Al Jazirah NewsPaper Sunday  31/05/2009 G Issue 13394
الأحد 07 جمادىالآخرة 1430   العدد  13394
في الوقت الأصلي
لا هنت يا زعيم
محمد الشهري

 

يقال بأن النصيحة كانت قديماً بجمل.. ثم تحولت فيما بعد إلى هدية، وفي عصرنا الحاضر أصبحت مجانية يتحول صاحبها في كثير من الأحيان إلى شخص مشكوك في أمره.. وفي أحسن الأحوال ينظر إليه على أنه (حُشري) يتدخل في مالا يعنيه خصوصاً إذا كان لا يتمتع بالقدر الكافي من اللمعان (؟!).

** ذلك أنه عندما تسلمت الإدارة الهلالية مهام عملها مع بداية الموسم، ومنذ اللحظة الأولى.. ظل شغلها الشاغل ومحور حديثها في كل ظهور إعلامي، هو هاجس تحقيق الكأس الآسيوية الموصل لكأس العالم للأندية كأولوية غير قابلة للنقاش.. دون التحسب لما يشكله ذلك من أعباء وضغوطات على الفريق (؟!).

** ومع التسليم بأن الطموح حق مشروع لكل إنسان ينشد النجاح في عمله.. إلا أن الأمور لا تؤخذ بهذا الشكل، وتحقيق الطموحات والأهداف لا يؤتى بهذه الطريقة.. ذلك أن الأحوط والأجدى في مثل هذه الأحوال هو العمل بمبدأ (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان).

** ولأن الحكمة المتداولة تقول: (أكبر منك بشهر.. أعلم منك بدهر) ولكوني أمتلك الشق الأول من المؤهل، ولا أدعي امتلاك الشق الثاني مما جاء في فحوى الحكمة.

** لذلك بادرت من خلال هذه المساحة المتواضعة إلى التنبيه والتحذير من النتائج العكسية لهكذا توجه، ولي في ذلك جملة من الأسباب والدواعي التي تعلمتها من التجارب، والتي أوضحت بعضها في حينه وتركت البعض الآخر للظروف.

** ومع استمرار وتيرة التكريس لقناعة عدم التنازل عن الآسيوية كضرورة وكأولوية لابد من تحقيقها.. سواء من قبل الإدارة الهلالية، أو من قبل بعض الأطراف التي لها مصالحها من وراء النجاح في ترسيخ وتكريس تلك القناعة بتلك الكيفية.. على اعتبار أن النجاح في مهمتهم تلك كفيف بتمهيد الطريق لخطف مالذ وطاب من الألقاب المحلية مع الاحتفاظ بحق المناسبة على الآسيوية، بعد النجاح في تحييد الزعيم، وهو ما حدث تماماً (؟!).

** ثم عدت وكررت المطالبة بالتخفيف من حدة الإصرار على كون الآسيوية هي أولى الأولويات.. على أساس أن الهلال يمتلك من الألقاب والأولويات والتفردات الآسيوية ما لا يمتلكه سواه من الأندية الآسيوية.. أما إن كان على مسألة المشاركة في نهائيات كأس العالم للأندية.. فالهلال سبق له أن تأهل لنهائيات النسخة الثانية (ميدانياً) وليس عن طريق (حب الخشوم).. هذا جانب.

** الجانب الآخر: إن المشاركة في نهائيات كأس العالم للأندية ليست بذلك القدر من دواعي الاستماتة في سبيل تحقيقها إلا للفرق المغمورة والضعيفة بدليل أن معظم الفرق التي شاركت فيها هي من فئات أدنى بكثير من مستويات العديد من الفرق الكبيرة أمثال الهلال.. إلى حد أن بعض الفرق التي شاركت لا تتمتع بأي قدر من السمعة على أي صعيد.. ناهيك عن أن البعض الآخر كانت مشاركاتها نقمة عليها، كونها كشفتها وفضحت عيوبها المستعصية، وهنا لا أتحدث عن فريق بعينه.

** حتى عندما تكالبت الظروف المعروفة على الفريق في الربع الأخير والحساس من الموسم، وبالتالي اتضاح مدى تداعياتها المحتملة.. ناديت بضرورة إعادة ترتيب الأوراق.. مع إعادة النظر في مجمل الأولويات والقناعات، وأن تكون الآسيوية آخرها على اعتبار أنها من الأمور (الملحوق عليها)، بعد أن يكون الفريق قد تجاوز ظروفه الصعبة، وحتى لا يطول وضع الفريق بين مطرقة الرغبة في تحقيق الألقاب المحلية التي ينافس عليها بقوة، وبين سندان الإصرار على تحقيق الآسيوية.. لا سيما وأن الظروف لم تعد تساعد على مجرد التفكير في هكذا قناعات.. ولكن (؟!!).

** بمعنى أن الظروف الصعبة التي أحاطت بالفريق الهلالي في ذلك الوقت الحرج والحساس من الموسم.. إضافة إلى الإصرار على وضعه تحت تلك الضغوطات الرهيبة المتمثلة بمطالبته بتحقيق كل شيء.. هي من جعلته يخسر كل شيء، بعد (مشيئة الله).

** الأعجب من هذا كله.. أن الذين ما انفكوا يهولون ويوهمون الإدارة الهلالية بأن الاستحقاق الآسيوي هو المعيار الوحيد لمدى نجاحها من عدمه، عبر المنابر الإعلامية،.. ورغم اتضاح ما يبطنونه من (خبث ومكر).. إلا أنهم ظلوا يجدون آذاناً صاغية مقرونة بالترحاب والإعجاب وحتى الثناء.. في الوقت الذي لم يجد فيه أصحاب النوايا الحسنة والصادقة.. ممن عركتهم التجارب، سوى التهكم والسخرية.. وهم الذين أثبتت الأيام القليلة والقريبة الماضية، مدى بعد نظرتهم ودقة قراءاتهم المبنية على التجربة لا على النظريات (؟!!).

** أعود فأقول: إن المبالغة في وضع البيض كله في سلة واحدة، وبتلك الطريقة والكيفية من التعاطي مع الإعلام حول الأولويات.. هو ما دعاني إلى تكرار التحذيرات من مغبة نتائج ذلك النوع من التعاطي.. حتى لا تصاب الجماهير الهلالية العريضة، بصدمة عنيفة كتلك التي أصابتها نتيجة الخروج (المهين) من المسابقة على يد الفريق المجتهد (أم صلال) أو حتى على يد من هو أجدر منه.. لا سيما في ظل المبالغة في رهن سمعة وقيمة زعيم آسيا وسيدها الكروي.. بمدى ما يحققه في هذه المسابقة، وفي هذا الموسم تحديداً من نتائج، وكأن هذا الموسم هو موسم نهاية العالم (؟!!).

** خلاصة القول: إن الهلال هو من هزم نفسه على طريقة (بيدي لا بيد عمرو) سواء على المستوى المحلي أو على المستوى القاري، وأن التعامل الإداري - إعلامياً - في مسألة (المهم والأهم) والأولويات كان لها الدور الأكبر في الخروج المر من الموسم مكتفياً بالفتات قياساً بتاريخه البطولي العريض، وبتكلفته العالية، وبإمكاناته قياسا ب(أم صلال) - مع احترامي له -.

** على أن ما تقدم لا يعني بأي حال من الأحوال.. الانتقاص من مجهودات الإدارة، وما وفرته للنادي ككل من إمكانات ومن خدمات جليلة، فضلا عما صرفت عليه من أموال طائلة، وفوق هذا وذاك.. إخلاصها ورغبتها الصادقة في إسعاد جماهير الزعيم بإضافة المزيد من المنجزات التي تليق بالزعيم.

** حتى أنني مع من يقول بأن الهلال لو لم يحقق من المنجزات لهذا الموسم سوى منجز تقديمه للأمير (عبدالرحمن بن مساعد) للوسط الرياضي كأنموذج للمسؤول المطلوب تواجده خلال هذه المرحلة التي تعج بعينات من الإداريين من فئة (النطيحة والمتردية)، إلخ.. لكفاه ذلك شرفاً.

** على أن ذلك لا يعني أيضاً أنها - أي الإدارة - منزهة عن الوقوع في بعض الأخطاء المكلفة جداً، والتي أشرت إلى بعضها كوجهة نظر قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة، وهذه طبائع البشر.

** بقدر ما أردت القول: إن الله سبحانه وتعالى قد يضع سره في أضعف خلقه، وأن الأخذ ولو جزئياً ببعض الآراء رغم بساطة أصحابها.. لا تقلل من قيمة وهيبة المسؤول.. أو على الأقل عدم التهكم أو السخرية منهم ومنها على غرار القول: (وهل نحن أحضرنا الأجانب بالملايين من أجل المشاركة في المسابقات الثقافية) (؟!!).

** بالمناسبة: الدين أباح اللجوء للخداع في الحروب.. لذلك فإن اللجوء لأساليب المناورات في التعاطي الإعلامي مع المنافسات الرياضية لا يتعارض مع المبادئ، وبناء عليه يصبح من حق الإداري المسؤول في النادي أن يناور وأن يخفي نواياه المتعلقة بأهدافه وأولوياته.. حتى لا يلفت الأنظار المتربصة من جهة، ومن جهة أخرى تجنيب عناصر فريقه مغبة التفكير الزائد عن الحد في كيفية الخروج أو التخلص من أعباء الهاجس الذي يحاصره صباح مساء، والذي يتحول مع مرور الوقت إلى كابوس.

** كان الله في عون الإدارة الهلالية على تجاوز العثرات، وعلى تحقيق التطلعات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد