Al Jazirah NewsPaper Friday  15/05/2009 G Issue 13378
الجمعة 20 جمادى الأول 1430   العدد  13378
نوه بدور الأمير نايف في تعزيز الأمن الفكري.. مدير جامعة الملك سعود د . العثمان:
رعاية المليك لمؤتمر الأمن الفكري تؤكد توجهات القيادة لتحقيق الأمن الشامل

 

«الجزيرة» - خاص

ثمَّن الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان مدير جامعة الملك سعود رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري (المفاهيم والتحديات) الذي ينظمه كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في الجامعة خلال الفترة من 23 إلى 25- 5-1430هـ، مؤكداً على أن اهتمام القيادة الرشيدة بالأمن الفكري دلالة واضحة على اهتمامها بالإنسان السعودي وأمنه واستقراره وتقدمه. وأوضح الدكتور العثمان أن كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري يهدف من خلال هذا المؤتمر إلى دعم توجهات القيادة الرشيدة الرامية إلى تعزيز معاني الوسطية والاعتدال وتعزيز قيم التسامح ونشر ثقافة الحوار ونبذ الغلو والتطرف وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

رعاية كريمة

* يرعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري الذي تنظمه جامعة الملك سعود، فما هي دلالات هذه الرعاية الكريمة؟

- لا شك أن الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا المؤتمر تُعد دلالة واضحة على اهتمام القيادة الرشيدة بالأمن الفكري باعتباره هو الأساس الذي يقوم عليه ليس أمن الوطن فحسب، بل أمن العالم أجمع.. فلن يكون هناك استقرار وازدهار وتنمية ما لم يكن هناك أمن فكري يرفد المجتمع بكل ما هو مفيد.

ولقد منحت قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- الأمن الفكري الأولوية التي يستحقها باعتباره ركيزة للأمن الشامل.. وليس أدل على ذلك من رعاية المليك الكريم لهذا المؤتمر الذي يهدف الى تعزيز مفاهيم الأمن الفكري ونشر ثقافة ترسيخها في حياة الفرد والمجتمع كافة وفق المبادئ الأصيلة للإسلام المتمثلة في الوسطية والاعتدال وتنمية قيم التسامح ونشر ثقافة الحوار ونبذ العنف.

والحوار مع الآخر والتعاون بين الدول والشعوب في كل ما يحقق الأمن والسلام وهو الأمر الذي كثيراً ما دعا إليه القائد المفدى في إطار مفهوم حوار الحضارات وهي دعوة تبلورت حتى أصبحت عالمية لتعميق مفاهيم الحوار من خلال القيم والمشترك الإنساني بين الناس كافة، لذا فإن هذه الرعاية الكريمة تجسد بجلاء توجيهات القيادة الرشيدة لترسيخ معاني الأمن الفكري بكافة الوسائل.

رجل الأمن

* وكيف ترون اهتمام صاحب السمو الملكي سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بكرسي سموه لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود؟

- يمتلك سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز خبرات هائلة في القيادة والحكمة في إدارة الأمور منذ وقت مبكر عندما تولى مهام وكيل إمارة منطقة الرياض.. فأميراً لها.. فنائباً لوزير الداخلية.. فوزيراً لها.. ثم توّجت جهوده تلك بصدور الأمر السامي الكريم بتعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء.. وهو بحق مدرسة متكاملة في الإدارة والحكمة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وصاحب رؤية سديدة في المواقف التي تحتاج إلى حكمة وحزم من أجل مصلحة الوطن والمواطن وليس أدل على ذلك من النجاحات الأمنية التي جعلتنا جميعاً نشعر بنعمة الأمن.

ومنذ سنوات عصف الإرهاب بمختلف دول العالم ومنها المملكة العربية السعودية التي نجَّاها الله بفضله ثم بحكمة ودراية ومعرفة الأمير نايف الذي حارب هذه الآفة بالكلمة والحوار وبالرأي والرأي الآخر.. وفي الاتجاه ذاته عمل على دعم سبل الوقاية من أي انحراف فكري يمكن أن يخل بمنظومة الأمن فكان كرسي سموه لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود وذلك إيماناً منه -حفظه الله- بأن الأمن هو أساس الحياة وأن حماية الفكر من أي انحراف هي الأساس لتحقيق الأمن الفكري.

