Al Jazirah NewsPaper Friday  24/07/2009 G Issue 13448
الجمعة 02 شعبان 1430   العدد  13448
المسؤولية الاجتماعية والعمل الخيري
سعيد بن محمد العماري

 

تشهد بلادنا في هذا العصر الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، نهضة غير مسبوقة في كل مجالات التنمية، يبقى دور القطاع الخاص فيها مهماً للدفع بالتنمية خطوات أبعد، ويبدو أن هذا لن يتأتى بدون تفعيل تبني مشروعات المسؤولية الاجتماعية، وربما يحتم الظرف والوقت أن تقوم الشركات والمؤسسات بمبادرات جماعية بإقامة ورش عمل وتشجيع البحوث العلمية في هذا المجال وتبادل الخبرات لإشاعة ثقافة المسؤولية الاجتماعية.

وتمثل تجربة مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية في مجال تبني المسؤولية الاجتماعية وإثرائها مثالاً مضيئاً، حيث شكلت فريقاً للمسؤولية الاجتماعية يتولى إيجاد آليات لتفعيل وتطوير إسهام القطاع الخاص في خدمة العمل الخيري والاجتماعي والإنساني محلياً ودراسة البرامج التي ينفذها القطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية، والعمل على تعميم ما يثبت نجاحه، وتوفير المساندة الاستشارية للمبادرات الجديدة في هذا الخصوص، ويضم فريق مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية للمسؤولية الاجتماعية في عضويته ممثلين لأبرز جهات القطاع الخاص في تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية فيضم ممثلين للغرفة الصناعية التجارية بالرياض، والبنك الأهلي التجاري، ومجموعة دلة البركة، وشركة سابك، وشركة تمكين للاستشارات التنموية والإدارية، والشركة الدولية لهندسة النظم، ومجموعة صافولا، وشركة أرامكو السعودية، والغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية، وشخصيات وجهات أخرى مهتمة بالعمل الاجتماعي الخيري.

ومن خلال الدور الذي تقوم به مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية وغيرها من مؤسسات الوطن يتزايد - لحسن الحظ - الوعي بأهمية تبني استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية يوما بعد يوم في المجتمع السعودي، وبدأت كثير من الشركات الوطنية في انتهاج سياسات واضحة في هذا الشأن، تتمثل في تخصيص نسبة من عوائدها ضمن ميزانياتها السنوية لبرامجها لخدمة المجتمع، إذ إن تبني برامج المسؤولية الاجتماعية يحقق مكاسب لكلا الطرفين، ممن خلال العلاقة الوثيقة التي تقوم بين الشركة أو المؤسسة والمجتمع، فهي تحسن من صورة الشركة وتبرز وجهها الإنساني، وتحسن سمعتها، وتجذب إليها المستهلكين ما يسهم في تبنيهم موقفاً إيجابياً تجاه منتجاتها وخدماتها وبالتالي زيادة ربحيتها، وبالنسبة للمجتمع تسهم هذه الشركات بخبراتها وميزانياتها في معالجة قضايا ملحة في مجالات التعليم، والصحة، والبيئة.

وتمثل المسؤولية الاجتماعية للشركات التزاما أخلاقيا بالمساهمة في التنمية الاقتصادية، وتحسين ظروف العاملين بها، وعائلاتهم، وخدمة المجتمع المحلي والمجتمع ككل، وفي الحقيقة فإن المسؤولية الاجتماعية كمفهوم وتبنيها من قبل الشركات الوطنية ورجال الأعمال كسياسة حيال أفراد المجتمع لم تكن أمرا طارئا على المستوى المحلي، ارتكازاً على ما يدعو إليه الدين الإسلامي من تكافل وتراحم والالتزام القوي به في المجتمع السعودي، ولكنها كانت حديثة كاسم وإستراتيجية إذ بدأت بعض المؤسسات والشركات الكبرى في تبنيها مؤخراً، على عكس الشركات والمؤسسات في الدول المتقدمة التي بدأت مبكراً في تبني سياسات المسؤولية الاجتماعية كإستراتيجية بنسب ربحية ثابتة، وبإدارات لها وضعيتها ونشاطاتها المميزة، وتمثل ترساً أسياسياً في الماكينة الاقتصادية لهذه الشركات والمؤسسات.

ولا نجافي الواقع إذا قلنا إن البون شاسع بيننا وبين الدول المتقدمة فيما يتعلق بممارسة الشركات الوطنية مسؤوليتها نحو المجتمع ونحو موظفيها وتبنيها كإستراتيجية تصب في خدمة الاقتصاد الوطني، فشركات وطنية كثيرة تعتمد في إنفاقها تجاه المسؤولية الاجتماعية على أريحية مديرها أو صاحبها وهي لا تعين نسبة من أرباحها لتبني المسؤولية الاجتماعية مما يجعل إسهامها فردياً وفي معظم الأحيان وفق مناسبات معينة، وبالتالي تتدنى إسهام الموظف في الإسهام الفاعل في التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة، ويتأخر دور الشركات والمؤسسات الوطنية عن الدور الذي تقوم به نظيراتها في الدول المتقدمة، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تشكل الجمعيات غير الربحية عاملاً فاعلاً في خدمة الناتج المحلي للاقتصاد الأمريكي، علماً أن العمل الخيري والتطوعي يندرج تحت ما يسمى بالجمعيات غير الربحية وغير الحكومية organization gpvernment non الجزيرة organization profit non.

ومع دعم القيادة الرشيدة لنشر مظلة الخدمات الإنسانية والاجتماعية وترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتوسيع خريطة مبادرات العمل التطوعي وازدياد الوعي المجتمعي، فمن المأمول أن تحقق الشركات والمؤسسات الوطنية طموح القيادة وتنخرط في مجال منهجة العمل الخيري الاجتماعي والقيام بدورها الوطني نحو مجتمعها بإنشاء إدارات خاصة بالمسؤولية الاجتماعية وإعداد برامج واستراتيجيات نوعية وتثقيفية وإعلامية، مما يكسب الحياة الاجتماعية قيمة مضافة تلبي حاجات مادية ومعنوية متممة لما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين بأجهزة مختلفة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد