Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/07/2009 G Issue 13439
الاربعاء 22 رجب 1430   العدد  13439
مركاز
صمت النساء!
حسين علي حسين

 

يفترض الفيلسوف الإيطالي (بند نيتو كروتشه) أن كافة النساء جميلات؛ لذلك فهو لا يريد منهن كلاما ولا جدالا، لكنه يريدهن صامتات، أو كما يقول (كوني جميلة واسكتي)، وقد أخذت هذه الكلمة شعارا في بعض الحملات الانتخابية الإيطالية واللبنانية، فزينت الشوارع بصور لنساء جميلات، جذابات، أصواتهن أو أفواههن في المجمل مقفلة وهو أمل مستحيل، بل ربما كان من عاشر المستحيلات، لكن هذه هي فلسفة الإيطالي الشرقي الحار، الذي لا يختلف كثيراً عن العرب في نظرته للمرأة أو ما يريده منها، يريد منها الجمال والصمت أما الباقي فلتدعه له، لكن هل تقدر حواء على ذلك؟ هنا مربط الفرس أو السؤال!

لسان المرأة وحده هو الذي يجعلنا نفتقد للمرأة (الشيف) التي تقود فريق الطبخ في الولائم الكبيرة، بالفنادق وقصور الأفراح والمطاعم الكبرى، مع أنها في منزلها قد تكون مبدعة وقد تكون متفرجة على العاملة، تعطي الأوامر وتقلب كتب الطبخ، فإذا كانت الطبخة جيدة فالشكر لها والنقد للعاملة التي قللت أو كثرت نسبة البهار في الطعام! وهي أيضاً نادراً ما تكون مصممة أزياء ذات بصمة عالمية واضحة ومؤثرة، مع استثناءات بسيطة لنساء سعوديات (ليس مصريات ولا لبنانيات) بدأن يقتحمن عالم الموضة بجرأة يحسدن عليها ولا ندري أين الصدق وأين الكذب في هكذا جولات وجولات في عالم الموضة والجمال، لكننا في المجمل نشعر بالفخر أن بناتنا بدأن بشق الطريق وسد فجوة نسائية، وبدلاً من آلاف الريالات التي تذهب لبيوت الموضة، ها هي تبقى في بيتها، وما يحصل في الموضة بدأ يحصل في التصوير الفوتوغرافي والإخراج السينمائي، هذه ميادين جديدة على المرأة، تنسف مقولة كروتشه من أساسها، مع أن أغلب المبدعات حظهن من الجمال مثل حظ الجاحظ وأكثر، لكن يظل القول دائماً لا توجد أنثى إلا وتمتلك شيئاً يجذب جيوش النحل إليها!

وهذه المرأة الجميلة والصامتة - سبحان الله - وحدها القادرة في دول شرق آسيا خصوصاً على قهر أعتى الرجال، وهي تخرج مثل الشعرة من العجين من كل القضايا وتعود مثل طائر الرخ أكثر صلابة وقوة، وإن كانت في بعض المواقف ضحية برضاها، عندما تنسفها عبوة أو يلقى القبض عليها أو تنفى، وهي الآن تقود الناس في أوروبا بصلابة وقوة، ومع ذلك فإن السؤال المحير لماذا النساء لا يستطعن التعامل مع النساء، فكل جبروت المرأة تصبه على بنت جنسها، وفي الوقت نفسه فكل سطوة المرأة تكون من نصيب الرجل الذي يضطهد المرأة أو يجور عليها ربما من رجل أن تتولى هي أمرها، لكل ذلك بفضل الرجل تلك المرأة الجميلة والصامتة، لكن هيهات!!

فاكس: 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد