصراع بين البشر. ونحن إذا نظرنا إلى عالم اليوم ونحن في نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لرأينا أن هذا الصراع في قمة أوجه بين الدول العظمى عماده السيطرة على الدول الضعيفة أو حتى في احتلالها، وبالسيطرة على التقنية باختلاف أوجهها، وعلى الموارد البشرية والاقتصادية، وعلى وسائل الاتصال بأنواعها، كما أن بعض هذه الدول العظمى وخصوصاً أمريكا وبعض الدول الأوروبية حاولت -ونجحت - ولا تزال تحاول في إثارة النزعات الحزبية والطائفية والقبلية في بعض الدول المستضعفة. وإذا نظرنا إلى وضع الدول العربية اليوم نجدها لا مع العير ولا مع النفير، فبعضها محتل وبعضها سيطر عليه، وبعضها تموج بها فتن داخلية. إن عيون الشرق والغرب كلها موجهة صوب العالم العربي كل يريد أن يأخذ حصته من الوليمة.. ومع هذا الوضع الكارثي للعرب، فما هو الحل؟ الحل هو امتلاك القوة بمختلف أنواعها، ولكن أهم هذه القوى في الوقت الآني - الحاضر - التي يجب على العرب الركض إليها هي قوة العلم والمعرفة والتقنية، وهذه أمور متاحة أمامهم، فعندهم الجامعات، وعندهم الشباب، وعندهم الموارد المادية.. فمتى يفيق العرب من سباتهم الطويل والأخطار محدقة بهم من كل جانب؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد