في كل مجتمع فئات عزيزة عليه، فهناك المعلمون، وهناك الأطباء وهناك العسكريون وهناك القضاة.. وفي رأيي فإن الفئة الوحيدة التي لم تعط اهتماماً لدينا هي فئة (المهندسين) في القطاع العام، حيث إنه ليس لهم أي جهة يتوحدون تحت لوائها، فالمعلمون تحت لواء (وزارة التربية والتعليم) والقضاة تحت (وزارة العدل)، أما المهندسون فهم في رأيي يجب أن يكون لهم اهتمام خاص، فقد كفى إهمالاً لهم حتى تسرب معظمهم من القطاع الحكومي (50%). وهؤلاء (المهندسون) بمختلف تخصصاتهم تحت إدارتهم (ميزانية الدولة) بالكامل (بند المشاريع)، ففي كل وزارة مهندسون وفي كل إدارة قسم هندسي، بل إن هناك بعض الوزارات كوزارة الشؤون البلدية والقروية والنقل والكهرباء والمياه معظم موظفيها مهندسون ومع ذلك منهم أقل الفئات اهتماماً لا من ناحية الحوافز المادية أو الحوافز المعنوية... فبعد دراسة المهندس 5 سنوات يعطى راتباً يزيد قليلاً عن (5000 ريال) وهو راتب متدنٍ جداً تعده معظم الهيئات والمنظمات كعدمه..!!.. لقد حان الأوان لإعادة النظر في إصدار كادر للمهندسين إذا أردنا أن ننهض بمشاريع البنية التحتية وأوجه ندائي لمعالي وزير المالية لسرعة إصدار هذا الكادر حفاظاً على المال العام بمعنى استثماره الاستثمار الأقل بوجود مهندسين يديرون هذه المشاريع، فالتخصصات الهندسية.. لا يجد خريجوها أي وظائف بعد تخرجهم واندماجهم في أسواق العمل سواء في القطاع العام أو الخاص.. إن الحالة هذه هي بحاجة إلى علاج فوري سريع جداً بمبادرة من الهيئة السعودية للمهندسين ووزارة الخدمة المدنية وأتمنى ألا تكون وزارة الخدمة المدنية في موقع الدفاع عن نفسها وكأنها هي المتهمة، حيث إن وضع الحوافز الوظيفية يشترك بها عدد كبير من الجهات.
إن المساواة معدومة في حال المهندسين مع الفئات الأخرى (الأطباء، المعلمين، القضاة، العسكريين.. الخ).. حيث إن كل هذه الفئات هي فئات عزيزة علينا وتبذل جهداً كبيراً إلا أن المساواة معهم معدومة في حال المهندسين المزري والظلم المجحف بحقهم والذي جعل أكثر من 50% منهم يتجهون إلى مجالات غير تخصصاتهم مثل التعليم، حيث إن الجهد أقل والمميزات والحوافر أكثر.. إن الاتفاق المالي لتحسين أوضاع المهندسين الوظيفية هو اقتصاد لخزينة الدولة والمال العام.. ولنضرب مثلاً على ذلك.. مهندس يشرف على مشروع مبانٍ بمبلغ 100 مليون ريال ولكن لا يجد أي حوافز أو مميزات لإبداعه ومتابعته لهذا المشروع فنجده يهمل جودة المواد التي نفترض أنها تكلف 70 مليون ريال من المشروع وبعد افتتاحه تلفت المواد وكلف استبدالها 70 مليون ريال أخرى.. أما في حالة وجود حوافز تشجيعية للمهندس لإشرافه الدقيق على المشروع فإننا وفرنا على خزينة الدولة 50 مليون ريال أخرى بسبب وجود الدافع لدى المهندس لبذل الجهد والكشف عن الأخطاء.. ومن زيادة معدلات رواتب المهندسين لن تكلف شيئاً باهظاً بالنسبة للمليارات التي تصرف على المشاريع سنوياً، بل هي توفير وزيادة للمال العام بدلاً من هدره العشوائي بدون إشراف دقيق فنياً.
وحتى تثبت ذلك بالأرقام فلو افترضنا زيادة رواتب المهندسين في القطاع العام بحيث يزداد راتب كل مهندس تشجيعياً بمقدار 2000 ريال وعدد المهندسين في القطاع العام 6000 مهندس ولو فرضنا أن كل مهندس سيوفر على خزينة الدولة مبلغ مليوني ريال إذا أشرف إشرافاً فنياً دقيقاً على مشروعين في العام الواحد ربما أن عدد المهندسين في القطاع العام هو 6000 مهندس فإن المبلغ السنوي لذلك هو 144 مليون ريال وهي لا تشكل شيئاً بالنسبة للوفر العام لخزينة الدولة في حال وجود مهندسين لديهم دافع مادي ونفسي لتوفير المال العام وذلك بالإشراف الدقيق وحتى بالتحليل الفني الدقيق للمشاريع ومحاولة الوصول إلى تكاليف السوق الحقيقي بتسعير المواد والتشغيل وغيرها والتي غالباً لا تخضع لأسعار معروفة لدى الجميع ولو فرضنا أن المشاريع السنوية هي بمبلغ 50 مليار ريال فإننا سنضع الجدول التالي للمقارنة بين الإنفاق المالي على المهندسين والوفر العام الذي يمكن توفيره نسبة لهذه المشاريع إذا تم زيادة الانفاق المالي على المهندسين لتحسين أوضاعهم وحفزهم على توفير المال العام.
عدد المهندسين: 6000
زيادة الرواتب: 2000 ريال.
المبلغ في العام: 144مليون ريال.
ما يمكن أن يوفره المهندس: مليونا ريال.
المشاريع في العام الواحد: 50 مليار ريال.
نسبة الزيادة للمشاريع: 0.3%.
نسبة التوفير بسبب الزيادة في المشاريع: 24%.
ومن هذا يتضح أن زيادة رواتب المهندسين نسبة إلى المشاريع الذين يشرفون عليها وهي (50 مليار ريال على الأقل سنوياً) هي 0.3% وهي شيء تافه نسبة إلى الوفر العام الذي يمكن توفيره في حالة وجود حوافز مادية مشجعة على الإشراف الفني (24%) ومن هنا فإنني أناشد وزارة المالية تحسين أوضاع المهندسين توفيراً للمال العام لخزينة الدولة.. وأعتقد أن هذا تحليل يقبله العقل وستقبله وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية.
ص.ب 565 البدائع
arac433@hotmail.com