Al Jazirah NewsPaper Friday  19/06/2009 G Issue 13413
الجمعة 26 جمادىالآخرة 1430   العدد  13413
الاحتراف في الأندية السعودية عامة
نادي الوحدة السعودي نموذجاً

 

بتحقيق نادي الاتحاد للقب الدوري الممتاز للمرة الثامنة في تاريخه، أُسدل الستار على نهاية أول دوري للمحترفين في المملكة العربية السعودية، والحق يُقال بأن لجنة الاحتراف والقيادات الرياضية العليا أحسنت إخراج دوري المحترفين بصورة مثالية انعكست آثارها على التطور الكبير الذي باتت تمر به الأندية السعودية في الوقت الراهن إلا أن لكل تجربة مساوئ مثلما لها من محاسن، وربما تكون إحدى هذه المساوئ قصور الشارع الرياضي عن فهم المعنى الحقيقي للاحتراف، فنظرية الاحتراف لا تعني أن اللاعب يأخذ الكثير من المال مقابل اللعب لنادٍ معين، وفي حالة زيادة العرض المالي من نادٍ آخر فإن اللاعب يحزم حقائبه وينتقل بحثاً عن المال والشهرة، نظرية الاحتراف لها مشمول ومدلول أكبر من ذلك بكثير، فهي تعرف النادي على أنه شخص معنوي له مجموعة من الحقوق وعليه مجموعة من الالتزامات ويسعى من خلال جميع الكوادر المنتمية إلى كيانه إلى الاستفادة من مداخيله المادية بشكل مشروع من أجل التطوير من كفاءته أثناء ممارسة نشاطه الرئيس، دون تحميله للأعباء المالية.

هذا تعريف يبين المدلول الحقيقي للنادي الرياضي وفق نظرية الاحتراف التي ناقشت الكثير من المواضيع التي لا مجال لمناقشتها هنا، وقد تكون فكرة الاستثمار في الأندية الرياضية إحدى أهم النقاط التي ترتكز عليها الأندية العالمية في سبيل توفير مداخيلها وبسبب حداثة عهدنا في الاحتراف فإننا لم نخط حتى الآن خطوات واسعة في مجال الاستثمار الرياضي، كما أن أغلب الأندية واللاعبين لدينا يقصرون الاحتراف على المعنى الضيق للاحتراف الذي ذكر آنفاً، دون النظر إلى المدلول الشامل الذي يعنيه الاحتراف، والذي قد يحوّل الأندية المتوسطة إلى أندية عملاقة تستطيع المنافسة على البطولات وتحقيقها، ونادي الوحدة قد يكون مثالاً رائعاً على صحة ما أرمي إليه وسبب اختياري لنادي الوحدة بالذات لأنني أرى - من وجهة نظري - بأنه يمتلك أرضاً خصبة لتطبيق المعنى الحقيقي للاحتراف في حالة اتباعه للإستراتيجية المناسبة التي تلائم إمكانياته والتي يستطيع من خلالها تحقيق الكثير من التطور.

