Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/07/2009 G Issue 13449
السبت 03 شعبان 1430   العدد  13449
شيخ من المشايخ الزاهدين
خالد عبدالعزيز الحمادا

 

في مشهد مهيب وموقف عصيب وزحام شديد سارت جنازة الشيخ فوق رؤوس الجموع من المصلين الذين اكتظ بهم جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب (جامع الونيان)، وضاقت بهم جنبات وساحات المسجد.. دمعت العيون وحزنت القلوب وودعت بريدة وبكت عالماً جليلاً وزاهداً ورعاً صالحاً لطالما أحيا ليله صلاة وتهجداً وعبادةً ونهاره صياماً وعملاً صالحاً متعدياً من دروس علمية وحلقات ومجالس ذكر متواصلة في جامعه في حي الفاخرية في بريدة، الذي أمّ المصلين فيه سنوات طويلة تصل إلى أكثر من ثلاثين سنة.. كان الشيخ محمد الفهد الرشودي نموذجاً صالحاً زاهداً سخّر وقته وجهده للعمل الصالح وبذل الخير ونشر الفضيلة، أدرك أن الحياة أيام وبتناقصها ينقص عمرك وتوشك أن تنتهي رحلتك في هذه الحياة، فحرص رحمه الله على أن يملأ دقائق هذه الأيام بالعمل وأن يستثمرها بأصناف الخير، فكان رحمه الله صواماً قواماً محباً للمساكين متلطفاً متعاطفاً معاوناً ومسانداً للضعفاء.

ولقد ودعنا يوم الخميس 16-7 وهو صائم وهذا - إن شاء الله - من حسن الخاتمة.. فكان رحمه الله يمسح رؤوس الأيتام ويقوم على شؤون المحتاجين والأرامل، فهو العالم العامل الذي عمل بما تعلم.. درس أخلاق ومبادئ وأحكام هذا الدين، فتعلمها ووعيها وعمل بها فبانت وظهرت في تصرفاته وتعاملاته مع الناس.. رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى أحب الناس فأحبوه وأقبلوا عليه وتزاحموا على جنازته ف(أنتم شهداء الله في أرضه)، أحبه الناس لأن صدره انشرح لهم ودواخله صفت لهم ووجهه ابتسم وبش لهم.. أحبه الناس لأنه كان يسأل عنهم فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، كان يزور مريضهم ويساعدهم ويقضي حوائجهم.. {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}، و(المؤمن كالغيث أينما وقع نفع) فعلاً الشيخ محمد بن فهد الرشودي كان رجلاً مباركاً نافعاً أينما حل ظهر خيره وانتشر فضله.. رحل الشيخ إلى ربه، انقضت أيامه، انتهى أجله، توقف عمله.

وبقي لنا هذا الأثر الخير الذي طالما أوقد نوره وأشعل قنديله بيننا، إنها الأعمال الصالحة الكثيرة التي كان يمارسها بيننا والأخلاق الرفيعة التي كان يتمثل واقعاً بيننا.. فرحمك الله رحمة واسعة ورفع درجتك في جناته العالية.. ورزقنا وذويك الصبر والسلوان ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.



alhamada1427@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد