الفقر بمفهومه الضيق المتمثل بقلة المال شبح مخيف أشغل الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم؛ فالغني خائف والفقير غارق، والكل يفر منه فرار النعجة من براثن الذئب، ومن لَسَعهُ الفقر واصطلى بناره عرف معناه وحسب له حسابه. والفقر قدر من أقدار الله، ولله فيه حكمة، والناس غير مدركين لهذه الحكمة، وكما جاء في الحديث أن من الناس من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغناه الله لفسد حاله.
أيها الفقير، تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا، وانظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، وادفع قدر الله بقدر الله، وابذل الجهد في تحصيل الرزق، ولا تترفع عن عملٍ من شأنه أن يغنيك عن الناس، واحمد الله على كل حال، وارفع يدك إلى السماء، واربط قلبك بالله وسله أن يوسع لك في رزقك، وتذكر ما تملكه من ثروة غير ملموسة (صحة وعافية، سمع وبصر، زوجة وذرية، وقبل ذلك إيمان وأمان..) لو تفرست فيها لعرفت نعمة الله عليك، ولو عرضت عليك أموال الدنيا لِتتنازل عن جزء من هذه الثروة لما قبلت ذلك. واعلم أن السعادة ليست في المال وحده، وأن من الأغنياء ممن يملك المليارات من الريالات يتمنى لو عاش مثل حياتك وتذوق ما أنت فيه من سعادة وهناء. اجعل الآخرة أكبر همك تأتيك الدنيا وهي راغمة، وتذكر أن من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له.
imis1234@hotmail. com