التواضع يزيد المرء علواً ومحبة بين الناس، وخصوصاً إذا كان هذا الإنسان محتاجاً للناس حاجة ملحة لأن سلعته دون الناس لا تساوي شيئاً. أقول ذلك بعد أن شاهدت بعض شعرائنا -هداهم الله- تضخمت لديهم الأنا حتى أصبحت داءً عضالاً يجب التخلص منه، وإلا أدى ذلك إلى فقدان قيمته لدى أغلب محبيه الذين أحبوه لشعره لا لقرابته أو بدافع القبلية والتمرس المقيت.

جميل أن تكون شاعراً تحمل حساً مرهفاً يجذب إليه من يستمع له، أو يقرأ شعره فتطرب له الأذان وتتلذذ العيون بمصافحة أبياته، والأجمل أن يحمل الشاعر فوق ذلك وقبل ذلك (أخلاقاً) رفيعة لأنها هي حمايته وحصنه الذي يبقيه في قلوب محبيه وتبعده أيضاً عن الغرور.

كثير من الشعراء الآن بعد الطفرة الفضائية أصبحوا ينظرون لأنفسهم نظرة غير واقعية بل حسبوا أنفسهم وصلوا إلى قلوب جميع الناس وما علموا أن قليل من الناس من يتابع الشعر ومن هذا القليل قليل من يتابع شعرهم، ومن هذا القليل أيضاً قليل من يتعلق بشعرهم- وأقول بشعرهم لا بهم- والنذر اليسير من يتعلق بهم وهم الأصدقاء والقرابة فقط، فلماذا يحسبون أنهم أصبحوا أعلاماً وفي رأسهم نار، بل إنهم يظنون أن كل الناس تكرمهم ويحبونهم، ويستغربون إذا صادفوا من لا يعرفهم وينزعجون.. إنه الغرور بعينه..! من مشاكل الحياة وهمومها أبعدت المشاعر الحقيقين عن محبيهم فما بال هؤلاء الذين لا يعرفهم إلا أنفسهم ومن يطبل لهم قد أصبحوا على هذه الحال التي ستؤدي إلى أفولهم حتى عند أقرب المقربين لهم.. اتركوا الفوقية فلستم الأفهم أو الأعلم في هذا الكون.. ورحم الله أمرأً عرف حده ووقف عنده.

* * *