لا شك أن الحديث عن علماء الأمة حديث متجدد، يبعث في النفس الأمل، ويجعل الروح تحلق عالياً، وتسمو إلى عالم الصفاء والمعرفة بالله تعالى وشرعه، وتذكر وجوب تبليغ العلم الشرعي، والدعوة إلى الله تعالى، ويبعث الرغبة في التزود للآخرة بالعلم النافع، والعمل الصالح، وكأني بالقراء الكرام يتطلعون إلى ذكريات ومواقف تتعلق بالراسخين في العلم ممن رحلوا عن دنيانا الفانية.
وأذكر موقفاً لا ينمحي من ذاكرتي أبداً، حيث كنت عائداً مع فضيلة العلامة ابن عثيمين رحمه الله من مسجده إلى بيته بعنيزة، وذلك لتسجيل حلقة لبرنامج (نور على الدرب)، وكان مؤشر المذياع في السيارة مضبوطاً على إذاعة القرآن الكريم، وكانت الإذاعة تبث إحدى حلقات برنامج (نور على الدرب)، وكان الضيف فضيلة العالم الزاهد الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.
ركب الشيخ ابن عثيمين، وسلم عليّ فرددت التحية بخير منها، ثم التفت إليّ قائلاً: هذا الشيخ صالح الفوزان؟ قلت: نعم يا شيخ، هذا برنامج نور على الدرب، ابتسم الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - وقال: ما شاء الله. القلب يرتاح لفتاوى الشيخ صالح الفوزان. نفع الله بهم جميعاً. دخلنا منزل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - وبدأنا التسجيل، وأنا أقول في نفسي: هكذا هم أهل العلم الربانيون، يحب بعضهم بعضاً، ويذكر بعضهم بعضاً بالخير، ولا يذكر أحد منهم أخاه بسوء.
ولا شك أن فضيلة الشيخ صالح الفوزان - يحفظه الله - هو من أهل العلم الذين لهم مكانة كبيرة في النفوس، وقد وضع الله له القبول في الأرض، وعند سائر المسلمين، وهذا واضح من خلال الرسائل التي ترد إلى الإذاعة، والاتصالات المستقبلة، التي يدعو أصحابها للشيخ، ويثنون عليه لما يستشعرون منه غزارة علمه، وورعه، وإخلاصه في دعواه، نحسبه كذلك، والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحدا. وقد عرفناه فوجدناه مثالاً - بفضل الله - في الزهد، والورع، والعلم. فنسأل الله أن يرفع درجاته، وأن يجزيه عن أمة الإسلام خير الجزاء؛ لما قدمه من خدمة للعلم الشرعي. جعل الله ذلك في موازين حسناته.
كما نسأله أن يتغمد الشيخ ابن عثيمين برحمته، وأن يرفع درجاته في المهديين؛ لما قدمه لهذه الأمة، وللعلم الشرعي.