إدارة نادي الوحدة السابقة اتبعت إستراتيجية (المصنع المنتج) والتي تهدف إلى تطوير أكبر عدد ممكن من اللاعبين ثم بيعهم لأندية القمة بغرض تحقيق الربح المادي أو تمويل للنادي، ثم تعود من جديد لتبني فريق جديد وتقوم ببيع لاعبيه في حالة حصولهم على عرض مالي كبير وهكذا، ومما لا شك فيه بأن إستراتيجية (المصنع المنتج) قد تكون من أقل الإستراتيجيات في كرة القدم مرونة ومن أكثرها عقماً ولا تتبعها إلا الأندية دون المتوسطة أو الأندية الضعيفة التي تهدف للبقاء ضمن الدوري الممتاز، كما أن إستراتيجية (المال الخارجي) لا تناسب نادي الوحدة.. كذلك نظراً لعدم وجود داعم مالي قوي يدعم النادي من ماله الخاص لتقوية مداخيل النادي، ولذلك فإن الإستراتيجية الأنسب التي يستطيع من خلالها نادي الوحدة التطوير من نفسه هي إستراتيجية (الاكتفاء الذاتي) والتي تهدف إلى جعل النادي قادراً على تمويل نفسه بنفسه دون الحاجة إلى دعم مالي خارجي ودون الاضطرار إلى بيع لاعبي الفريق لسد حاجات النادي، وقد تكون هذه النظرية هي الأصعب تحقيقاً نظراً لأنها تحتاج إلى الكثير من الصبر وإلى جهود جبارة من الإدارة وإلى حسن استثمار مداخيل النادي على المدى البعيد، أولى الخطوات لتحقيق نظرية (الاكتفاء الذاتي) هي تجديد عقود اللاعبين والمحافظة عليهم ويكون ذلك من مداخيل النادي وصافي أرباحه السنوية، وليس من الضروري في بداية الأمر التعاقد مع لاعبين جدد طالما استطاع النادي إبقاء المجموعة سوياً، والأولوية دوماً تكون لإبقاء لاعبي الفريق قبل شراء لاعبين جدد، وفي حالة النجاح في تجديد العقود فإن النادي يكون الطرف الأقوى عند قدوم أي عرض لأحد لاعبيه، وبالتالي فإنه يملك حق الرفض بغض النظر عن رغبة اللاعب، وفي حالة عدم تجديد اللاعب لعقده ورغبته في الانتقال فعلى النادي أن يكون أكثر صرامة في فترة المفاوضات مع الأندية الأخرى ولا يتخلى عن اللاعب بسهولة، ويجب عليه أن يترك انطباعاً لجميع الأندية بأنه فريق لا يستغني عن لاعبيه بسهولة.. وهذا الأمر سيشكل نفوراً لدى الأندية الأخرى ويجعلها لا تحبذ فكرة شراء اللاعبين من هذا النادي.

ثاني الخطوات نحو تطبيق نظرية (الاكتفاء الذاتي) هي تطوير القطاعات السنية في النادي وتوفير كامل الإمكانيات لهم، ويتم تعيين مدرب صاحب إمكانيات عالية لتدريبهم ويكون ذلك تحت إشراف مدرب الفريق الأول، وفي حالة بروز موهبة في فريق الناشئين يتم توقيع عقد احترافي معه، بالإضافة إلى تطوير شبكة كشافي المواهب في النادي وتكون متصلة مباشرة بمدرب الفريق الأول وهو من يقرر مدى ملاءمة موهبة اللاعب من عدمها.

ثالث خطوات نظرية (الاكتفاء الذاتي) هي المحافظة على الاستقرار في الجهاز الفني والإداري، بحيث تعطي الإدارة كافة الصلاحيات لمدرب الفريق ولا تتدخل في شؤون عمله، وعدم إقالته من أول أو ثاني هزيمة، حتى يستطيع مدرب الفريق إعادة بناء الفريق والنهوض به من جديد، أما بالنسبة للاستقرار الإداري فمعناه هو عدم حصول نزاعات في إدارته تؤثر على مستوى الفريق داخل الملعب.

رابع خطوات نظرية (الاكتفاء الذاتي) هي البحث بعناية فائقة عن اللاعبين المناسبين للنادي من محليين وأجانب، ويكون لمدرب الفريق الصلاحية في اختيار التعاقدات المناسبة دون تدخل من الإدارة، ويجب على المدرب أن يبحث عن اللاعب الكبير وليس الاسم الكبير.

خامس خطوات نظرية (الاكتفاء الذاتي) هي محاولة زيادة العوائد الربحية من مداخيل النادي أو زيادة الطرق التي تعود بمدخول مادي على النادي الرياضي، كمحاولة زيادة مبيعات تذاكر المباريات أو بافتتاح قناة للنادي على الإنترنت برسوم اشتراك رمزية أو إنشاء متجر خاص بمتعلقات النادي وتعود أرباحه لميزانية النادي وغيرها من الطرق الاستثمارية الكثيرة جداً التي تزيد من الإمكانيات المادية للنادي وتجعله قادراً على مصارعة الأندية الكبيرة الأخرى، هناك الكثير من الخطوات لنظرية (الاكتفاء الذاتي) وقد يكون ما ذكرته هو أهم تلك الخطوات، وفي حالة تطبيق تلك النظرية بالشكل المناسب، فأنا متأكد بعد إرادة الله تعالى بأن نادي الوحدة يستطيع أن يكون من كبار الأندية في الدوري السعودي، وكل ما يحتاجه نادي الوحدة الآن هو الثقة بأنه يستطيع أن يعود من جديد لمنصات التتويج، إذا فهم الاحتراف بطريقة (احترافية).



حاتم إبراهيم الشدوي - مستشار قانوني / tooomy_007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد