د. حسن الشقطي (*) :
في ضوء انتهاء القلق جراء إعلان نتائج أعمال الشركات، وفي ظل إعلان نتائج أعمال شبه إيجابية لغالبية الشركات القيادية، هدأت اضطرابات حركة التداول في سوق الأسهم هذا الأسبوع، وتمكن المؤشر العام للسوق من إنهاء تداولاته على ربحية 39 نقطة. ومنذ الأحد الماضي وبعد الإعلان عن نتائج أعمال سابك بدأت حركة التداول تأخذ مساراً ضيق النطاق تسوده التذبذبات الخفيفة بشكل يبرز أن حركة التداول بدأ يسيطر عليها هدوء الإجازة الصيفية.
وبرز خلال الربع الثاني أن نتائج أعمال غالبية الشركات تسير في طريق وجود تراجع في نتائج أعمالها مقارنة بنتائج الربع المماثل من العام السابق، إلا إنها سجلت في الغالب تحسناً عن نتائج أعمال الربع السابق، أي أن كثيراً من الشركات قد تحسن أداؤها عن الربع الأول إلا إنها لم تصل إلى مرحلة النمو كسابق عهدها في العام السابق.
وبرز أيضاً مدى التباين في أداء شركات الاتصالات، وقد ظهر أنه ليس للأزمة العالمية تأثير على هذا الأداء.. أما أبرز ما يميز هذه الفترة وبشكل مفاجئ هو الأداء المتميز الذي أحرزته صناديق الاستثمار منذ بداية عام 2009.
من جانب آخر ومنذ الإعلان عن إطلاق السوق الجديد للصكوك والسندات، فإن قيمة تداولاته لم تتجاوز 20.6 مليون ريال , فكيف ولماذا لم يوجد الإقبال على هذا السوق حتى الآن؟
تحسن ملموس في مستويات السيولة المتداولة
سجلت حركة التداول هذا الأسبوع تحسناً إيجابياً من جانبين، أولاً هدوء اضطرابات السوق وسكون حدة التذبذبات العنيفة التي سادت الأسبوعين الماضيين، فضلاً عن تحسن ملموس في مستويات السيولة المتداولة، حيث بلغت السيولة هذا الأسبوع 29.1 مليار ريال مقابل 20.9 مليار ريال للأسبوع الماضي.. وقد تركزت سيولة هذا الأسبوع جوهرياً في سابك والإنماء والراجحي للتأمين واتحاد الاتصالات وبترورابغ بنسبة بلغت 38.6% من إجمالي سيولة السوق.
أداء متميز لصناديق الاستثمار... بربحية 14.4%
في المتوسط
بشكل مفاجئ سجلت صناديق الاستثمار حسب آخر تحديث معلن على موقع شركة تداول أداءً متميزاً بمعدل ربحية بلغ نحو 14.4% كمتوسط لأداء جميع صناديق الأسهم المحلية.. فعلى مستوى كافة الصناديق (53 صندوقاً) لم تسجل سوى أربعة صناديق خسائر منذ بداية هذا العام.. وقد سجل صندوق الفرص للأسهم البتروكمياوية أعلى ربحية منذ بداية العام بنسبة 41.4%.. ويعتبر هذا الأداء هو الأول من نوعه الذي تسجله صناديق الاستثمار منذ أزمة سوق الأسهم في فبراير 2006.. وإذا استمر هذا الأداء الجيد، فقد تصبح صناديق الاستثمار العاملة في الأسهم هي الملاذ الحقيقي الآمن للراغبين في الاستثمار في سوق الأسهم بدرجة مخاطرة متدنية.
سوق الصكوك والسندات.. تداولات ضئيلة
في 13 يونيه من هذا العام أطلقت هيئة السوق المالية سوقها الثاني الموازي لسوق الأسهم، وقد تطلع الجميع إلى خلق سوق مواز يستوعب جزءاً من رؤوس أموال المواطنين والمقيمين بدرجة مخاطرة أقل، إلا أنه وبعد مرور حوالي شهر ونصف الشهر على إطلاق هذا السوق لا تبدو النتائج مبشرة، حيث لم تتجاوز قيمة التداولات الإجمالية بهذا السوق 20.6 مليون ريال، أي بمتوسط تداولات يومية لم تزد عن 685.8 ألف ريال، وهي قيمة زهيدة للغاية إذا قورنت بمدى ثقل الشركات المتداول صكوكها بهذا السوق (سابك والكهرباء).. فتداولات شركة سابك وحدها في سوق الأسهم خلال الفترة نفسها بلغ نحو 16.6 مليار ريال.. فكيف ولماذا لا يوجد إقبال على هذا السوق الذي يفترض أنه لا يمتلك درجة المخاطرة نفسها للتداول في سوق الأسهم؟ البعض يفسر ذلك بالجانب الشرعي، إلا إن القيم الكبيرة لتداولات العديد من الشركات المشكوك في شرعية تعاملاتها في سوق الأسهم يوضح أن الأمر ليس شرعياً بشكل كامل بقدر ما يوجد عوامل أخرى مؤثرة في الإقبال على سوق الصكوك والسندات، تحتاج إلى دراسة ومساندة.
أداء شركات الاتصالات.. بعيداً عن تداعيات الأزمة العالمية
أعلنت شركة الاتصالات السعودية عن تراجع في صافي أرباحها للربع الثاني عن الربع المماثل من العام السابق بنحو 22%، وهو ليس الإعلان الأول الذي تعلن فيه عن تراجع في أرباحها عن سابق عهدها.. فقد أعلنت في الربع الأول عن تراجع أرباحها عن الربع المماثل أيضاً.. كما أعلنت عن تراجع أرباحها السنوية لعام 2008 عنه في 2007، وجميع هذه التراجعات بنسب معنوية.. في المقابل أعلنت شركة موبايلي عن نمو صافي أرباحها لهذا الربع بنحو 50% عنه للربع المماثل من العام السابق، كما أعلنت سابقاً عن نمو أرباحها في عام 2008 بنسبة 49.3% عنها في 2007.. أي أنه رغم فوارق القيمة المطلقة بين صافي أرباح الاتصالات وموبايلي، إلا أنه من الواضح أن هناك نمواً ملموساً ودورياً في أرباح موبايلي على النقيض هناك استقطاع دوري في أرباح الاتصالات.. ويفسر ذلك بأن الاتصالات كانت تعمل في سوق تحتكره بشكل كامل منذ سنوات قريبة، الآن الوافدون الجدد بدؤوا يستقطعون وبحصص مهمة بشكل دوري من هذا السوق، ويتوقع أن تتزايد هذه الحصص إذا استمرت الفلسفات التشغيلية لكافة شركات السوق على ما هي عليه.. الشاهد في كل ذلك أنه لا يوجد أي دلائل على وجود تداعيات للأزمة العالمية على أداء شركات الاتصالات.
20% حجم المخزون غير المباع لسابك خلال النصف الأول من هذا العام.
أعلنت سابك عن نتائجها للربع الثاني، حيث سجلت صافي ربح بلغ 1.81 مليار ريال، مقابل 7.55 مليار ريال للربع المماثل من العام السابق وذلك بانخفاض قدره 76%.. بداية فمن الحياد ذكر أن هذا الأداء يعتبر إنجازاً للشركة في ظل فترة تموج بالاضطرابات في سوق البتروكيماويات ككل.. إلا إنه كان من الملفت في بيان الشركة ذكر أن إجمالي الإنتاج بلغ خلال النصف الأول من هذا العام حوالي 28.5 مليون طن، بزيادة نسبتها 1%، بينما بلغت الكميات المباعة 22.9 مليون طن، بزيادة نسبتها 2%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.. فكيف يتم زيادة الإنتاج بنسبة 1% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، رغم أن العام السابق كان يمثل ذروة للطلب على منتجات البتروكيماويات. في المقابل فإنه منذ سبتمبر من العام الماضي وهناك تحذيرات من حدوث ركود اقتصادي قوي في ظل الأزمة العالمية الراهنة.. بالطبع فإن جزءاً كبيراً من تراجع أرباح الشركة يعود لزيادة حجم المخزون لديها، والذي بلغ خلال الشهور الست الماضية نحو 5.6 مليون طن، وبقيمة مبيعات تصل إلى 10.7 مليار ريال (تقديري).. أي أنه لو تم ترشيد الكميات المنتجة من المؤكد أن الشركة كانت ستسجل أداءً أفضل من المتحقق الآن.
المساهمون.. رغم خسائرهم العالية.. قد يخرجون من دون أرباح موزعة
أبرز ما تمخضت عنه الفترات الأخيرة في سوق الأسهم أن الأمر لم يعد مجرد تصحيح لمؤشر السوق وتراجع للأسعار السوقية للأسهم، ولكنه بدأ يمتد مؤخراً إلى تدني أو تقليص أو حجب الأرباح الموزعة إما لترحيلها إلى الاحتياطيات أو تكوين مخصصات أو إطفاءات أو غيرها من المبررات التي لا يمكن قبولها في ظل فترة يتصف فيها السوق بالاضطراب الشديد ولا يتمكن إلا نسبة ضئيلة من المتداولين من الخروج رابحين من التداول.. إن ما يحدث من حجب توزيع الشركات لأرباحها إنما يعد نوعاً من خلط الأوراق بتلبيس الأزمة المالية كسبب لهذا الحجب رغم أن الأزمة هي براء من خسائر الشركات في حالات كثيرة ومتعددة.. إن الأمر يتطلب نوعاً من التقنين الرسمي لإجبار الشركات على توزيع أرباح للمساهمين فيها، من خلال تحديد الأوضاع الاضطرارية التي يمكن أن تلجأ فيها إلى تكوين مخصصات.. فهل يعقل أن يكافئ الفشل في إدارات بعض الشركات بعقاب المساهمين ومنع توزيع أرباحهم؟
محلل اقتصادي : Hassan14369@hotmail.com