ومن هذا المنطلق يؤكد سموه دوماً على أهمية الأمن الفكري بعيداً عن الغلو والتطرف وترسيخ مفهوم الفكر الوسطي المعتدل الذي تميز به الدين الإسلامي الحنيف، حيث كان سموه الكريم ولا يزال يطالب بضرورة تحصين أفكار الناشئة من التيارات الفكرية الهدامة وتربية الفرد على الفكر الصحيح، وإشاعة روح المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع ونبذ أسباب الفرقة والاختلاف، وكذلك ترسيخ مبدأ الوطنية بتعزيز الإحساس بأهمية أمن الوطن والحفاظ على مقدراته ومكتسباته الحضارية والتنموية.. وذلك إيماناً من سموه بأن الأمن الفكري يعني الاستقرار والتطور والتنمية ومواكبة التطور الذي تشهده الحياة في كافة مناحيها.

ولقد تبنى سموه فكرة تعزيز مبدأ الأمن الفكري من خلال رعايته لكرسيه بالجامعة الذي يُعنى بدارسات الأمن الفكري إيماناً منه بأهمية مشاركة المؤسسات التعليمية والبحثية في هذا الأمر.. وذلك للمحافظة على المكونات الثقافية والأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة حيث يحمل الكرسي على عاتقه إعداد إستراتيجية للأمن الفكري تُساهم في ترسيخ الأمن والاستقرار بكافة أرجاء المعمورة.

* أشار سمو الأمير نايف في ختام الدورة السادسة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب في بيروت إلى إستراتيجية الأمن الفكري التي يعدها الكرسي وإمكانية أن تكون أساساً لإستراتيجية عربية للأمن الفكري.. فكيف ترون ذلك؟

- لا شك أن إشارة سموه الكريم وهو الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب إلى الكرسي في مثل هذه المناسبة وتنويهه إلى دوره في إعداد الإستراتيجية الوطنية للأمن الفكري وسام نعتز به جميعاً في جامعة الملك سعود وشهادة تقدير تحمِّلنا مسؤولية أن نكون عند حسن ظن ولاة الأمر - حفظهم الله-.. والعاملون في كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري يعلمون تماماً أن هذا التشريف يتطلب بذل كل الجهد لتقديم عمل يرقى إلى مستوى الطموحات والتحديات التي تواجه بلادنا وأمتنا العربية والإسلامية.. ونحن ندرك تماماً أن ما أشار إليه سموه من أن تكون هذه الإستراتيجية عربية ينطلق من حرص على حماية أمن جميع الدول العربية وتنسيق جهودها بما يحمي أمنها واستقرارها، وهو ما يضاعف من حجم المسؤولية لإنجاز هذا العمل المهم محلياً وعربياً.

* وما الذي يمثله المؤتمر الوطني للأمن الفكري من إستراتيجية وبرامج عمل الكرسي لتعزيز الأمن الفكري؟

- تشمل إستراتيجية الكرسي عدداً من الأنشطة والبرامج المتنوعة التي من شأنها تحقيق مقاصده في تعزيز الأمن الفكري وتقديم أطروحات علمية في هذا الشأن، إذ يقوم الكرسي بإصدار البحوث والدراسات، ودعم حركة النشر في مجال الأمن الفكري، وكذلك استقطاب الكفاءات المتميزة لإجراء البحوث والدراسات في مجال الأمن الفكري، وكذلك طلاب الدراسات العليا وطلاب المنح للتخصص في قضايا الأمن الفكري، وتصميم البرامج والدورات الهادفة لمعالجة الأفكار المنحرفة والتيارات المخلة بالأمن الفكري، إضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات وتنظيم حلقات النقاش وورش العمل في ذات المجال بمشاركة جميع فئات المجتمع.. ويأتي المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري كأحد هذه الأنشطة التي يسعى الكرسي من خلالها إلى الاتفاق على ملامح رؤية عالمية لحماية الأمن الفكري من خلال مشاركات لممثلين من جميع دول العالم. وتبرز أهمية المؤتمر من خلال مناقشته لكافة سبل تعزيز الأمن الفكري وذلك من خلال العديد البحوث وأوراق العمل التي يقدمها مختصون في كافة العلوم الإنسانية والتي تسعى إلى تشخيص الوضع الراهن والمستقبلي للأمن الفكري وكيفية محاربة الأفكار الهدامة وتعزيز الأفكار العقلانية والنيرة التي تخدم مسيرة الأمن والسلام في المجتمع، وتكمن أهمية المؤتمر أيضاً في أنه يُعد الأول من نوعه الذي يبحث في المفاهيم والتحديات التي تواجه الأمن الفكري من الجذور بهدف ولمعالجة كافة الإشكالات التي تسبب في شيوع الفكر المنحرف واستئصالها وزرع القيم والإخلاق الإسلامية الفاضلة وإشاعة روح التسامح والسلام التي تتبناها تعاليم الإسلامي وتوصي بها.

تفعيل الأدوار

* من وجهة نظر معاليكم ما هي المنطلقات التي يمكن من خلالها تعزيز الأمن الفكري في المجتمع؟

- هناك عدة أمور أساسية تساهم في تعزيز الأمن الفكري ومحاربة الفكر الضال وفي مقدمة هذه المنطلقات تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني لكي تقوم بدورها على أكمل وجه، حيث تعتبر هذه المؤسسات هي اللبنات الأساسية التي تساهم في تكوين شخصية الفرد وتوجيهه في الاتجاه الصحيح، لذلك فإن غياب هذه المؤسسات عن أداء دورها يساهم في وجود فجوة كبيرة تستثمرها جهات أخرى في الترويج لأفكار ودعاوى ضالة ومنحرفة وتعمل على تغريب الفرد وتُشكِّل شخصيته وفق أهدافها.

* أشرتم إلى أن الأمن الفكري أساس لكل تنمية وتطور فكيف ذلك؟

- الأمن هو غاية كافة المجتمعات، باعتبار أنه من أهم مقومات الحياة والتنمية الرشيدة المستدامة، تنمية فكرية أو اقتصادية أو صناعية، لذلك أينما وجد الأمن كان الرخاء والنماء والاستقرار للمجتمع والدولة في آن واحد.. لذلك تعتني المملكة بتحقيق السلام والأمن على كافة الأصعدة وتسعى جاهدة للحد من خطورة الفكر المنحرف وتوجيه طاقات أبنائها إلي البناء بعيداً عن التدمير، حيث نجد قيادتنا الحكيمة في المملكة توجه كافة طاقاتها للاهتمام بالأمن الفكري لكونه الركيزة الأساس في الاستقرار والازدهار، حيث من هذا المبتدأ جاءت فكرة عقد (المؤتمر الوطني للأمن الفكري) الذي تبنته جامعة الملك سعود ممثلة في كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمن الفكري.. فضلاً عن الأنشطة الدعوية والتوعوية لمحاصرة الفكر الضال وهناك إحصائيات دولية تؤكد وجود علاقة بين الأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أهداف سامية

* ما هي أبرز الأهداف التي تأملون تحقيقها من خلال المؤتمر؟

- المؤتمر يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف من شأنها المساهمة في تعزيز الأمن الفكري وتحقيق الاستقرار الذي تقوم عليه التنمية للوطن والمواطن ومن هذه الأهداف:

تأصيل وتحرير مفهوم الأمن الفكري وفق ضوابط صياغة المفاهيم في المنهج العلمي.. وكذلك مناقشة إشكاليات المفهوم وطرح البدائل المقترحة، والتركيز على تشخيص وتحليل التحديات والمعوقات التي تواجه مسيرة الأمن الفكري وتحول دون تحققه كما يجب، إضافة إلى رصد الجهود الساعية إلى معالجة مشكلة الأمن الفكري وتقويمها من الناحية العلمية والموضوعية لزيادة فعاليتها، وكذلك من خلال هذا المؤتمر نسعى إلى الوصول عبر المشاركات المتنوعة والمتعددة إلى توصيات عملية لتحقيق الأمن الفكري المنشود لحماية المجتمعات من الأفكار المنحرفة.

* بادر معاليكم لإعلان الجامعة من خلال الكرسي منح جوائز مالية لأفضل البحوث المقدمة للمؤتمر؟ فما الهدف من ذلك؟

- تهدف الجامعة من ذلك لتشجيع الباحثين في مجال الأمن الفكري تقديم بحوث جادة ومتميزة ذات طرح علمي وموضوعي مغاير ومبتكر وله قابلية التنفيذ في رصد وعلاج جميع الظواهر والقضايا المرتبطة بالأمن الفكري.

وتمنح هذه الجوائز التي تزيد عن نصف مليون ريال لأفضل عشرة بحوث تقدم من خلال المؤتمر، بحيث يحصل البحث الفائز بالمركز الأول على 150 ألف ريال، والمركز الثاني على 100 ألف ريال، والثالث 50 ألف ريال وسبع جوائز لبقية البحوث بواقع 30 ألف ريال لكل بحث.. وقد بادر إلى تقديم هذه الجوائز المالية انطلاقاً من أهداف الكرسي في تشجيع البحث العلمي الرصين والأصيل والجاد.

ونأمل بمشيئة الله تعالى أن يساهم ذلك في إثراء فعاليات المؤتمر، والمكتبة العربية بأعمال تخدم جهود تعزيز الأمن الفكري على كافة المستويات.

منارة علم

* على ضوء إسهامات جامعة الملك سعود كيف ترون دور الجامعات في تعزيز الأمن الفكري؟

- جامعة الملك سعود هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالقيام بوظيفة التعليم والتأهيل والتنشئة الصحيحة لشباب المجتمع وكذلك تقوم بدور التوعية والتثقيف والتأهيل العملي، وهي كذلك تُعد مركزاً بحثياً تُعنى بدعم وتشجيع الباحثين وتقديم أفضل البحوث العلمية في كافة المجالات العلمية.

وفي مجال تعزيز الأمن الفكري قدمت الجامعة العديد من الدراسات والبحوث في هذا المجال وأهم الإنجازات على هذا الصعيد هو تأسيس كرس الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري الذي يؤسس لمرحلة جديدة في محاربة الفكر الضال وإشاعة أهمية الأمن الفكري وضرورة تحقيقه، حيث يتبنى الكرسي العديد من الخطط والإستراتجيات التي من شأنها تعزيز الأمن الفكري بين أوساط المجتمع وذلك من خلال الدراسات والبحوث والندوات والمؤتمرات التي يسعى لإقامتها ضمن منظومة عمله التي نأمل أن نحقق من خلالها المقاصد المرجوة.. كما يولي الكرسي عناية كبيرة بدراسة أي مظاهر انحراف في الفكر يمكن أن يهدد سلامة المجتمع واستقراره من خلال أنشطة علمية مختلفة بطرق منهجية رصينة ومتميزة سعياً إلى أن تكون مخرجاته قيمة مضافة للجهود الوطنية والإنسانية في إثراء المعرفة حول سبل حماية المجتمع وثقافته من الأفكار الهدّامة.. وهذا الدور يمكن لجميع الجامعات القيام به وتحصين الشباب من الانسياق خلف أي أفكار تنافي الأمن الفكري، وتنمية قدراتهم الذاتية على مقاومة هذه الأفكار ودحضها.

المجتمع المدني

* وكيف تسهم بقية مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الأمن الفكري على اختلاف عملها واهتماماتها؟

- مؤسسات المجتمع المدني بما في ذلك (المؤسسات التعليمية، وسائل الإعلام، المساجد، الأندية، الأسرة) وغيرها لها دور كبير في تعزيز الأمن الفكري في الدولة بحدودها القطرية، لذلك يعوّل عليها كثيراً في القيام بدورها الإيجابي تجاه الناشئة وتحصينهم من الأفكار الضالة حيث إن ارتباط الأمن باستقرار المجتمع وتطوره، وتماسكه جعل هناك دوراً لكل فرد ولكل مؤسسة في تحقيق الأمن داخل منظومة متكاملة مطلباً حضارياً وسياسياً وأمنياً.. وانطلاقاً من هذا الوعي أبدى كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري اهتماماً كبيراً بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني باعتبارها حجر زاوية في صياغة وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للأمن الفكري والتي تبنى الكرسي تنفيذها لتعزيز الأمن الفكري وإشاعة الوسطية والاعتدال ومحاربة الفكر الضال الذي بات خطراً محدقاً بالمجتمعات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد